انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة الجزائرية المنبثقة عن الانتخابات

بوتفليقة يطلب عودة حزب إسلامي معارض إلى الطاقم التنفيذي

انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة الجزائرية المنبثقة عن الانتخابات
TT

انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة الجزائرية المنبثقة عن الانتخابات

انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة الجزائرية المنبثقة عن الانتخابات

كشف عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي الجزائري «حركة مجتمع السلم»، عن لقاء جمعه أمس برئيس الوزراء عبد المالك سلال بقصر الحكومة، ونقل عنه أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يريد عودة الحزب إلى الحكومة بعد خمس سنوات من خروجه منها، وذلك على خلفية أحداث «الربيع العربي» التي جرت في بعض دول المنطقة، وخاصة تونس المجاورة.
وصرح مقري لصحافيين أن «السيد سلال أكد لي أن رئيس الجمهورية يطلب عودة حركتنا إلى الحكومة، وقلت له من جهتي إن قرارا مثل هذا يتخذه مجلس الشورى الوطني، الذي سيعقد اجتماعا بعد قرار المجلس الدستوري بشأن الطعون»، في إشارة إلى الطعون التي رفعتها عشرات الأحزاب إلى «المحكمة الدستورية»، احتجاجا على ما سمته «تزوير» نتائج انتخابات البرلمان التي جرت الأسبوع الماضي.
ويرتقب أن يشكل بوتفليقة حكومة جديدة بعد 23 من الشهر الجاري، تاريخ انطلاق عمل «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) بتشكيله الجديد، الذي يتكون من 462 نائبا.
وحصلت «مجتمع السلم»، التي تحالفت مع الحزب الإسلامي «جبهة التغيير»، على 33 مقعدا في الانتخابات، ما يجعل منها القوة السياسية الثالثة بعد «جبهة التحرير الوطني»، وهي حزب الرئيس (164 مقعدا)، و«التجمع الوطني الديمقراطي» بقيادة وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى (100 مقعد).
وتحدث مقري عن وجود ثلاثة توجهات داخل الحزب بشأن مسألة العودة إلى الحكومة. الأول سماه «راديكاليا» يرفض عرض الرئيس، ولا يرغب حتى في المشاركة في البرلمان، بحسب مقري الذي يمثل هذا التوجه، والذي عرف عنه حدة خطابه تجاه السلطة منذ تسلمه قيادة الحزب عام 2012.
أما التيار الثاني فسماه «مهادنا»، وهو وفي لـ«خط المشاركة في الحكومة» الذي أسس له رئيس الحزب الشيخ الراحل محفوظ نحناح. ويمثل هذا التيار رئيس الحزب أبو جرة سلطاني، وهو وزير دولة سابق. فيما وصف التيار الثالث بـ«المعتدل»، وهو من سيحسم أمر العودة إلى الحكومة بحسب مقري، الذي يوجد في حرج كبير حاليا، خاصة أنه طالب قبل أشهر قليلة، رفقة قيادات في المعارضة، بعزل الرئيس بوتفليقة عن الحكم، بحجة أنه عاجز عن تسيير دفته بسبب المرض. ويحتمل أن يقدم استقالته من رئاسة الحزب، في حال قرر «مجلس شوراه» العودة إلى الحكومة، علما بأنه تجمع بين مقري وأبو جرة خصومة حادة ظاهرة للعيان.
ويفهم من اللقاء الذي جمع مقري بسلال أن رئيس الوزراء الحالي سيبقى في منصبه، طالما أنه كلف من الرئيس بإجراء اتصالات مع الأحزاب بخصوص تشكيل الحكومة. وينص الدستور على أن رئيس الجمهورية يختار الطاقم الحكومي بعد استشارة الأغلبية. وبخصوص موضوع رئيس البرلمان الجديد، الذي جرت العادة أن يكون من الحزب الحائز على المرتبة الأولى في الانتخابات، فإنه يتم حاليا تداول بعض الأسماء للمنصب، ومنها سيد أحمد فروخي وزير الفلاحة سابقا، الذي قاد لائحة مرشحي «جبهة التحرير» بالعاصمة.
يشار إلى أن «مجتمع السلم» شارك في بعض حكومات الرئيس السابق اليمين زروال، وفي أغلب حكومات الرئيس بوتفليقة. كما كان عضوا في «تحالف رئاسي» دعم سياسات بوتفليقة، وتشكل أيضا من «جبهة التحرير» و«التجمع الديمقراطي». وخرج الحزب الإسلامي من هذا التكتل خلال أحداث «الربيع العربي»، ظنا منه أن رياح التغيير ستسقط النظام في الجزائر.
وبخصوص الحكومة المرتقبة، أوضح أبو جرة سلطاني أن «المصلحة الوطنيّة اليوم تقتضي دعم البرلمان الفسيفسائي الجديد (مشاركة أكثر من 25 حزبا فيه) بحكومة سياسيّة قويّة واسعة القاعدة لا يهمّ تسميتها. وتتشكّل هذه الحكومة أساسا ممن احتلّوا المراتب الأولى في الاقتراع الانتخابي الوطني الأخير، مع ضرورة إشراك بعض التكنوقراط وبعض الكفاءات الوطنيّة لمواجهة التحدّيات القائمة والقادمة، واستبعاد توتّرين ضاغطين سيصيران بعد حين من الماضي؛ فالجـزائر فوق الرؤوس والرؤساء».
ويتمثل «الضغطان»، حسب سلطاني في «نتائج انتخابات البرلمان المخيّبة لآمال البعض (وخاصة حزبه مجتمع السلم)، وضغط بعض دعاة التغيير العاجل بالنيّات التي تعوزها الإمكانيات، ودعاة رفض الواقع بخطاب عار من الواقعيّة، وضغط الذين عجزوا عن تحريك أشواق 63.64 في المائة من المستقيلين من الحياة السياسيّة»، في إشارة إلى عزوف نحو 15 مليون مسجل باللائحة الانتخابية عن صناديق الاقتراع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.