كريس هوتون: لا يوجد توازن بين المدربين السود والبيض في إنجلترا

المدير الفني لنادي برايتون نجح في إعادة الفريق للدوري الممتاز... ويأمل أن يسير على درب بورنموث وبيرنلي

هوتون نجح في قيادة برايتون لدوري الأضواء الممتاز الموسم المقبل
هوتون نجح في قيادة برايتون لدوري الأضواء الممتاز الموسم المقبل
TT

كريس هوتون: لا يوجد توازن بين المدربين السود والبيض في إنجلترا

هوتون نجح في قيادة برايتون لدوري الأضواء الممتاز الموسم المقبل
هوتون نجح في قيادة برايتون لدوري الأضواء الممتاز الموسم المقبل

قال المدير الفني لنادي برايتون، الصاعد حديثا للدوري الإنجليزي الممتاز، كريس هوتون: إن هناك حالة من عدم التوازن «الصادم» بين عدد المديرين الفنيين السود ونظرائهم من البيض في كرة القدم الإنجليزية. وبالإضافة إلى هوتون، لا يوجد سوى مدير فني واحد من ذوي البشرة السمراء وهو كيث كيرل، الذي يقود نادي كارليسل يونايتد في دوري الدرجة الثانية.
وكان نادي برايتون قد ضمن صعوده للدوري الإنجليزي الممتاز الأسبوع الماضي، بعد عقود من الخلافات والمشكلات التي جعلت النادي بلا ملعب، ويعاني الإفلاس، وأصبح على وشك أن يفقط مكانه في دوري الدرجة الأولى. وبعد أن ضمن التأهل للدوري الممتاز يسعى المدير الفني الآيرلندي البالغ من العمر 58 عاما، للفوز بلقب دوري الدرجة الأولى يوما. وبعيدا عن الاحتفال بالصعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، يتحدث هوتون في حواره الحصري عن بعض القضايا المهمة بوعي اجتماعي كبير قلما نجده في عالم كرة القدم.
يقول هوتون: «هناك حالة من عدم التوازن بشكل لا يصدق منذ فترة طويلة بين ذوي الخلفيات العرقية المختلفة الذين يلعبون كرة القدم، والذين يلعبون في كثير من الأحيان في أندية جيدة للغاية ويكون لديهم مسيرة كروية حافلة، ويصبحون قادة للفرق التي يلعبون لها وبين غيابهم عن المناصب الإدارية العليا. كان هناك بعض التغييرات وكان الأمر مشجعا على المستويين الأكاديمي والشعبي، لكنه ليس كذلك على المستويات الأعلى. وهناك مسؤولية تقع على عاتق لعبة كرة القدم لتحقيق حالة من التوازن في هذا الأمر».
لم تكن هناك مرارة في صوت هوتون، لكن الإحصائيات تثبت صدق حديثه؛ إذ إنه لا يوجد من ذوي البشرة غير البيضاء سوى اثنين فقط من بين 92 مديرا فنيا في دوريات كرة القدم الإنجليزية. وفي المقابل، فإن 25 في المائة من اللاعبين في الدوريات الأربعة في كرة القدم الإنجليزية من خلفيات سوداء وآسيوية وأقليات عرقية، لكن ذلك لا يتناسب تماما مع حقيقة أن أكثر من 97 في المائة من المديرين الفنيين من البيض.
ويتحدث المدير الفني الآيرلندي بوضوح واقتناع يتناسبان مع حجم الإنجاز الذي حققه مع برايتون ومسيرته الحافلة لاعبا خلال الفترة بين عامي 1977 و1993، والتي لعب خلالها 297 مباراة لنادي توتنهام هوتسبر وأصبح أول لاعب من ذوي البشرة السمراء يمثل منتخب آيرلندا، الذي لعب معه 53 مباراة دولية، رغم أنه ولد في شرق العاصمة البريطانية لندن. ولعب هوتون أيضا لوستهام يونايتد وبرنتفورد.
وقد تغيرت المواقف تجاه اللاعبين السود خلال تلك الفترة، لكن هوتون يتذكر ما واجهه قائلا: «لقد نشأت في بيئة كروية رأيت خلالها الكثير من الممارسات العنصرية، سواء كان ذلك في شكل إساءة من لاعبين آخرين أو من قبل مجموعة كبيرة من المشجعين في المباريات التي كانت تقام خارج ملعبنا. أتذكر أننا كنا نذهب إلى ملاعب وكانت قطاعات كبيرة من الجمهور تردد هتافات عنصرية. لم يكن الأمر جيدا، لكنه لم يكن مفاجئا بالنسبة لي، وبخاصة خلال الفترات الأولى بعد انضمامي إلى نادي توتنهام. لقد كنت اللاعب الأسود الوحيد في الفريق، ثم جاء غارث كروكس بعد ثلاث سنوات. لقد اعتدت على العبارات العنصرية داخل الملعب. لا أعني أنني تقبلت ذلك، ولكن كان يتعين عليّ التعامل مع الأمر».
