القلق الغربي من نشاط موسكو في القطب الشمالي يسخن الأجواء

مقاتلة روسية تعترض طائرة استطلاع أميركية فوق البحر الأسود والكرملين ينفي المغامرة

مقاتلات روسية خلال تدريبات جوية في موسكو استعداداً للاحتفالات بالنصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية (أ.ب)
مقاتلات روسية خلال تدريبات جوية في موسكو استعداداً للاحتفالات بالنصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية (أ.ب)
TT

القلق الغربي من نشاط موسكو في القطب الشمالي يسخن الأجواء

مقاتلات روسية خلال تدريبات جوية في موسكو استعداداً للاحتفالات بالنصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية (أ.ب)
مقاتلات روسية خلال تدريبات جوية في موسكو استعداداً للاحتفالات بالنصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية (أ.ب)

تولي روسيا منذ عام 2013 اهتماماً خاصاً بتعزيز وجودها العسكري في منطقة القطب الشمالي. وبدأت منذ ذلك الوقت العمل على تشكيل قوات مستقلة في تلك المنطقة، تتضمن كتائب وفرقاً قتالية مختلفة، جوية وبرية وبحرية. وفي عام 2015، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن خطة لتأسيس مجموعة القوات القطبية، على أن تصبح تلك المجموعة العسكرية على أهبة الاستعداد بحلول عام 2018، وقال أمام اجتماع للمنظمة الجغرافية الروسية: «نحن لا نخفي أي أمر عن أحد، لقد انتهينا عملياً من بناء قواعد على جزر نوفوسيبيرسك، وكوتيلن»، مؤكداً: «إنها قاعدة كبيرة لم يكن مثيل لها حتى في الحقبة السوفياتية، وهناك أسلحة حديثة».
وأمس طالب السيناتور الأميركي دان سوليفان بتعزيز واضح لوجود القوات المسلحة الأميركية في المنطقة القطبية الشمالية لولاية آلاسكا. وقال عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن الحزب الجمهوري في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية إن روسيا، التي تبعد عن آلاسكا مائة كيلومتر فقط، قامت بجهود عسكرية هائلة في المنطقة. وذكر سوليفان أن روسيا تؤسس قدراتها العسكرية في المنطقة القطبية الشمالية على نطاق كبير، موضحاً أنها حلقت فوق المنطقة خلال الشهر الماضي وحده 5 مرات بقاذفات قنابل تعمل بأربع محركات، وقال: «يتعين إبداء التضامن والقوة أيضاً عندما يتعلق الأمر بروسيا»، مؤكداً ضرورة أن تكثف الولايات المتحدة من وجودها العسكري في آلاسكا، مطالباً بإرسال كاسحات جليد جديدة إلى المنطقة. وتزايد الاهتمام بالطلعات الجوية الروسية في القطب الشمالي وقرب آلاسكا على خلفية المخاوف الأميركية من تعزيز روسيا لوجودها العسكري في تلك المنطقة.
ومن جانب رفضت روسيا اعتبار حادثة اعتراض مقاتلاتها لطائرة استطلاع أميركية فوق مياه البحر الأسود أنه «مخاطرة». هذا ما أكده دميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين في توضيحه لموقف بلاده من حادثة اقتراب مقاتلة روسية من طائرة استطلاع أميركية، وما إذا كان يعتبر الحادثة مغامرة تنطوي على مخاطر، بعد الأخذ بالاعتبار تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي قال خلال الحملة الانتخابية: «يجب إسقاط المقاتلات الروسية بحال شكلت تهديداً للمقاتلات الأميركية». تصريحات بيسكوف جاءت تعليقاً على معلومات ذكرتها قناة «إن بي سي»، نقلاً عن عسكريين أميركيين، قالوا إن مقاتلة روسية حلقت على بعد 6 أمتار فقط عن طائرة استطلاع أميركية، كانت تنفذ مهمة دورية فوق المياه الدولية في البحر الأسود. وحسب قول قائد طائرة الاستطلاع الأميركية، فإن مناورة المقاتلة الروسية لم تحمل أي مخاطر، وكانت مهنية.