عمليات إعمار واسعة في المحافظات اليمنية المحررة

الحكومة تعد خططاً تمهد لعودة رؤوس الأموال المهاجرة

عمليات إعمار واسعة في المحافظات اليمنية المحررة
TT

عمليات إعمار واسعة في المحافظات اليمنية المحررة

عمليات إعمار واسعة في المحافظات اليمنية المحررة

تشهد المحافظات اليمنية المحررة من سيطرة ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية عملية إعمار غير مسبوقة، في حين تعد الحكومة الشرعية خططاً تمهد لعودة رؤوس الأموال المهاجرة إلى البلاد.
وأطلق الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في كلمة ألقاها خلال لقاء جمعه مؤخرا بمحافظي تسع محافظات يمنية، دعوة إلى إعادة الإعمار في المحافظات المحررة، ووجّه حكومة الدكتور أحمد بن دغر، رئيس الوزراء اليمني، بالبدء في إعادة الإعمار بعد الدعم الذي تلقته الحكومة الشرعية من المجتمع الدولي.
وأوضح رئيس الوزراء اليمني، أن حكومته ستركز على الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والطرق والاتصالات وغيرها، ليلمس المواطن أعمال التحول.
وقال: «إننا إزاء مرحلة البناء والإعمار بمعناها الواسع الشامل، بهدف التقدم نحو غد أفضل ومستقبل زاهر تقتضي صياغة الأهداف العامة للمرحلة المقبلة وفق رؤية اقتصادية واجتماعية وثقافية شاملة، ووضع الخطط وإعداد الدراسات والتصاميم وعلى نحو عاجل في مجالات، منها الكهرباء والتعليم والصحة والمياه والطرقات والاتصالات، وأن ننهض بالتنمية الشاملة في المدينة والريف، وتشمل الخطط المجالات الاجتماعية والثقافية، للتخفيف من الفقر والعوز في البلاد، ورفع الوعي، والتسامح، ورفض العنف ونبذ الإرهاب».
وأشار إلى أن الحرب التي أشعلها الانقلابيون تسببت في استشهاد الآلاف، على مذبح الرغبة في السلطة والحكم. وتابع: «دراساتنا تشمل بناء ثلاث محطات كهرباء كبيرة في عدن والحديدة وبلحاف بالوقود السائل والصلب بالغاز أو بالفحم، يكون بناؤها نهاية دائمة لأزمة الكهرباء في اليمن، ونسعى لإحداث نقلة كبيرة في قطاع الصحة وإعادة بناء مستشفيات مركزية في كل عواصم المحافظات وتطوير وتوسيع وتعميق ميناء عدن، بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء».
وأضاف، أن بلاده قادمة على تحول حقيقي لبناء البلاد على أسس مختلفة، وقواعد ثابتة تحقق الاستقرار والعدالة، ولا يكون أحد بعد ذلك قادراً على تهديد أمنها، أو إقلاق السكينة العامة للشعب وللأشقاء والأمة العربية، أو يعبث من جديد بأمن اليمن الإقليمي والقومي.
وكانت دول مجلس التعاون الخليجية قدمت أكثر من 70 في المائة من المبالغ المالية المرصودة لتنمية اليمن؛ إذ رصد مؤتمر المانحين 15 مليار دولار لتنمية اليمن، حسب ما أوضح الدكتور عبد العزيز العويشق، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقال العويشق خلال كلمته في أعمال الاجتماع الثامن عشر للجنة المشتركة لتحديد الاحتياجات التنموية لليمن، الذي عقد حديثا في الرياض في الخامس من أبريل (نيسان) الماضي: «اللجنة تعمل على وضع تصور لتسريع تنفيذ المشروعات التنموية الملحة لصالح الشعب اليمني»، مؤكداً أن «اللجنة المشتركة ملتزمة بمساعدة الحكومة الشرعية على استعادة الأمن والاستقرار باليمن، والالتزام بإعادة تأهيل الاقتصاد اليمني، واندماجه بالاقتصاد الخليجي».
وبيّن، أن هذه اللجنة المشتركة لتحديد الاحتياجات التنموية تأتي تحقيقا لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في اندماج اليمن اقتصاديا مع دول المجلس وتصبح اقتصاداً واحداً.
وأشار إلى أن اللجنة تعمل على النظر لتحديد المشروعات الملحة والمشروعات التي يمكن تنفيذها، خصوصاً المشروعات التي تمس حياة المواطن من كهرباء ومياه ومستشفيات ومدارس وجامعات، وهذا ما اتفقت عليه اللجنة في الاجتماعات السابقة.
إلى ذلك، تحدث الدكتور محمد السعدي، رئيس الوفد اليمني في الاجتماع وزير التخطيط والتعاون الدولي، عن جهود عاصفة الحزم التي لولا وقوفها إلى جانب اليمن، لكان الوضع كارثياً، حسب تأكيده.
وأفاد بأن الوزارة بدأت تنفيذ مجموعة من الدراسات لتخطيط إعادة الإعمار، خصوصاً المحافظات المحررة من سيطرة الحوثي، مؤكداً أنهم يعملون على استعراض احتياجات اليمنيين.
أما شوقي الصباغ، رئيس قسم علاقات مجلس التعاون بالبحرين، فأعرب عن أمله أن يعود اليمن كما كان بجهود كبيرة من دول مجلس التعاون.
وأكد محمد الميتمي، وزير التجارة والصناعة اليمني، أن الحكومة الشرعية تعد خططاً تمهد لعودة رؤوس الأموال اليمنية المهاجرة إلى البلاد، بهدف مشاركتها في إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب، متوقعاً مشاركة نحو 30 دولة عربية وأجنبية في «مؤتمر المانحين» المزمع عقده قريباً بهدف توفير نحو 80 مليار دولار لإعادة إعمار اليمن.
وأضاف، أن لقاءات مستمرة تجري مع ممثلين للقطاع الخاص اليمني وأصحاب رؤوس الأموال المنتشرة على مستوى العالم، من أجل حثهم وتسهيل إجراءات عودتهم والمشاركة في إعادة البناء والإعمار، مشيرا إلى أن الحكومة اليمنية تعمل على ترتيب لقاء مع ممثلي القطاع الخاص اليمني داخل اليمن وخارجه، خصوصاً الموجودين في دول مجلس التعاون؛ بهدف مشاركتهم بشكل فاعل وكامل في عدد من المهمات الحيوية، وفي مقدمتها تأمين الغذاء والدواء للمواطنين في جميع أنحاء اليمن.
وبيّن، أنه عقد في الآونة الأخيرة لقاء مع ممثلي القطاع الخاص في العاصمة المؤقتة عدن، وأن لقاءات مماثلة سيجريها خلال الفترة المقبلة لدفع القطاع الخاص إلى المشاركة في عملية إعادة الإعمار.
من جهته، قال الدكتور محمد السعدي، وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني، إنه تلقى وعوداً بمزيد من الدعم المالي والفني والتقني من الولايات المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية في إطار عملية إعادة البناء والإعمار التي يتم التحضير لها حالياً.
وكان أحمد عبيد بن دغر، رئيس الحكومة اليمنية، وضع مؤخراً حجر الأساس لمشروعات عدة في العاصمة المؤقتة عدن ضمن مشروع الحكومة اليمنية لإعادة الإعمار، وإصلاح ما خلفته الحرب في المناطق التي دمرتها ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
ودشن بن دغر استئناف العمل في مشروع الطريق البحري بعدن الذي ينفذ بتمويل من الصندوق العربي للتنمية، كما وضع حجر الأساس لمشروع إعادة تأهيل وترميم استوديوهات الإذاعة والتلفزيون في عدن بتكلفة إجمالية بلغت 420 مليون ريال يمني، ومشروع تعشيب وتأهيل ملعب رياضي بتمويل حكومي.
وعدّ بن دغر هذه المشروعات دافعاً قوياً في إعادة البناء والتطور وإصلاح ما دمره الانقلابيون، لافتاً إلى أن عدن تتعافى بجهود أبنائها الذين كانت لهم تضحيات كبيرة في الدفاع عنها.
كما دشن محمد عمر البري، مدير عام المنصورة، والمهندس سامي باهرمز، مدير عام مؤسسة الجسور والطرق، أعمال سفلتة عدد من شوارع المنصورة، مبيناً أن مشروعات مركزية مختلفة ستنفذ في العاصمة المؤقتة عدن.
وافتتحت السلطات المحلية في مدينة المخا اليمنية الواقعة على ساحل البحر الأحمر الأربعاء الماضي أول مرفق حكومي جرى تأهيله منذ انتهاء القتال في المدينة الاستراتيجية.
وقال المركز الإعلامي لمحافظة تعز، في بيان: إن المحافظ علي المعمري ومسؤولين حكوميين افتتحوا مستشفى المخا الحكومي، الذي أُعيد تأهيله بتمويل من الهلال الأحمر الإماراتي، وتشغيل معظم الأقسام فيه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».