وقال: «امتد الأمر إلى المجتمع أيضا، وكان هناك بعض الأماكن التي لا تشعر فيها بالراحة بسبب النبرة العنصرية. وفي وقت ما كان يقال عن اللاعبين السود إنه يمكنهم اللعب على أطراف الملعب؛ لأنهم يتسمون بالسرعة، لكنهم لا يصلحون لأن يكونوا قادة للفريق».
وأضاف: «تختفي بعض أشكال العنصرية مع مرور الوقت، حتى لو بقيت بعض الوصمات وبعض الأشخاص الذين يحتاجون إلى وقت أطول من أجل التغير. لكن ليس هناك شك في أن البيئة باتت أكثر انفتاحا وتقبلا لتعدد الثقافات. ويبدو أيضا أن هناك حماسا أكبر للتغيير، لكن يجب أن يتحول هذا الحماس إلى عمل على أرض الواقع. ونحن في حاجة إلى تغيير حقيقي من أجل أن يؤدي ذلك إلى أن يشغل السود مناصب أعلى».
وعندما سألت هوتون عما إذا كان يعتقد أن هناك حاجة إلى تشريعات جديدة لعلاج أوجه عدم الإنصاف بالنسبة للمدربين والإداريين السود في عالم كرة القدم، رد قائلا: «نحن في حاجة إلى دفعة أكبر».
وعما إذا كان يؤيد فكرة أن تكون هناك «حصص» معينة للمديرين الفنيين والإداريين السود، قال: «نعم، أؤيد ذلك، في دوري الدرجة الأولى (وليس في الدوري الإنجليزي الممتاز)، بحيث يكون النادي ملزما في أي منصب تدريبي أو إداري بأن يجري مقابلة شخصية مع مرشح واحد على الأقل من ذوي البشرة السمراء، أو من أصحاب الخلفيات أو العرقيات الأخرى. أنا بالتأكيد أؤمن بقوانين من نوعية قانون روني – قانون لا يعين السود وذوي العرقيات الأخرى في وظائف، لكنه يضعهم في الصورة على الأقل».
ومنذ 2003 يتم العمل في دوري كرة القدم الأميركية للمحترفين بقانون ينص على حتمية وجود رجل أسود، أو من أقلية عرقية ضمن المرشحين لتولي مهمة المدرب في أي فريق. وكان وراء هذا القانون دان روني مالك فريق بيتسبرغ ستيلرز.
وقد تبنى دوري الدرجة الأولى في إنجلترا قانونا مشابها لـ«قانون روني» عام 2015، عندما أصبح لزاما على الأندية أن تجري مقابلة شخصية مع مرشح واحد على الأقل من السود أو ذوي العرقيات الأخرى للوظائف المتعلقة بتنمية فرق الشباب وتطويرها، بشرط أن يكون لدى المتقدم رخصة التدريب من الدرجة الثانية من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. يقول هوتون: «أنا أتفق مع هذا النوع من التشريعات».
وقبل أسبوعين أقيل ماركس بيغنوت من تدريب نادي غريمسبي تاون، وبالتالي تقلص عدد المديرين الفنيين السود في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي من ثلاثة إلى اثنين فقط، هما هوتون وكيرل. ويعتقد هوتون أن التشريعات قد تكون أكثر فاعلية وتأثيرا إذا قررت النظر في مجالس إدارات الأندية التي يكاد يسيطر عليها البيض بشكل تام.
يقول هوتون «نحن في عصر الأعمال التجارية الكبيرة، وأنا متأكد من أنه سيكون هناك تشريع في المستقبل ينظم أماكن العمل. يبدو أن جميع أصحاب المصلحة في لعبتنا لديهم حماس كبير للتغيير. ويمكن رؤية ذلك في الجهات التي تبث المباريات، فنحن ننقل مباريات كرة القدم الإنجليزية إلى جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الكثير من البلدان الأفريقية. وأشعر بأن الناس في هذه اللعبة يريدون أن يروا لاعبين مختلفين وثقافات متعددة الأعراق، وهو ما يعني أن السود يكونون في مواقع ومراكز أفضل في الملعب، وهم من يجرون المقابلات الحقيقية في مجالس الإدارات؛ لأن اللعبة داخل الملعب متعددة الأعراق».
