ماكرون ولوبان يسعيان لاستمالة الناخبين المترددين في مناظرة حاسمة

مرشح الوسط ما زال متقدماً ومنافسته تسعى للحاق به

ماكرون ولوبان يسعيان لاستمالة  الناخبين المترددين في مناظرة حاسمة
TT

ماكرون ولوبان يسعيان لاستمالة الناخبين المترددين في مناظرة حاسمة

ماكرون ولوبان يسعيان لاستمالة  الناخبين المترددين في مناظرة حاسمة

تسمر الملايين من الفرنسيين مساء أمس أمام شاشات التلفزيون لمتابعة المناظرة التلفزيونية بين مرشحي الرئاسة؛ مارين لوبان، مرشحة الجبهة الوطنية التي حلت ثانية في الجولة الانتخابية الأولى، وإيمانويل ماكرون مرشح الوسط الذي يريد تخطي الأحزاب، وضخ دماء جديدة في المشهد السياسي الفرنسي.
وإذا ما تفوق الأحد على منافسته البالغة من العمر 48 عاما، التي تتمتع أكثر منه بالمهارة في الجدال والمناظرة، فإنه بذلك سيكون أصغر رئيس للجمهورية الفرنسية الخامسة التي انطلقت قبل 59 عاما، حيث لم يصل الأربعين من عمره.
لم يترك أي شيء للصدفة في موضوع تنظيم وإدارة المناظرة؛ إذ حددت منذ بداية الأسبوع الحالي الموضوعات التي طرحت والمسائل الإجرائية، بما فيها احتساب وقت الكلام، والإضاءة، وحرارة القاعة، وكيفية إدارة المناظرة. ورجّح المتابعون أن تكون المناظرة أكثر حسما بالنسبة للوبان؛ لأنها شكلت الفرصة الأخيرة بالنسبة إليها لردم الفجوة التي ما زالت تفصلها عن منافسها الشاب. كما عكف مساعدوها على شرح، طيلة اليومين الماضيين، استراتيجيتها والحجج التي اتكأت عليها من أجل تفنيد برنامج ماكرون الانتخابي، وضرب صورته.
وكان التحدي الأول، مساء أمس، بالنسبة للمرشحين استمالة الناخبين الذين لم يحسموا موقفهم بعد، أو العازمين على الامتناع عن التصويت.
أما بالنسبة لماكرون، فإن تحدي مناظرة أمس كان مزدوجا. فمن جهة، كان عليه الاجتهاد من أجل استمالة ناخبين جدد؛ سعيا وراء الحصول على أفضل نتيجة ممكنة تضعه في موقع قوي في الانتخابات التشريعية التي ستنظم الشهر المقبل، وتحدد لون الأكثرية النيابية. أما التحدي الثاني، فهو المحافظة على التقدم المريح الذي ما زال يتمتع به حتى الآن على منافسته.
وإذا كان من خيط يلم شمل السياسيين والمحللين، فهو إجماعهم على أن مناظرة أمس الأشبه بجولات الملاكمة، يمكن أن تحدد مصير المعركة الرئاسية. ولا شك أن مارين لوبان كانت تسعى لتسديد «الضربة القاضية» لمنافسها. ورغم أن آخر استطلاعات الرأي التي نشرت أمس تبين أن ماكرون ما زال يتمتع بهامش «مريح» من التقدم على لوبان، إلا أن القلق ينتاب معسكره؛ كونه خسر خمس نقاط في الأيام العشرة الماضية.
وفي المقابل، فإن مارين لوبان التي انضم إليها رسميا مرشح «فرنسا انهضي» اليميني المتشدد نيكولا دوبون إينيان، الموعود برئاسة الحكومة في حال فوز مرشحة الجبهة الوطنية، ما زالت على مسار تصاعدي؛ إذ إنها ربحت ما خسره ماكرون، أي خمس نقاط.
ووفق آخر الأرقام المتوافرة، فإن ماكرون يمكن أن يحصل على 59 في المائة من الأصوات، في حين ستحصل لوبان على 41 في المائة منها. ونشرت صحيفة «لوموند» المستقلة نتائج استطلاع بالغ الأهمية؛ كونه شمل عينة واسعة من أكثر من 13 ألف شخص تمثل الناخبين الفرنسيين بمختلف تلاوينهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من جهة. ولأنه رسم صورة واضحة لكيفية توزع شعبية المرشحين ومدى ثبات العينة بخياراتها عبر التصويت لهذا أو تلك، أو التصويت بورقة بيضاء أو الامتناع عن التصويت، من جهة أخرى.
ويبيّن الاستطلاع أن نسبة مهمة من ناخبي ماكرون لا تقترع لصالحه بفضل اقتناعها ببرنامجه الانتخابي، بل لقطع طريق قصر الإليزيه على لوبان. وتنقلب الأمور رأسا على عقب بالنسبة لناخبي مرشحة اليمين المتطرف، حيث إن الشريحة الكبرى من ناخبيها تنطلق من تبنّ واضح وقاطع لبرنامجها ولخطها الإيديولوجي والسياسي، خصوصا بالنسبة لموقفها من الهجرة والإسلام والإرهاب. وهي الموضوعات الثلاثة التي عولت عليها لوبان لوضع منافسها في موقف صعب.