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن مقاتلة من طراز «سو - 30» انطلقت يوم 9 مايو (أيار) في مهمة لاعتراض طائرة استطلاع من طراز «بوسيدون»، وأضافت في تعليق رسمي أن «المقاتلة الروسية نفذت مناورة (التحية) للطيارين الأميركيين، ومن ثم غيرت طائرة الاستطلاع الأميركية وجهتها وحلقت مبتعدة عن الحدود الروسية. وعادت المقاتلة (سو - 30) إلى قاعدتها بأمان». وهذه ليست الحادثة الأولى من نوعها بين القوات الجوية للبلدين في المناطق القريبة من الحدود الروسية. وفي وقت سابق، قالت قناة «فوكس نيوز» نقلاً عن مصدر عسكري أميركي، إن مقاتلات أميركية اعترضت بالقرب من آلاسكا، بالقرب من القطب الشمالي، قاذفة استراتيجية روسية ومقاتلة متعددة المهام. وفي التعليق على تلك الحادثة، أوضح الجانب الروسي أن القاذفة الاستراتيجية الروسية «تو - 95» التي يطلق عليها وفق تصنيفات الناتو (الدب) ومعها مقاتلة متعددة المهام من طراز «سو - 35» كانتا تجريان طلعة جوية في المنطقة، ضمن خطة العمل الطبيعية. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها تنفذ بشكل دوري مثل تلك الطلعات الجوية، التي تشمل أجواء المحيط الأطلسي، والقطب الشمالي، ومناطق البحر الأسود، والمحيط الهادي. وتجدر الإشارة إلى أن القاذفات الروسية كانت قد نفذت دوريات جوية، ليس ببعيد عن آلاسكا، على مدار 4 أيام في شهر أبريل (نيسان).
وفي معظم حالات اقتراب الطائرات الأميركية والروسية من بعضها بعضاً لمسافات خطيرة، يؤكد العسكريون من الجانبين أن «الاقتراب كان بعيداً عن المخاطرة، ومهني»، وهذا ما قاله القادة في القوات الجوية الكندية والأميركية في تعليقهم على تحليق قاذفة «الدب» الروسية بالقرب من آلاسكا. غير أن التوتر السياسي بين روسيا والغرب بشكل عام، يلقي بظلاله على تلك الحوادث، ويجعل منها مواقف «بدرجة عالية من السخونة».
وفي العام الحالي (2017) تخطط وزارة الدفاع الروسية إلى الانتهاء من تشييد أكثر من 100 منشأة من منشآت البنى التحتية العسكرية في القطب الشمالي، بما فيها مجمع عسكري ضخم يجري تشييده حالياً، يحمل اسم «ثلاثي الأوراق القطبي»، وهذه المنشأة هي القاعدة العسكرية الثانية المخصصة في القطب الشمالي لإقامة الأفراد من قوات الدفاع الجوي في شمال روسيا. وتبلغ مساحة مجمع «ثلاثي الأوراق القطبي» 14 ألف متر مربع، يتسع لأكثر من 150 فرداً، يمكنهم البقاء هناك وممارسة مهامه العسكرية بصورة مستقلة بعيداً عن العالم، على مدار 18 شهراً.
وقامت روسيا بنشر محطات رادارية متطورة في القطب الشمالي، مثل منظومة «بودسولنوخا» القادرة على رصد الأهداف على مسافة 450 كلم وتحديد 300 هدف بحري و100 هدف جوي في آن واحد، وتقوم بنقل تلك المعلومات إلى مجموعات السفن الحربية الروسية وإلى منظومات الدفاع الجوي على الساحل القطبي. كما يعتبر أسطول الشمال الروسي جزءاً من القوات الروسية في منطقة القطب الشمالي، ويضم طرادات صاروخية نووية، وغواصات وحاملة طائرات، فضلاً عن سفن مزودة بمنظومات صاروخية مضادة للسفن والغواصات، ومن المقرر زيادة عدد القطع الحربية في أسطول الشمال وضم قرابة 20 سفينة بمهام متعددة إليه. وفي العام ذاته (2015) نشرت القوات الروسية منظومة صواريخ «إس - 300» المحدثة في القطب الشمالي، ضمن منظومة الدفاع الجوي في المنطقة. وأخيراً أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن نيتها اختبار أنواع جديدة من المدرعات المجنزرة، مع منتصف فبراير (شباط) من العام الحالي، في القطب الشمالي، وسيتعين على تلك الآليات أن تقطع مسافة تزيد على ألفي كيلومتر، ضمن درجة حرارة 60 درجة تحت الصفر. وكل هذا في إطار الخطط العسكرية لتعزيز القوات الروسية في منطقة القطب الشمالي، لحماية المصالح الاقتصادية الروسية هناك، فضلاً عن تشكيل قوة ردع بمواجهة النشاط العسكري الغربي في القطب. وتبرر روسيا نشاطها في المنطقة بضرورة الدفاع عن المصالح والأراضي الروسية، إلا أن الغرب يتعامل بحذر مع تلك التحركات.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».