إسرائيل تجلب أطباء من الخارج لإطعام الأسرى المضربين بالقوة

جرحى بينهم صحافيون إثر اعتداء قوات الاحتلال على مظاهرات تضامنية في الضفة

صحافيون ينقلون زميلاً لهم أصيب خلال اعتداء القوات الإسرائيلية على مظاهرة داعمة للأسرى في بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
صحافيون ينقلون زميلاً لهم أصيب خلال اعتداء القوات الإسرائيلية على مظاهرة داعمة للأسرى في بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تجلب أطباء من الخارج لإطعام الأسرى المضربين بالقوة

صحافيون ينقلون زميلاً لهم أصيب خلال اعتداء القوات الإسرائيلية على مظاهرة داعمة للأسرى في بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
صحافيون ينقلون زميلاً لهم أصيب خلال اعتداء القوات الإسرائيلية على مظاهرة داعمة للأسرى في بيت لحم أمس (أ.ف.ب)

مع إعلان السلطات الإسرائيلية سلسلة إجراءات جديدة للضغط على الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام لليوم التاسع عشر على التوالي، وفي مقدمتها جلب أطباء من الخارج لإطعامهم بالقوة، خرجت جماهير غفيرة من الفلسطينيين في مسيرات غضب واحتجاج، واشتبكت مع قوات الاحتلال التي حاولت سد طريقها، مما أدى إلى سقوط عشرات الجرحى، بينهم صحافيون كانوا يغطون المظاهرات.
وحذر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، ورئيس «نادي الأسير الفلسطيني» قدورة فارس، من خطر يتهدد حياة الأسير مروان البرغوثي وغيره من المضربين. وتوجهت هيئة شؤون الأسرى إلى منظمة الصحة العالمية لاتخاذ موقف ضد نية إدارة مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي تطبيق سياسة التغذية القسرية بحق الأسرى المضربين عن الطعام منذ 17 أبريل (نيسان) الماضي.
وجاءت هذه الرسالة إثر الأنباء التي تداولتها وسائل الإعلام الإسرائيلية عن بدء تحضيرات أولية لنقل أطباء من دول أجنبية لتنفيذ التغذية القسرية بحق الأسرى المضربين. وأشارت إلى أن نقابة الأطباء في إسرائيل رفضت تطبيق الإطعام القسري لما قد يترتب عليه من نتائج قاتلة، ولذلك فإن الاتجاه لتفعيله يعني الإعدام المتعمد للأسرى.
وأكدت اللجنة الإعلامية المنبثقة عن هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، أمس، أن «الموقف الدولي حرم هذا النوع من التغذية، وأكد أن للأسير الحق بأن يختار بإرادته وسيلة الإضراب عن الطعام كوسيلة احتجاج شرعية، ولا يحق لأي طرف التدخل في إرادته». ونوهت بأنها تعتبر ذلك «ترخيصاً لقتل الأسرى الفلسطينيين تحت ذريعة حماية الأسير»، مشيرة إلى أن «تطبيق هذه السياسة تسبب باستشهاد الأسيرين راسم حلاوة وعلي الجعفري في سجن نفحة عام 1980، خلال إضرابهما عن الطعام».
وبيّنت أن «التغذية القسرية تتم باستخدام ما يسمى بالزوندة التي توضع إما بالأنف أو بالفم، ويتم ذلك بشكل متكرر بعد تكبيل الأسير بمقعد، وغالباً ما يصاحب هذه العملية نزيف بسبب تكرار إدخالها. واستخدم الاحتلال هذا النوع من التغذية بحق الأسرى الفلسطينيين في 3 إضرابات بين عامي 1970 - 1980، وتوقف عن استخدامها بقرار من المحكمة العليا، بعد استشهاد الأسيرين الجعفري وحلاوة، فيما عاود الكنيست إقرار هذا القانون عام 2015».
وحذرت نقابة أطباء فلسطين من قيام سلطات الاحتلال بكسر إضراب الأسرى من خلال التغذية القسرية، مطالبة المؤسسات العربية والدولية الحقوقية والقانونية بـ«القيام بالخطوات القانونية اللازمة لمنع الاحتلال من إجبار الأسرى على كسر إضرابهم وتغذيتهم قسرياً». وأكدت في بيان، أمس، أن مشاركة الطواقم الطبية في إرغام الأسرى على كسر إرادتهم وتغذيتهم قسرياً، مخالفة لأخلاق المهنة والأعراف الطبية المتوافق عليها عالمياً. ودعت النقابات والجمعيات الطبية العربية والدولية إلى «تجريم وتحريم مشاركة الأطباء والطواقم الصحية في التغذية القسرية للأسرى».
يذكر أن قرابة 1500 أسير يواصلون إضرابهم في سجون الاحتلال، مطالبين بتحقيق عدد من المطالب الأساسية التي تحرمهم إدارة سجون الاحتلال منها، التي كانوا قد حققوها سابقاً من خلال خوض عدد من الإضرابات على مدى سنوات الأسر، وأبرز مطالبهم إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، وإنهاء سياسة العزل الانفرادي، وإنهاء سياسة منع زيارات العائلات وعدم انتظامها، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي.
وترفض إسرائيل التجاوب مع هذه المطالب وتحاول كسر الإضراب بالقوة. وأوعز وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، أمس، إلى سلطة السجون لتشديد العقوبات بحق جميع الأسرى الأمنيين، وبحق الأسرى المضربين. وقال مصدر في مصلحة السجون إنها تجاوبت مع طلب الوزير وأجرت تعديلاً على قيمة الغرامات المالية المفروضة على الأسرى الأمنيين، فرفعته بمئات الشواقل، وقد تصل الغرامة إلى أكثر من 1000 شيقل (كل دولار يساوي 3.6 شيقل) على كل مخالفة، مما سيمس بشكل كبير بالأموال التي يتم تحويلها من السلطة الفلسطينية إلى الأسرى.
كذلك سيجرى تعديل تعليمات سلطة السجون، بحيث يتواصل نفاذ العقوبات المفروضة على الأسرى المضربين عن الطعام طيلة سنة من يوم إعلان الإضراب، بغض النظر عن انتهاء الإضراب.
وزار الوزير أردان، أمس، وحدة «مسادة» التابعة لسلطة السجون والمعدة لمواجهة حالات الطوارئ. وقال إن «إضراب المخربين عن الطعام هو محاولة للضغط على إسرائيل، وعلينا التأكد من الاستعداد التام له بجميع الوسائل لمواجهته ولجميع السيناريوهات على اختلافها. وقد كان لدي انطباع بأن (مسادة) مستعدة وجاهزة للتحدي». وعلى الصعيد الجماهيري، تواصلت أعمال ونشاطات التضامن مع إضراب الأسرى في الضفة الغربية. واعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي على عدد من المظاهرات، خصوصاً في منطقتي نابلس والخليل. وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمه تعاملت مع 22 إصابة بالاختناق من الغاز، نقلت 5 حالات منهم للمستشفى. كما أصيب خلال هذه المواجهات 3 مسعفين متطوعين من الهلال الأحمر بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط. وبحسب الهلال أيضاً، فإن طواقمه تعاملت مع إصابة بالرصاص الحي في الرقبة خلال مواجهات بيت آمر قرب الخليل نقلت إلى المستشفى الأهلي. وأصيب 3 صحافيين على الأقل، أحدهم من وكالة «أسوشييتد برس» وآخر من «الوكالة الأوروبية للصحافة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».