سلال يدعو نساء الجزائر إلى ضرب الأزواج الرافضين للانتخابات

دعوة رئيس الوزراء تعكس حدة تخوف الحكومة من عزوف كبير عن استحقاق البرلمان

جزائريون يقرأون ملصقات تروج لمرشحين في العاصمة أمس (أ.ب)
جزائريون يقرأون ملصقات تروج لمرشحين في العاصمة أمس (أ.ب)
TT

سلال يدعو نساء الجزائر إلى ضرب الأزواج الرافضين للانتخابات

جزائريون يقرأون ملصقات تروج لمرشحين في العاصمة أمس (أ.ب)
جزائريون يقرأون ملصقات تروج لمرشحين في العاصمة أمس (أ.ب)

وجه رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال دعوة غريبة للغاية للنساء، تحسبا لانتخابات البرلمان المرتقبة الخميس المقبل، تتمثل في الامتناع عن تقديم القهوة لأزواجهن صباح يوم الاقتراع، إن لم ينهضوا باكرا من أجل التصويت! وحسب مراقبين فإن هذا التصرف من جانب السلطات يعكس هوسا وخوفا كبيرين من تسجيل نسبة عزوف كبيرة عن الاستحقاق، الذي يتم التعامل معه على أنه مسألة حياة أو موت بالنسبة للجزائر ولنحو 40 مليون من المواطنين.
وأنهى سلال أول من أمس، بمدينة سطيف شرق البلاد، نشاطا ميدانيا دام 21 يوما، وهي المدة القانونية لحملة الانتخابات، بإطلاق دعوة لخصت مدى صعوبة إقناع 23 مليون مسجل باللائحة الانتخابية للإدلاء بأصواتهم. وجمع سلال مئات النساء في قاعة بوسط المدينة بهدف زرع الحماس فيهن ليكن فاعلات بقوة في الاستحقاق التشريعي.
ويعرف سلال بميله إلى المزاح حتى في لقاءاته الرسمية، غير أن مزاحه يأخذ طابعا فلكلوريا في بعض الأحيان كما جرى في سطيف. فانطلاقا من منبر تم تجهيزه للتجمع النسوي قال سلال «دوركن (في الانتخابات) هام للغاية. فوراء كل رجل امرأة، فإذا كانت صالحة فإن زوجها سيكون بالضرورة صالحا، وإذا كانت العكس فالرجل يصبح مجموعة أصفار على الشمال».
وأفاد سلال تحت تصفيقات وهتافات وزغاريد الحاضرات في القاعة «أوجه لكن نداء ملحا من أجل أن تشاركن بأنفسكن في توفير ظروف نجاح الانتخابات، عليكن أن توقظن أزواجكن باكرا (حتى يخرجوا إلى مكاتب الاقتراع)، وأن تهددوهن إن أظهروا تكاسلا بعدم تقديم القهوة لهم. قولوا لهم اخرجوا للإدلاء بأصواتكم أولا»، ولم يكتف سلال بذلك بل وصل الأمر حد تشجيعهن على ضربهم إذا رفضوا الانتخاب بقوله «ينبغي أن تكن واقفات (مجندات للاستحقاق يوم إجرائه) وعليكن أن تجرجرن أزواجكن عندما تخرجن إلى الانتخاب».
ولقيت هذه الدعوة الغريبة ترحيبا من طرف المشاركين في المهرجان الانتخابي، فيما استهجنها البعض، خاصة رواد شبكة التواصل الاجتماعي، على أساس أن سطيف منطقة معروفة بتقاليدها المحافظة، حيث المجتمع المحلي ذكوري بامتياز.
وجرب سلال خلال زياراته الميدانية إلى الولايات طريقتين لتشجيع الجزائريين على الإقبال بكثرة على صناديق الاقتراع: الأولى تمثلت في التخويف من أن تلقى الجزائر مصيرا شبيها بليبيا، أي اندلاع حرب أهلية، أو وضعا يقترب من وضع دولة مالي الحدودية المثقلة بالفقر وتهديدات الإرهاب، في حال فشل الاستحقاق. والفشل في منظور الحكومة هو نسبة تصويت ضعيفة، تفرز برلمانا ضعيفا سيجر طوال سنوات ولايته الخمس صفة «البرلمان غير الشرعي». وهي تهمة عانى منها خلال الولاية المنقضية.
أما الطريقة الثانية، فهي الترغيب في سياسات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خاصة في الجانب الاجتماعي، وذلك بتقديم وعود بتوزيع المزيد من السكن المجاني، وتوظيف الآلاف من العاطلين عن العمل خصوصاً حاملي الشهادات الجامعية. وأهم الوعود الذي ظل سلال يرددها هي «الخطة الاقتصادية الجديدة»، التي بفضلها ستتخلص الجزائر في أفق 2020 من التبعية المفرطة للنفط، الذي كان انهيار أسعاره سببا في تطبيق سياسة تقشف صارمة، وفي وقف استيراد الكثير من المنتجات التي يحتاجها البلد.
غير أن وعود سلال يكذبها الواقع المعاش لملايين المنتمين للفئات المتوسطة والمعوزة، ذلك أن أسعار المواد الغذائية الضرورية تشهد ارتفاعا منذ عامين، مما ضرب القدرة الشرائية في الصميم. زيادة على التخلي عن مشاريع بناء المرافق العامة، مثل المدارس والمصحات والمستشفيات وإيصال الماء والكهرباء والغاز إلى القرى والمداشر، التي ظلت تعاني من شظف العيش، منذ أن استقلت الجزائر عن الاستعمار قبل 55 سنة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».