وعندما سئل هوتون عما إذا كان من الممكن أن تضم مجالس إدارات الأندية أشخاصا من عرقيات مختلفة خلال السنوات العشر المقبلة، رد قائلا: «هذا هو ما أتمنى أن يحدث. ولو سألتني عما إذا كنت متفائلا أم لا، فسأقول لك إن الإحصاءات على مدى السنوات العشر إلى العشرين الماضية لا توحي بكثير من الأمل. لكن يبدو أن أصحاب المصلحة يقولون إننا في حاجة إلى دفعة أكبر في اتجاه تحقيق هذا الهدف».
ومن دون مرشحين سود لمجالس إدارات الأندية أو مديرين فنيين سود في الدوري الإنجليزي الممتاز، فستظل العنصرية قائمة بشكل يهدد كرة القدم. يقول هوتون: «نعم، وهي المعركة نفسها التي تخوضها المرأة، فنحن لا نرى عددا كافيا من النساء في مجالس إدارات الأندية. كان هناك دائما قول مأثور مفاده أن المرأة أو الشخص الأسود يجب أن يبذل مجهودا مضاعفا لكي يحصل على وظيفة يمكن أن يحصل عليها أي شخص آخر بشكل مريح».
وتتسم إدارة كرة القدم بالوحشية، كما أن إقالة المديرين الفنيين بات أمرا لا مفر منه. وقام هوتون بعمل رائع وجدير بالثناء في نيوكاسل يونايتد، وساعد الفريق على الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز قبل أن يقال من منصبه عندما كان الفريق يحتل المركز الحادي عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز في ديسمبر (كانون الأول) 2010. وتولى هوتون تدريب نوريتش سيتي بعد الرحيل عن برمنغهام، قبل أن يقال مرة أخرى في أبريل (نيسان) 2014، ويظل عاطلا عن العمل لمدة ثمانية أشهر. وتولى هوتون تدريب نادي برايتون في ليلة رأس السنة لعام 2014، لكنه أمضى بعض الوقت في الحصول على دورات تدريبية في كيفية إدارة الشركات.
يقول هوتون: «كنت سعيدا بالقيام بذلك، رغم أنها أثرت قليلا على عملي هنا. لقد كانت دورة تدريبية لمدة 10 أشهر، وكان يتبقى بها ثلاثة أشهر عندما حصلت على هذه الوظيفة. لذا؛ كان هناك بعض الوقت الذي كنت أحصل فيه على تلك الدورة وأعمل مديرا فنيا، لكني كنت سعيدا في حقيقة الأمر. وكانت الدورة التدريبية تدور حول ضرورة وجود مزيد من التنوع في مجلس الإدارة، وتعلم ما يتعلق بهياكل مجلس الإدارة وكيفية عملها. لقد كانت دورة تدريبية مثيرة للاهتمام، لكنها كانت صعبة. أنا متعطش للمعرفة لأنني أحاول دائما أن أكون على أفضل علاقة ممكنة مع المديرين، علاوة على أنني لن أعمل في مهنة التدريب إلى الأبد، وقد يفتح هذا مسارا آخر في المستقبل».
وعما إذا كان قد سمح لنفسه بالاحتفال بصعود برايتون للدوري الإنجليزي الممتاز، رد هوتون قائلا: «ليس صحيحا، مشكلة المدير الفني تكمن في أنه يتعين عليه السيطرة على الأمور. وكان الأمر سيختلف لو أننا حصلنا على لقب دوري الدرجة الأولى الإنجليزي. نريد أن نفوز باللقب، لكني أتطلع إلى الحصول على فترة راحة في الصيف».
وعندما سئل ما إذا كان قد استمتع حقا بصعود برايتون للدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب 34 عاما، بعد فوزه على ويغان أثلتيك الأسبوع قبل الماضي، قال هوتون مبتسما: «نعم استمتعت. استمتعنا بوقت لطيف في هذه الغرفة. كانت عائلتي تنتظرني وكان ذلك شيئا رائعا. شاهدنا نهاية مباراة ديربي كاونتي وهدرسفيلد، وكان الأمر صعبا في البداية؛ لأننا لم نكن قد ضمنا الصعود بشكل رسمي. لكن بعد ذلك كان شيئا رائعا أن نضمن الصعود رسميا وأنا مع زوجتي وأربعة من أولادي وستة من أحفادي. معظم المديرين الفنيين يكرسون حياتهم لهذه المهمة؛ لذلك من الرائع أن تشارك الأسرة في الاحتفال ببعض النجاح الذي تحقق».
وقبل أقل من عام، لم يتمكن برايتون من الصعود بشكل مباشر إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق الأهداف قبل أن يهزم في المرحلة الفاصلة أمام شيفيلد وينزداي، الذي أنهى الموسم متخلفا عن برايتون بـ15 نقطة كاملة. وبعد ذلك بيومين، أعطى مالك النادي توني بلوم - وهو مشجع لنادي برايتون وضخ 250 مليون جنيه إسترليني في النادي - هوتون عقدا جديدا مدته أربع سنوات. يقول هوتون: «كان ذلك اعترافا من جانب توني بالمجهود الذي بذلناه - ونأمل أن يكون قراره بمثابة نداء إلى ملاك الأندية بالعمل على الاستقرار».
