جبهة جديدة ضد «داعش» في غرب الموصل

التنظيم يضيق على المدنيين لمنعهم من الفرار... وأعداد النازحين تتجاوز 300 ألف

جندي عراقي يتفحص أوراق نازحين فروا أمس من حي المشيرفة شمال غربي الموصل مع بدء القتال فيه (أ.ف.ب)
جندي عراقي يتفحص أوراق نازحين فروا أمس من حي المشيرفة شمال غربي الموصل مع بدء القتال فيه (أ.ف.ب)
TT

جبهة جديدة ضد «داعش» في غرب الموصل

جندي عراقي يتفحص أوراق نازحين فروا أمس من حي المشيرفة شمال غربي الموصل مع بدء القتال فيه (أ.ف.ب)
جندي عراقي يتفحص أوراق نازحين فروا أمس من حي المشيرفة شمال غربي الموصل مع بدء القتال فيه (أ.ف.ب)

اقتحمت القوات العراقية، أمس، المناطق الواقعة في شمال غربي الموصل، ضمن خطتها لفتح جبهة جديدة من المعارك التي تهدف إلى تسريع تحرير ما تبقى من مناطق المدينة تحت سيطرة تنظيم داعش، فيما أحكم الأخير الخناق على السكان الموجودين في مناطق سيطرته لمنعهم من الفرار.
وقال الضابط في الجيش الملازم محمد الشمري لـ«الشرق الأوسط»: «منذ ساعات الصباح الأولى، انطلقت الفرقة المدرعة التاسعة والفرقة الخامسة عشرة من الجيش وقوات الرد السريع والشرطة الاتحادية في عملية موسعة لاستعادة السيطرة المناطق الشمالية الغربية من الموصل، خصوصاً أحياء الهرمات وحاوي الكنيسة والمشيرفة».
وتابع الشمري: «تمكنا من توجيه ضربة قاضية إلى مسلحي التنظيم، وقتلنا العشرات منهم، حررنا بعد مرور ساعات من انطلاقة العملية حي المشيرفة الثالثة ومشروع تصفية مياه المشيرفة، والقسم الشمالي من حي المشيرفة الثانية والتقدم متواصل لتحرير الأحياء الأخرى».
وكانت القوات مهدت خلال الأيام الماضية لفتح هذه الجبهة الجديدة، ففتحت منفذاً جديداً للمدنيين الذين يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة بسبب حصار «داعش». أما الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع المتجحفلة معها، فاندفعت من الاتجاه نفسه في إطار العملية ذاتها نحو منطقة الهرمات. وقال ضابط برتبة رائد في فرقة الرد السريع لـ«الشرق الأوسط»، إن «قطعاتنا توغلت (أمس) في مساحة واسعة من منطقة الإحليلة باتجاه الهرمات وحررت قرية الحسونة ومعمل غاز نينوى».
وأوضح قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط» أن قواته تسعى من خلال تقدمها السريع من الناحية الشمالية الغربية إلى محاصرة منطقة الجسر الخامس في المدينة القديمة. وكشفت أن قواته قتلت أمس «ثمانية إرهابيين من التنظيم في محور الزنجيلي ورأس الجادة، بينهم القيادي أبو حذيفة الحديدي مسؤول محور الزنجيلي ورأس الجادة في (داعش)». وأوضح أن «الشرطة الاتحادية قتلت أيضاً أبو إسحاق المسؤول الشرعي لغرب الموصل في حي الشفاء، وقيادياً آخر يدعى ناصر، وهو المسؤول الأمني في الجانب الأيمن من المدينة».
وتزامناً مع العمليات البرية التي تشنها القوات العراقية على محاور الموصل كافة، أعلنت خلية الإعلام الحربي أن القوة الجوية العراقية وجَّهَت، استناداً إلى معلومات خلية استخبارات عمليات «قادمون يا نينوى»، ضربات عديدة لمواقع «داعش» وتجمعاته في حي 17 تموز، ومنطقة الهرمات وقضاء تلعفر، أسفرت عن تدمير أربع معامل لتفخيخ العجلات وتصنيع العبوات الناسفة ومستودع للصواريخ والعبوات الناسفة.
وأوضح عضو مجلس محافظة نينوى عبد الرحمن الوكاع لـ«الشرق الأوسط» أن «العمليات العسكرية تسير ببطء، لأن القوات الأمنية تخشى على المدنيين الذين يتخذهم التنظيم دروعاً بشرية في المناطق التي لا تزال خاضعة له في الموصل». ولفت إلى أن «القوات الأمنية تتخذ حالياً استراتيجية جديدة في معركة تحرير الجانب الأيمن تعتمد على استهداف مَن تبقى من مسلحي (داعش) بشكل دقيق كي لا يتم إيذاء المدنيين الموجودين حولهم». وأضاف: «لولا وجود المدنيين لكانت الموصل محرَّرَة منذ شهور».
وكشف الوكاع أن «أعداد النازحين تجاوزت 300 ألف حتى الآن، وزعوا جميعاً على مخيمات جنوب الموصل وشرقها، واستقر آخرون منهم في القرى والبلدات الجنوبية المحررة من المدينة بينما انتقل من تبقى منهم إلى الجانب الأيسر (الشرقي) المحرر»، مشيراً إلى أن مخيمات النازحين تكتظ بنازحين يعيشون أوضاعاً إنسانية مأساوية في ظل نقص الخدمات الأساسية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.