اقتربت قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، من إحكام قبضتها على كامل مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي، بعد سيطرتها على 80 في المائة من المدينة، وانسحاب مقاتلي «داعش» إلى آخر حيين في المدينة. فيما تتهيأ مدينة الرقة التي تعاني أوضاعاً إنسانية صعبة للغاية، لتكون في الأيام المقبلة مسرحاً للعمليات العسكرية بعد الطبقة. وأعلنت فاعليات وناشطو المنطقة أن الرقة «باتت مدينة منكوبة». وناشدوا العالم لـ«التدخل وإنقاذ المدنيين الفارين من جحيم الإرهاب والقصف».
وأكدت وكالة الصحافة الفرنسية، أن «قوات سوريا الديمقراطية، باتت تسيطر على أكثر من 80 في المائة من مدينة الطبقة، التي كانت تعد أحد معاقل تنظيم داعش ومقراً لأبرز قادته»، مشيرة إلى أن القوات المذكورة «تواصل تقدمها في المدينة بعد أسبوع على دخولها بدعم من التحالف الدولي، ولم يبقَ تحت سيطرة التنظيم سوى حيين اثنين، هما الوحدة والحرية، المعروفين بالحي الأول والحي الثاني، المحاذيين لسد الفرات».
ويتجول مقاتلو «قسد» في الأحياء التي سيطروا عليها، وبدأوا نزع رايات تنظيم داعش وراحوا يرفعون مكانها علم قواتهم. وأفاد مراسل الوكالة في الطبقة، بأنه شاهد عناصر من القوات المهاجمة «(حرسون 5) وهم رجال معصوبو الأعين، يشتبه بأنهم متشددون، وينتظر هؤلاء نقلهم في قوارب إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الضفة الشمالية لنهر الفرات».
القيادي في قوات سوريا الديمقراطية جكو زيركي، الملقب بـ«الديب» قال للوكالة الفرنسية، إن «الطبقة هي أكثر المدن التي قاتلنا فيها، والمعارك التي تدور هنا لا تشبه تلك التي خضناها في تحرير المدن الأخرى». وأضاف: «لقد استخدمنا فيها الإنزال الجوي وكذلك المعبر المائي، فكانت مفاجأة كبيرة لهم (مقاتلي داعش) وانهارت معنوياتهم»، مؤكداً أن «العشرات من مقاتلي التنظيم سلموا أنفسهم».
ومن شأن السيطرة على الطبقة وسد الفرات أن تفتح الطريق أمام تقدم قوات سوريا الديمقراطية باتجاه جنوب مدينة الرقة، التي يعاني المدنيون فيها أوضاعاً معيشية صعبة، في ظل حكم «داعش» وحصار المدينة.
وأعلن تجمّع «الرقة تذبح بصمت»، أن التنظيم «عمد أخيراً إلى تخفيض رواتب عناصره، وتوقفها في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي دفع كثيراً منهم للسرقة». وكشف عن «تعرض عبد الله حسن الحج حسن اليوسف، وهو أحد صرافي المدينة، للقتل بهدف السرقة». وقال التجمع، إن «هذه الجريمة ليست الأولى، لقد سبقتها جرائم أخرى مشابهة، ويجمع أهل المدينة على أن مرتكبي تلك الجرائم هم حكماً من عناصر التنظيم الذين يمتلكون السلاح وحرية الحركة دون رقيب». ويعزى ظهور هذه الحالات بكثرة إلى «انخفاض أعداد عناصر التنظيم ومن بينهم عناصر الحسبة، عقب قيام التنظيم بسحب عدد كبير منهم إلى جبهات القتال المشتعلة».
إلى ذلك، حذّرت فاعليات الرقة، من أن «المدينة تشهد خطة إبادة جماعية تهدد سكانها، توازي مثيلاتها من الإبادات الكبرى في التاريخ وقد تفوقها». وأكدوا أن المدينة وريفها المحاصرين «تحولا إلى منطقة أكثر من منكوبة، بعدما غدت جغرافيتها ساحة حرب لا ضوابط لها، وخارج كل قوانين الحروب وأخلاقياتها المتعارفة».
وتقع مدينة الرقة، المعقل الأول لتنظيم داعش في سوريا، بين فكي التنظيم المتطرف الذي يحوّل أبناء المدينة إلى رهائن، ويتخذ منهم دروعاً بشرية، والحصار العسكري والقصف المتواصل من طائرات التحالف الدولي على المدينة، الذي أدى إلى وقوع مجازر طالت المدنيين.
فاعليات الرقة وناشطوها، ناشدوا العالم والمنظمات الدولية المسؤولة، التدخل بعدما «تحولت إلى ما يشبه محشراً لمعسكرات اعتقال، أشبه بمعسكرات الاعتقال النازية، خصوصاً بالنسبة للمدنيين الفارين من جحيم الإرهاب والقصف، والألغام المزروعة في طريقهم». وأكدوا أن هؤلاء المدنيين «لا يجدون إلا الاستهداف بكل الوسائل، ولا يدخلون إلا تحت عين رقيب، ولا يخرجون إلا بكفيل ترتضيه ميليشيات مستعلية ومسعورة تجردت من كل ضميرٍ وخُلُق».
وطالبت فاعليات الرقة المؤسسات الدولية بـ«الوقوف عند التزاماتها الأخلاقية والقانونية الملزمة بحماية السكان المدنيين في ظروف الحرب»، مشددين على «فتح ممرات آمنة، ومنافذ نجاة للفارين المدنيين بكل الوسائل، بما فيها استخدام القوة لهذا الغرض، ووضع معسكرات الإيواء تلك تحت الحماية والرقابة الدولية، وتأمين الحق والحرية المطلوبة لهؤلاء المدنيين في الوصول إلى شاطئ الأمان». ودعوا إلى «تقديم الحد الأدنى المطلوب من الحاجات الإنسانية الاضطرارية التي تلقي بمئات الأسر في هاوية العدم، وسبل جحيم الموت المفتوح على كل الجهات».
«سوريا الديمقراطية» تقترب من إحكام سيطرتها على كامل الطبقة
الرقة تتحول إلى مدينة منكوبة... ومناشدات لإنقاذ المدنيين فيها
«سوريا الديمقراطية» تقترب من إحكام سيطرتها على كامل الطبقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة