الاشتباك الكهربائي بين «القوات اللبنانية» و«الوطني الحر» انسحب على قانون الانتخاب

الطرفان يقرّان بالخلاف ويتعهدان بحماية «تفاهم معراب»

الاشتباك الكهربائي بين «القوات اللبنانية» و«الوطني الحر» انسحب على قانون الانتخاب
TT

الاشتباك الكهربائي بين «القوات اللبنانية» و«الوطني الحر» انسحب على قانون الانتخاب

الاشتباك الكهربائي بين «القوات اللبنانية» و«الوطني الحر» انسحب على قانون الانتخاب

اتخذ الخلاف بين الحليفين المسيحيين حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» (التيار العوني) في لبنان حول خطّة الكهرباء، منحى تصاعدياً، خصوصاً بعد الهجوم الذي شنّه وزراء «القوات» على الخطة التي قدمها وزير الطاقة سيزار أبي خليل (عوني) والتي تقضي باستئجار بواجر جديدة لتزويد لبنان بكمية إضافية من الكهرباء على أبواب فصل الصيف. إذ رد وزراء «القوات» على خطة أبي خليل بأنهم «سيتخذون الخطوات اللازمة داخل الحكومة ومجلس النواب، لمواجهتها وإسقاطها»، إلا أن طبيعة السجال توحي - وفق المتابعين - بأن تباينات الطرفين باتت تتخطى ملف الكهرباء، لتصل إلى قانون الانتخابات، والخلاف على أسماء مرشحيهما في المناطق التي يتقاسمان فيها القواعد الشعبية، رغم محاولة الطرفين حصر سوء التفاهم بملف الطاقة، وتشديدهما على حماية التفاهمات السياسية.
هجوم وزراء «القوات اللبنانية» على خطة وزير الطاقة لم تتوقف عند النواحي الإجرائية، بل إنهم لمحوا إلى «شبهات» تحوم حول الصفقة. إذ أعلن الوزراء غسان حاصباني وملحم رياشي وبيار أبو عاصي خلال مؤتمر صحافي مشترك، أول من أمس أنهم سيتخذون «الخطوات اللازمة داخل مجلس الوزراء وخارجه لوضع الأمور المتعلقة بالقطاع الكهربائي في مسارها حفاظا على المال العام ولقيام دولة القانون»، معتبرين أن «إطلاق عملية استدراج العروض جاءت مخالفة لقرار الحكومة، إذ لم يعرض على مجلس الوزراء أي دفتر شروط، بل اعتمدت وزارة الطاقة دفتر شروط معدلا، أقرته حكومة سابقة، أجريت بموجبه صفقة عامة شابتها ثغرات قانونية وإجرائية».
من جانبه أعلن وزير الطاقة من مجلس النواب أمس، أن «الكهرباء لن تؤمن في الصيف إلا عبر خطة طارئة ومستعجلة». وتابع: «نريد طاقة مستعجلة أي معمل جاهز، وعائم، لأن الشاطئ هو المكان الوحيد الذي يمكن أن نصل منه إلى الشبكة ونؤمن الطاقة أو الغاز، وهذا الخيار لا يزال الأوفر على الحكومة والمواطنين». ثم أشار إلى أن «الخطة تقوم على تصحيح التعرفة حتى لا نزيد العبء على الدولة، ونوفر ساعات المولدات الخاصة على المواطنين بالتالي نوفر بالفاتورة الإجمالية ما بين 45 و54 في المائة».
ورغم الكلام القاسي الذي انطوى عليه موقف وزراء «القوات»، أوضح عضو تكتل «التغيير والإصلاح» الوزير (العوني) السابق ماريو عون، أن الخلاف مع «القوات» على خطة الكهرباء «لن يصل إلى خلاف سياسي يطيح بتفاهم معراب». لكنه في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، رأى أن «هذه الحملة على وزير الطاقة لا تخدم التفاهم السياسي». وأكد عون أن «الأسباب التي ساقها وزراء القوات ليست في مكانها، لأننا على أبواب فصل الصيف، ونريد تأمين التيار الكهربائي للبنانيين، ويكفي فلسفة... وذر للرماد في العيون»، مشدداً على أن «المطلوب في هذه المرحلة توسيع دائرة التفاهمات السياسية للاتفاق على قانون للانتخابات، بدل التلهي في خلافات عقيمة».
من جهته، اعتبر شارل جبور، مسؤول جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية»، أن «خطة الكهرباء التي قدّمها وزير الطاقة سقطت سياسيا وقانونياً، كما أن الرأي العام اللبناني نزع الغطاء الشعبي عنها». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخلاف مع التيار الوطني الحر في معالجة الملفات الخدماتية، لا يعني أن هناك خلافاً سياسياً على الإطلاق». وأردف جبور بأن «العلاقة مع التيار الحر مبنية على مسلّمات عدة، أهمها عدم العودة إلى الماضي، والتأكيد على أن أي تمايز لن يتحول إلى خلاف سياسي». واستطرد: «نحن متفاهمون على الوصول إلى قانون انتخابي ينتج عنه سلطة ميثاقية ومناصفة حقيقية. وهذه المناصفة لا تتأمن إلا في ظلّ التفاهم بين القوات والتيار الحرّ»، مشدداً على أن «الاختلاف القائم حالياً لا يتعدى الاشتباك الكهربائي». ورأى أن «المطلوب من وزير الطاقة أن يحمي نفسه بالقانون، عبر اللجوء إلى إدارة المناقصات، لأن خطته تعتريها شبهات، وبالتالي عليه توسيع دفتر شروط المناقصات لشراء الكهرباء بكلفة أقل».
جدير بالذكر، أن حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» وقعا مطلع عام 2016 ما سمّي «تفاهم معراب» الذي تضمن الاتفاق على عناوين سياسية عريضة، وأعلن خلاله رئيس حزب «القوات» سمير جعجع دعمه ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. ولكن، لا يخفي «التيار» امتعاضه من حملة «القوات» على وزير الطاقة، الذي هو أحد وزراء «التيار» في الحكومة، إذ قال ماريو عون، إن وزراء القوات «دخلوا بسجال ليس في مكانه، وهم يعرفون أن أي خلاف سياسي لا يخدم العلاقة بين الطرفين، لكنني أؤكد أن التفاهم السياسي سيبقى قائما، وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء». وأضاف عون: «إذا كانوا لا يريدون خطة الكهرباء فليرفضوها في مجلس الوزراء، ويتحملون مسؤولية أفعالهم أمام اللبنانيين، وعواقب السياسة العقيمة التي تضرّ بمصلحة البلد».
وبالتالي، الواضح حتى الآن، يحاول الطرفان حصر الخلاف بملف الكهرباء دون سواه، إذ استبعد شارل جبور «أي اشتباك بين الطرفين على قانون الانتخابات»، لكنه شدد على أن «المشروع المطروح بقوة الآن، هو النسبية بـ15 دائرة، والبحث قائم على حجم الدوائر ونقل المقاعد وإنشاء مجلس للشيوخ». واعتبر أن «مشروع القانون التأهيلي الذي قدمه الوزير جبران باسيل سقط، ومَن أسقطه «حزب الله» حليف التيار الوطني الحرّ»، مؤكداً أن اللبنانيين «أمام خيارين، إما السقوط في المجهول والفوضى الدستورية، وإما الوصول إلى قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل عبر دوائر متوسطة مع صوت تفضيلي على مستوى القضاء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.