ويضيف: «قبل المجيء إلى هنا لم أكن أعرف مالك النادي، لكن الآن أجرينا الكثير من المحادثات والكثير من التعاملات. إنه يدير النادي بشكل معقول للغاية. بالطبع كان هناك نفقات ضخمة على الملعب الجديد وملاعب التدريب المتميزة، لكنه ينفق أمواله بحكمة. في الموسم الماضي شعرنا بشيء من الإحباط نتيجة فشلنا في الصعود، لكن في غضون بضعة أيام كنت أفكر فيما سأفعله في الموسم المقبل، وسألت نفسي: ماذا نحتاج؟ ومن اللاعب القادر على تقديم الإضافة للفريق؟ لقد تعاملنا مع الأمر بذكاء».
وكان بلوم قد وعد بدعم تشكيلة برايتون عقب ترقيه للدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه أشار إلى أنه سيقاوم إغراء إنفاق الكثير من المال على الانتقالات.
وسيعطي الترقي للدوري الممتاز دفعة مالية ضخمة لبرايتون. لكن بلوم قال إنه سيلتزم بسياسة معقولة في الإنفاق. وقال بلوم: «حجم المال في الدوري الممتاز يجعل الأمور متعادلة إلى حد ما... يجب أن ندعم الفريق... هذا غير قابل للنقاش. لكننا لا نتطلع لإنفاق الكثير من المال... سنفعل الأمور بطريقة تدريجية. نمتلك لاعبين جيدين بالفعل... ونرغب في دعم التشكيلة من هذه النقطة».
لقد أضفى هوتون لمسة إنسانية على إدارته للفريق، وقد ظهر ذلك جليا عندما توفي والد أفضل لاعب في الفريق، أنطوني نوكيرت، حيث ألغى هوتون التدريب وسافر هو وجميع اللاعبين إلى فرنسا للمشاركة في الجنازة. يقول المدير الفني الآيرلندي: «أنا لا أقول إننا لم نكن لنفعل الشيء نفسه مع أي لاعب آخر، لكن أنطوني لاعب محبوب للغاية من جميع لاعبي الفريق. إنه لاعب جيد للغاية بالنسبة لنا، وكان الجميع يريد أن يكون إلى جانبه في هذه المحنة. إنه شاب عاطفي تماما، وكنا نعرف مدى علاقته القريبة بوالده».
وهل كان نوكيرت يتوقع أن يسافر جميع لاعبي الفريق إلى منزله في ليرز بالقرب من مدينة ليل الفرنسية؟ يقول هوتون: «كان يعتقد أنني فقط وقائد الفريق برونو سنسافر إلى منزله. وعندما رأى جميع لاعبي الفريق كان متأثرا للغاية، وكنت أشعر بالسعادة. لقد رأيت ما يعنيه ذلك لأنطوني وأسرته وأصدقائه في تلك المنطقة المتواضعة ذات الطبقة العاملة».
ويعزز هذا التواضع الاعتقاد بأن برايتون قادر على تقديم أداء جيد في الدوري الإنجليزي الممتاز. يقول هوتون: «بيرنلي وبورنموث مثالان جيدان للغاية بالنسبة لنا. آمل أن يقدم فريقنا أداء جيدا، لكنني أعي تماما صعوبة الدوري الإنجليزي الممتاز وقوته؛ لذا نحن في حاجة إلى الاستمرار في العمل القوي الذي نقوم به. وسيكون من الرائع أيضا أن ندعم الفريق ببعض اللاعبين الجدد».
وعندما سئل عن المدير الفني الذي يرغب في مقابلته ومناقشة الأمور الفنية والتكتيكية والإدارية معه، توقف هوتون لبرهة ثم قال: «بوكتينيو»، المدير الفني لنادي توتنهام هوتسبر، مشيرا إلى إعجابه بالنجاح الذي حققه والفلسفة التي يتبناها مع الفريق.
ولا يزال هوتون عضوا في حزب العمال البريطاني، لكن حتى مع اقتراب الانتخابات المزمع انعقادها في يونيو (حزيران) المقبل، يركز هوتون بشكل أكبر على كرة القدم. ويقول: «بالتأكيد لم أعد مهتما بالسياسة بالشكل الذي كنت عليه في الماضي، لكن لا يزال هناك الكثير من الاهتمام، ودائما ما تعني القضايا الاجتماعية الكثير بالنسبة لي».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».