مقتل مسيحي في شمال سيناء على يد «داعش» يبدد آمال النازحين في عودة قريبة

مقتل مسيحي في شمال سيناء على يد «داعش» يبدد آمال النازحين في عودة قريبة
TT

مقتل مسيحي في شمال سيناء على يد «داعش» يبدد آمال النازحين في عودة قريبة

مقتل مسيحي في شمال سيناء على يد «داعش» يبدد آمال النازحين في عودة قريبة

أكدت مصادر أمنية محلية، ونواب بالبرلمان المصري، أمس، أن مواطناً مسيحياً قتل برصاص مسلحي «داعش» في مدينة العريش (شمال سيناء)، في أول حادث من نوعه بعد موجة نزوح جماعي لمسيحي المدينة قبل نحو شهرين.
وبدد الحادث آمال عشرات الأسر المسيحيين في عودة قريبة إلى ديارهم التي أجبروا على تركها، بعد أن توعدت عناصر التنظيم الإرهابي باستهدافهم. لكن مصادر قالت لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إنه «لا يجب اختزال المشهد في سيناء، باعتبار أن العنف موجه ضد المسيحيين فقط»، مشيرة إلى وجود أكثر من 30 ألف مواطن سيناوي نازح بسبب تردي الأوضاع الأمنية، غالبيتهم من المسلمين.
ويخوض الجيش المصري، بمعاونة الشرطة، حرباً شرسة ضد تنظيم داعش الإرهابي والجماعات الموالية له في شمال سيناء منذ سنوات، قتل فيها المئات من الجانبين. وأخيراً، بدأ التنظيم في استهداف المسيحيين.
وخلال شهر فبراير (شباط) الماضي، غادرت عشرات الأسر المسيحية منازلها في مدينة العريش، بعد قتل عناصر تنظيم داعش لـ7 منهم، في هجمات مسلحة شملت حرق منازلهم ومحالهم. وقدرت الحكومة المصرية الفارين المسيحيين بنحو 154 أسرة، تم تسكينها جميعاً في 7 محافظات، كما تكفلت الحكومة بإعانتهم مادياً واجتماعياً، بما يوفر لهم حياة كريمة.
وقالت الحكومة المصرية حينذاك إن مغادرة مسيحي شمال سيناء ديارهم كانت «بناء على رغبتهم الشخصية، خوفاً من تعرضهم لاعتداءات» الجماعات المسلحة، فيما وعدت بتأمين عودتهم في أقرب فرصة.
ووقع الحادث الأخير مساء أول من أمس (السبت)، في مدينة العريش، بعد يوم واحد من تحذير تنظيم داعش بأنه سيصعد هجماته ضد المسيحيين. وقالت مصادر أمنية إن مسلحين أطلقوا النار على مواطن مسيحي، يدعى نبيل صابر، كان قد رحل من مدينة العريش مع النازحين في فبراير الماضي، واستقر مع أسرته في مدينة بورسعيد، لكنه قرر العودة للعريش للاطمئنان على منزله ومحله، وجمع بعض المتعلقات الخاصة به. وعقب وصوله، بادره مسلحون من «داعش» بإطلاق النار عليه، فأردوه قتيلاً.
وأوضحت المصادر أن نبيل (40 عاماً) عاد للعريش بمفرده قبل نحو أسبوع لبحث إمكانية إعادة فتح محله، وعودته للعمل من جديد، إلا أنه فوجئ بمسلحين يقتحمون محله، ويطلقون النيران عليه، ليلقى مصرعه على الفور. وتم نقل الجثة إلى مستشفى العريش، وأخطرت النيابة التي تولت التحقيق.
وقال حسام الرفاعي، عضو مجلس النواب المصري عن محافظة شمال سيناء، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الأوضاع الأمنية بشكل عام في مدينة العريش، ومعظم شمال سيناء، غير مستقرة على الإطلاق، وغير آمنه لعودة النازحين في الوقت الراهن، كاشفاً عن قيام مسلحي «داعش» بقتل 3 من المواطنين (المسلمين) في نهار يوم الجمعة، في مدينة رفح، في مشهد متكرر.
وأضاف: «الدولة تعمل بكل قوة ونجاح لبسط سيطرتها في تلك المنطقة، وإن المواجهات تشهد خسائر كبيرة بين عناصر التنظيم التي تلجأ في المقابل لعمليات خسيسة، مثل تلك الأحداث، لترهب بها المواطنين». وشهدت مصر أخيراً عدداً من العمليات الإرهابية التي استهدفت المسيحيين، كان آخرها مقتل نحو 50 في تفجيرين لكنيستين بمدينتي طنطا والإسكندرية، في أبريل (نيسان) الماضي. أعلنت على أثره السلطات المصرية حالة الطوارئ في عموم البلاد لمدة 3 أشهر.
في السياق ذاته، قالت قبيلة الترابين، في شمال سيناء، إنها تخوض حرباً مع تنظيم داعش الذي يقوم بالذبح والقتل والتدمير، في إطار تعاونها مع الجيش المصري، وفقاً لبيان جديد نشره المتحدث باسمها، موسى الدلح، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
وأضاف البيان، أمس: «نعمل تحت مظلة الدولة، وتحت قيادة قواتنا المسلحة، ونحن جزء من الدولة المصرية، وجزء لا يتجزأ من شعب مصر العظيم»، ونوه إلى أن القبيلة سوف تعود إلى حياتها الطبيعية بعد انتهاء ما وصفه بكابوس تنظيم ولاية سيناء.
وأكد البيان أن هدف القبيلة الأساسي هو محاربة تنظيم داعش الإرهابي، مشدداً على أن القبيلة لا تكن عداوات لأحد، ولا تعتدي على أحد، وليست لها أية أهداف أخرى. وختمت القبيلة بيانها بالتأكيد على أنها تكن «كل تقدير واحترام لكل جيراننا من أبناء القبائل الأخرى وغيرهم، ونحترم حق كل الناس في الحياة في أمن وسلام». وسبق أن أعلنت القبيلة، نهاية الشهر الماضي، القبض على 9 من عناصر تنظيم داعش، وتسلميهم للجيش المصري، كما أعلنت قتل 8 آخرين خلال مواجهات جنوب مدينة رفح.o



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».