«الإقامة مقابل العقار» مبادرة مصرية لجذب الاستثمار الأجنبي

مختصون يؤكدون أنها تدعم الاقتصاد وتوفر «العملة الصعبة»

أقرت الحكومة والبرلمان في مصر مؤخراً عدداً من الأفكار المتعلقة بمنح الأجانب الإقامة مقابل شراء عقار أو وديعة بنكية (غيتي)
أقرت الحكومة والبرلمان في مصر مؤخراً عدداً من الأفكار المتعلقة بمنح الأجانب الإقامة مقابل شراء عقار أو وديعة بنكية (غيتي)
TT

«الإقامة مقابل العقار» مبادرة مصرية لجذب الاستثمار الأجنبي

أقرت الحكومة والبرلمان في مصر مؤخراً عدداً من الأفكار المتعلقة بمنح الأجانب الإقامة مقابل شراء عقار أو وديعة بنكية (غيتي)
أقرت الحكومة والبرلمان في مصر مؤخراً عدداً من الأفكار المتعلقة بمنح الأجانب الإقامة مقابل شراء عقار أو وديعة بنكية (غيتي)

أقرت الحكومة المصرية مطلع الأسبوع الحالي مبادرة تهدف إلى منح الإقامة المؤقتة للأجانب على الأراضي المصرية مقابل شراء عقار بالدولار الأميركي، وهو الأمر الذي يرى كثيرون أنه يدعم الاقتصاد المصري.
وقال المهندس طارق شكري، رئيس مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري، في بيان يوم الأحد الماضي، إن موافقة مجلس الوزراء المصري في اجتماعه الأخير على مبادرة الغرفة بمنح إقامة مؤقتة للأجانب مقابل شراء عقار بالدولار تدعم الاقتصاد المصري الذي يتوقع أن يستقبل مليارات الدولارات سنويا من حصيلة المبادرة.
وطرحت غرفة التطوير العقاري مبادرة لإعطاء الأجانب إقامة مؤقتة نظير شراء عقار بقيمة لا تقل عن 100 ألف دولار بعد الدراسات الأمنية من الجهات المختصة، شريطة أن يكون هذا المبلغ من خارج مصر، ويتم تحويله إلى البنك المركزي، الذي يقوم بدوره بأخذ تلك المبالغ وتحويلها إلى جنيه مصري.
وكان مجلس الوزراء المصري أقر تعديلا الأسبوع الماضي على قواعد منح الإقامة للأجانب لأغراض غير السياحة، تتضمن منح الأجانب إقامة في مصر لمدة عام في حالة شرائهم وحدات سكنية بقيمة 100 ألف دولار، ويمنح التعديل أيضا الأجانب إقامة لمدة 5 سنوات في حالة شرائهم وحدات سكنية بقيمة 400 ألف دولار.
ورحب شكري بموافقة مجلس الوزراء على المبادرة، التي توضح توجه الحكومة نحو الاهتمام والتفاعل مع المقترحات والأفكار غير التقليدية التي تقدمها الجهات المختلفة، بما فيها غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، وتبني أفكار جديدة خارج الصندوق تسعى لدعم الاقتصاد.
وأضاف شكري، أن المبادرة تمت مناقشتها مع عدد من الجهات الحكومية المختلفة، والتي أيدت المبادرة ودعمتها، خصوصا الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري.
وشدد شكري على أن العائدات الدولارية للمبادرة ستخفف الضغوط على العملة الأجنبية، كونها تساهم في توفير مليارات الدولارات للبنوك من خارج البلاد، وهو ما يعزز الاحتياطي الأجنبي، خصوصا أن المبالغ محولة من الخارج، وهو ما يضمن عدم الضغط على الطلب على الدولار محلياً.
وقال رئيس الغرفة إن السوق العقارية المصرية تعد أحد أهم الأنشطة الاقتصادية، ونشاطها يساعد في النمو الاقتصادي العام للدولة، موضحا أن القرار يساهم في رفع مبيعات الشركات وتنشيط السوق، خصوصا مع رغبة العرب المقيمين في مصر في الشراء، وهو ما يحقق لهم استقرارا يمكنهم من ضخ مزيد من الاستثمارات في الاقتصاد المصري، ويوفر فرص عمل.
وأشار إلى أن الغرفة نجحت منذ بدء نشاطها في تقديم عدد من المبادرات، وأن الجهات الحكومية استجابت لمجموعة منها بعد دراستها، ومنها إسناد استخراج تراخيص المشروعات العقارية إلى المكاتب الاستشارية التي دخلت حيز التنفيذ، وكذا منح الشركات العقارية مهلة 6 أشهر لتسليم مشروعاتها أسوة بشركات المقاولات.
ونوه شكري بأن الغرفة تدرس مجموعة من المبادرات مع الجهات الحكومية، وأن جميعها تهدف إلى المساهمة في تنشيط القطاع العقاري ودعم الاقتصاد المصري والمساهمة في رفع معدلات الاستثمار والتنمية.
وفي سياق ذي صلة، يذكر أنه في نهاية الشهر الماضي، وافقت لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري، على مشروع قانون منح الأجانب الإقامة مقابل وديعة بالعملة الأجنبية. وذلك خلال مناقشة تعديل بعض الأحكام بشأن دخول وإقامة الأجانب في مصر والخروج منها.
وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، اللواء كمال عامر، في تصريحات إعلامية آنذاك، إن «مشروع القانون يتماشى مع المصالح المصرية، وليس به أي عوار يؤثر على الأمن القومي، بل داعم له في الشق الاقتصادي»، مشيرا إلى أن «الهدف من مشروع القانون هو استحداث نظام جديد لإقامة الأجانب في مصر، وهو نظام (الإقامة بوديعة)». موضحا أن إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية ليس غاية في حد ذاته، بل هو مجرد تنظيم لإجراءات النظام المستحدث للإقامة بوديعة، مشيرا إلى أن إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية في البنوك المصرية استثمار غير مباشر، ويشجع الاستثمار العربي والأجنبي للدخول في المشروعات الاقتصادية بمصر.
وشرح عامر أن هناك فرقا بين الإقامة بوديعة والجنسية مقابل الاستثمار، حيث بموجب التعديل الحالي سيتم الأخذ بنظام الإقامة بوديعة، لأن الحصول على الجنسية مقابل الاستثمار يرتبط بشراء أصول معينة أو دفع مبالغ محددة في بعض المجالات التي تحددها الدولة، وهو النظام المعمول به في بعض الدول الآسيوية، بينما الإقامة بوديعة تعني أن يطلب أحد الأجانب الإقامة في مصر بهدف الاستثمار، ومن حقه بعد 5 سنوات من الإقامة طلب الحصول على الجنسية.
وأكد عامر أن منح الجنسية في حالة الإقامة بوديعة ليست حتمية وإنما جوازية، بمعنى أن منح الجنسية يرتبط بانطباق الشروط ذات الصلة وموافقة الأجهزة المختصة. وأشار عامر إلى أن الوديعة تكون بالعملة الأجنبية وتكون مجمدة دون فوائد ومدتها خمس سنوات.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».