بيد أن صورة لوبان اهتزت بعض الشيء في الأيام الثلاثة الأخيرة، لسببين. الأول يتعلق بـ«سرقتها» أو «اقتباسها» لمقاطع كاملة من خطاب سابق لمرشح اليمين الكلاسيكي فرنسوا فيون استخدمتها في خطابها الرئيسي يوم الاثنين الماضي. والثاني، تذبذب موقفها بالنسبة لبقاء فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه، وكذلك موقفها من العملة الأوروبية الموحدة بين التعبير عن الرغبة في التخلي عنها بعد مفاوضات مع الاتحاد أو تراجعها عن هذه الخطة، بسبب ما تثيره من قلق لدى فئات واسعة من الناخبين الفرنسيين الخائفين من تداعياته المالية والاقتصادية.
هكذا، فإن الناخب الفرنسي يجد نفسه بمواجهة مرشحين لا يجمع بينهما شيء، لا في المسائل السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية، لا في القضايا الخارجية، وأبرزها الموقف من الاتحاد الأوروبي وعلاقات فرنسا الدولية. الأول، ليبرالي في المسائل الاجتماعية والاقتصادية، ويتبنى فلسفة إنسانوية. أما الثانية فانطوائية وحمائية على المستوى الاقتصادي، وشديدة المحافظة في المسائل الاجتماعية. والأهم من ذلك، أنها تعتبر نفسها ممثلة لفرنسا «الأصالة» بوجه «فرنسا السوق» بحسب تصويرها لرؤية منافسها؛ ولذا فإنها ضد العولمة وضد أوروبا، ومع استعادة العملة الفرنسية الوطنية (الفرنك)، وضد المهاجرين الشرعيين منهم وغير الشرعيين. كما تريد إجبار الأجانب الذين يحملون الجنسية الفرنسية من غير الأوروبيين على الاختيار بين الجنسيتين، وغيرها من الاعتبارات التي تستهوي شريحة كبيرة من الفرنسيين.
على ضوء هذه المعطيات، من الطبيعي أن تكون التدابير الأولى التي ينوي كل مرشح اتخاذها مع وصوله إلى قصر الإليزيه وتسلمه الرئاسة رسميا قبل الرابع عشر من الشهر الحالي، مختلفة جذريا. فمارين لوبان تريد أولا أن تفتح حوارا مع الاتحاد الأوروبي من أجل استعادة ما تسميه السيادات الأربع المسلوبة من فرنسا، المالية والاقتصادية والتشريعية والرقابة على الحدود.
لكنها تراجعت، في الأيام الأخيرة، عن مواقفها بعض الشيء، بحيث لم تعد أولويتها الخروج من الاتحاد والتخلي عن اليورو. والأرجح أنها تراجعت قليلا لتسهيل تفاهمها على برنامج عمل موحد مع نيكولا دوبون إينيان، ولم تعد تشدد على إجراء استفتاء شعبي على البقاء داخل الاتحاد بعد ستة أشهر ولا التخلي السريع عن اليورو. لكن المراقبين يرون أنه مهما يكن خطابها اليوم، فإن السعي لاستعادة السيادات الأربع سيفضي بها إلى «الفريكست»، على غرار «البريكست» البريطاني.
في المقابل، فإن تدابير المرشح ماكرون تركز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية. فهو يريد كتدبير أول إصلاح قانون العمل لجهة تسهيله، وإعطاء مزيد من المرونة لأرباب العمل. وبالنظر للمقاومة التي واجهت مساعي وزيرة العمل الحالية مريم الخمري، من إضرابات واعتصامات ومناقشات طويلة في البرلمان، فإن ماكرون يريد العمل بمراسيم لا تمر عبر البرلمان. وفي المقام الثاني، يسعى ماكرون إلى «تطهير» الحياة السياسية وممارساتها وما تفضي إليه من فضائح، مثل توظيف النواب لزوجاتهم أو لأبنائهم، كما برز ذلك مع فرنسوا فيون ومع لوبان نفسها. وفي المقام الثالث، يريد ماكرون التركيز على البناء الأوروبي من خلال التفاهم مع ألمانيا على توفير دفعة إضافية، علما بأن مرشح الوسط يضع المسألة الأوروبية في قلب مقاربته السياسية والاقتصادية والدفاعية والأمنية.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.