قرر الاجتماع الوزاري الـ11 لدول جوار ليبيا الذي احتضنته الجزائر أمس، عقد اجتماعه التالي في طرابلس، وذلك للمرة الأولى منذ تأسيس المجموعة عام 2014 بعضوية الجزائر ومصر وليبيا، وتونس والسودان وتشاد والنيجر. وفي غضون ذلك أعلن المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، أمس، عن استعادة السيطرة على ميناء مدينة بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا، بينما تواصل قوات الجيش شن هجوم على آخر معاقل المسلحين المتطرفين في بنغازي.
وأعلن البيان الختامي لوزراء خارجية الجوار الليبي، رفضه مجددا للتدخل الخارجي والخيار العسكري لحل الأزمة، معتبرا أن الحوار بين الأفرقاء سيساهم في الحل، وشدد على أن مكافحة الإرهاب في ليبيا يجب أن تتم بطلب من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج والتي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة.
ورغم أن البيان أكد دعم دول الجوار لحكومة السراج، فإنه طالبها في المقابل بتشكيل حكومة تمثل جميع القوى السياسية الليبية، داعيا مجلس النواب الليبي إلى الانعقاد في الآجال المحددة لمنح الثقة لحكومة السراج.
كما أشاد البيان باللقاء الذي عقد مؤخرا في مدينة أبوظبي الإماراتية بين السراج والمشير حفتر، بالإضافة إلى الاجتماع الذي استضافته إيطاليا نهاية الشهر الماضي بين رئيس البرلمان ورئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا.
من جهته، قال مارتن كوبلر رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إن استمرار الفراغ قد يفتح المجال أمام من وصفهم بالمخربين، وطالب مجددا بدعم تنفيذ الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه برعاية دولية في منتجع الصخيرات بالمغرب قبل نحو عامين. وحث كوبلر خلال الاجتماع على وقف العنف بين الأطراف الليبية، معتبرا في المقابل أن المواجهات المسلحة بينهم تخدم الجماعات الإرهابية، ودعا إلى تأسيس آلية أمنية موحدة لمواجهتها وتدعيم الأمن على الحدود.
واعتبر عبد القادر مساهل، وزير الدولة الجزائري للشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، أن اجتماع أمس ينعقد في سياق تطورات مهمة، وباتجاه تسوية للأزمة في ليبيا على ضوء مؤشرات إيجابية نحو حوار ليبي يؤسس لمصالحة حقيقية ولبناء مؤسسات ليبية موحدة، وشدد بدوره على أن «حل الأزمة بيد الليبيين وحدهم... وعلينا كدول جوار ومنظمات إقليمية ومجتمع دولي أن نحترم إرادتهم، وأن نكون خير عون لهم على تثبيت ما يتوصلون إليه ومرافقتهم على درب المصالحة الوطنية».
ورد مساهل بمناسبة افتتاح الاجتماع على انتقادات وجهتها لجنة بمجلس النواب الموجود بمدينة طبرق، أقصى الشرق الليبي، على زيارة قام بها مؤخرا إلى الجنوب الليبي، بالتأكيد على أن الجولتين اللتين قام بهما إلى بنغازي والزنتان وطرابلس ومصراتة، وغيرها من المدن الليبية مؤخرا «تمت بموافقة السلطات الليبية وبالتنسيق معها»، مشيدا بالاستقبال الحار الذي حظي به من الإخوة الليبيين.
وكانت لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي قد انتقدت الزيارة المفاجئة، التي قام بها أول من أمس المسؤول الجزائري إلى جنوب ليبيا، ووصفتها بـ«التجاوز والانتهاك الفاضح لسيادة الدولة الليبية»، حيث أعرب رئيس اللجنة عن استغرابه من «دخول مساهل إلى ليبيا وتجوله في مدن الجنوب دون حسيب أو إذن مسبق من السلطات الليبية، وكأنه ولاية من ولايات الجزائر، فضلاً عن اجتماعه مع شخصيات ما تزال تحمل العداء والحقد على الليبيين»، على حد قوله.
ويأتي هذا الجدل قبل ساعات من زيارة من المقرر أن يقوم بها فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني إلى الجزائر اليوم، إذ قال بيان لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية إن السراج سيقوم بما سمته زيارة عمل في إطار التشاور الدائم بين الجزائر وليبيا قصد التوصل إلى حل سياسي دائم للأزمة التي تهز ليبيا منذ 2011. وأوضح البيان أن السراج سيجري محادثات مع الوزير الأول عبد المالك سلال حول الوضع في ليبيا، والتطورات الأخيرة التي طرأت على هذا الملف.
عسكريا، نجحت قوات الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر في شرق ليبيا، في السيطرة على ميناء بنغازي البحري بعد معارك عنيفة مع ميلشيات متطرفة بعضها محسوب على تنظيم القاعدة، إذ قال العقيد ميلود الزوي، الناطق باسم القوات الخاصة (الصاعقة والمظلات) التابعة للجيش، إنه تم السيطرة على ميناء بنغازي البحري، فيما أوضح مسؤول عسكري آخر مشاركة قوات من البحرية وسلاح الجو في شن غارات على المتطرفين لدعم التقدم البري لقوات الجيش على الأرض.
وقال بيان للجيش إن قواته سيطرت أيضا على مبنى الجوازات وساحة محكمة شمال بنغازي، بالإضافة إلى عمارة التأمين في منطقة سوق الحوت شمال بنغازي. فيما قال رياض الشهيبي، مسؤول الإعلام بقوات الصاعقة، إن قواته تقدمت في حي الصابري بوسط المدينة ومنطقة «سوق الحوت» المحاذية لميناء بنغازي، حيث يُحاصر مسلحو المجموعات المتطرفة، موضحا أن قوات الجيش سيطرت على بعض المواقع.
من جانبه، أوضح الرائد فضل الحاسي، آمر محور الضريح، أن عناصر الهندسة العسكرية فككت 9 حقائب كانت معدة للتفجير في صفوف قوات الجيش لدى تقدمها نحو من وصفهم بالمارقين بمحور وسط. وأظهرت أشرطة فيديو وصور نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي قوافل من الدبابات والعربات المدرعة وسيارات الإسعاف تتجه إلى مناطق القتال، علما بأن عددا من المسلحين المتطرفين لجأوا إلى حي الصابري ومنطقة سوق الحوت عندما طردوا من غرب المدينة في مارس (آذار) الماضي.
ومنذ ربيع 2014، يشن «الجيش الوطني الليبي» بقيادة حفتر حربا بلا هوادة على المجموعات المتشددة، وخصوصا «مجلس شورى ثوار بنغازي» الذي يضم مجموعات إسلامية متطرفة. وتمكن حفتر، العدو اللدود للمجموعات الإسلامية، من استعادة القسم الأكبر من بنغازي التي كانت مهد الثورة الليبية عام 2011، وسيطر عليها المسلحون المتشددون عام 2014.
دول جوار ليبيا تشدد على رفض التدخل الخارجي والخيار العسكري
قوات «الجيش الوطني» تستعيد ميناء بنغازي البحري
دول جوار ليبيا تشدد على رفض التدخل الخارجي والخيار العسكري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة