لاغارد: دول التحول العربي مطالبة بمنح الاستقرار الاقتصادي أولوية قصوى

مديرة صندوق النقد الدولي قالت إنها بحاجة لمضاعفة معدلات النمو وتوفير وظائف للشباب

كريستين لاغارد تتحدث للصحافيين بعد لقائها نزار بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي في الرباط أمس (رويترز)
كريستين لاغارد تتحدث للصحافيين بعد لقائها نزار بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي في الرباط أمس (رويترز)
TT

لاغارد: دول التحول العربي مطالبة بمنح الاستقرار الاقتصادي أولوية قصوى

كريستين لاغارد تتحدث للصحافيين بعد لقائها نزار بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي في الرباط أمس (رويترز)
كريستين لاغارد تتحدث للصحافيين بعد لقائها نزار بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي في الرباط أمس (رويترز)

قالت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي أمس إن الدول العربية التي «هبت عليها رياح التغيير» في السنوات الثلاث الماضية تحتاج إلى مضاعفة معدلات النمو وتوفير الوظائف اللازمة للشباب وإعطاء أولوية قصوى للاستقرار الاقتصادي.
وأضافت لاغارد التي كانت تتحدث أمام أعضاء «المجلس الاقتصادي والاجتماعي» وهو هيئة استشارية للحكومة والبرلمان المغربيين «الخلاصة هي أن الاستقرار الاقتصادي يجب أن يكون أولوية قصوى فالميزانيات الحكومية التي لا تخضع للسيطرة والدين المتزايد والتضخم المرتفع واحتياطات النقد الأجنبي المتراجعة.. ستضع مزيدا من العراقيل أمام النمو وتفرض أعباء على الفقراء.. غير أن الاستقرار وحده لا يكفي فبلدان التحول تواجه اليوم أزمة طاحنة في فرص العمل وهو أمر يجب معالجته».
وقالت لاغارد «إن معدلات البطالة تبلغ 13 في المائة وإن البطالة بين الشبان تعادل ضعفي هذا المتوسط حيث وصلت إلى 29 في المائة وهو من أعلى المعدلات على مستوى العالم».
وأضافت أن المنطقة تواجه «الموجة الأكبر على مستوى العالم فيما يتعلق بتضخم السكان من الشباب حيث يطرق أبواب سوق الشغل ثلاثة ملايين شاب سنويا».
وقالت لاغارد إن «تحديات مرحلة التحول هي توفير فرص العمل اللازمة لتلبية تطلعات جيل صاعد مع إقامة اقتصاد حيوي وديناميكي يتيح الفرص للجميع».
ولتحقيق هذه المعادلة قالت إنه يجب «مضاعفة معدلات النمو التي تبلغ مستوياتها الحالية نحو ثلاثة في المائة... كما نحتاج إلى رؤية نمو يضيف فرص عمل أكثر مما يضاف في الوقت الراهن».
وركزت لاغارد على دور الطبقة المتوسطة في دفع عجلة الاقتصاد، مشيرة إلى أنه «في كثير من بلدان التحول مثل مصر والمغرب والأردن أصبح نصيب الطبقة المتوسطة من ثروة المجتمع اليوم أقل مما كان عليه في ستينات القرن الماضي كما أن المركز النسبي للطبقة المتوسطة لم يتحسن منذ تسعينات ذلك القرن حيث كان النمو أعلى بكثير من معدلاته اليوم».
وقالت «دعوني أصارحكم أن مكاسب النمو غالبا ما كان يستحوذ عليها أهل القمة تاركين الكثيرين صفر اليدين».
وبالنظر إلى المستقبل قالت لاغارد «ينبغي أن تأخذ الدولة خطوة إلى الوراء في بعض المجالات وخطوة إلى الأمام في مجالات أخرى.. وينبغي على الدولة أن تقلص الدعم المعمم وتقدم مزيدا من الخدمات الأساسية للمهمشين من خلال شبكة للأمان الاجتماعي».
ودعت مديرة صندوق النقد الدولي الدولة في بلدان التحول العربي إلى ممارسة دورها كصاحب عمل وتعزيز دورها كجهة تنظيمية فعالة ومحايدة وطرف داعم لتمكين القطاع الخاص من أن يكون المصدر الأكبر لفرص العمل الجيدة. وقالت «القطاع العام إذا أخذ خطوة للوراء سيتمكن القطاع الخاص من أخذ خطوة إلى الأمام».
وأضافت أنه بالإضافة إلى توفير الوظائف هناك حاجة إلى تمكين القطاع الخاص وترسيخ الشفافية والحكومة الرشيدة، مبينة أن «الطريق الوسط الذي أوضحته هو طريق يمكن أن يحقق الطموحات المشروعة لمواطني المنطقة».



الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».