هناك مفارقة واضحة يعرفها كل من يقيم في بريطانيا ويتعامل مع المدارس البريطانية لأبنائه. ففي الوقت الذي تتمتع فيه المدارس البريطانية ونظام التعليم البريطاني بسمعة ذهبية في الخارج فهي تتعرض للكثير من الانتقادات داخل بريطانيا ومن اتهامات كثرة الاختبارات للطلبة ونقص المدرسين وشح التمويل.
ويعتبر نظام الثانوية العليا (A Levels) هو المعيار الأمثل لتفوق الطلبة قبل الالتحاق بالجامعة إلى درجة أن أعداد المدارس الدولية التي تعتمد هذا النظام يتوقع لها أن تزيد من ثمانية آلاف مدرسة حاليا إلى 15 ألف مدرسة على العام 2025. ولكن حتى هذا المعيار يعاني من الانتقادات الداخلية منها أن درجات الطلبة غير مبررة وأنها غير متناسقة بين المناطق المختلفة.
التعليم البريطاني في الخارج في مجمله يستحق الإعجاب والتقدير من المجتمعات التي يخدمها، وإن كان الأمر لا يخلو من بعض الاتهامات بالطبقية والإمبريالية. ولا شك أن الإقبال على هذا النوع من التعليم من دول كثيرة تمتد من الصين إلى الشرق الأوسط دليل على أنه من أصلح أنواع التعليم التي تعد الجيل الجديد لحياة عملية ناجحة.
وعلق أحد خبراء هذا المجال وهو السير روجر فراي، مدير مجموعة مدارس كينغ البريطانية التي افتتحت لها فروعا أجنبية في إسبانيا وبنما، بالقول: إن نظام التعليم البريطاني يلقى الإعجاب حول العالم في كل دولة ما عدا دولة واحدة وهي بريطانيا. ويتحدث فراي عن صعوبة الامتحانات وتعدد فروع المعرفة والأنشطة الإضافية لمنهج التعليم في مدارس تعتمد على نظام أثبت جدارته على مر السنين.
ومن أهم أسباب الإقبال على المدارس البريطانية في الخارج أوضحته دراسة قامت بها جامعة أكسفورد والمجلس البريطاني جاء فيها أن الرغبة في التعليم باللغة الإنجليزية ظاهرة تنمو عالميا وهي أهم أسباب نمو عدد الطلبة المقبلين على حضور المدارس البريطانية الدولية. وأشارت الدراسة نفسها إلى أن عدد الطلبة في هذه المدارس الدولية متوقع له أن يزيد من 4.26 مليون طالب حاليا إلى ثمانية ملايين طالب وطالبة في حدود العام 2025.
وتركز المدارس البريطانية في الخارج على تدريس مناهج مماثلة لبرنامج التعليم البريطاني مع إضافة جوانب تهم المجتمعات التي تعمل فيها. وهي تهتم بالإنجاز والتميز وتقدم تنوعا في فروع المعرفة والنشاطات الأخرى التي تنمي المواهب والقدرات الخاصة.
ويعتقد البعض أن بعض الانتقاد الذي يوجه إلى المدارس البريطانية في الداخل مبرر لأن بعض المدارس لا تلتزم بالمستويات الرفيعة التي تلتزم بها المدارس الخاصة، والتي تعمل في خارج بريطانيا. فالمدارس الدولية تمثل أفضل ما في التعليم البريطاني الخاص وهو لا يجذب فقط البريطانيين في الخارج وإنما أيضا أبناء الأثرياء في الدول التي تقع فيها هذه المدارس.
ويشير تقرير من «ورلد ايديوكيشن ريفيو» إلى أن المدارس الدولية البريطانية نجحت في تحويل سوقها الدولية من فئات محدودة تقتصر على أبناء الدبلوماسيين والموظفين في الخارج إلى سوق مفتوحة فيها نسبة 80 في المائة من الطلبة ينتمون إلى قطاعات محلية.
ويضم مجلس المدارس الدولية البريطانية في عضويته الآن 260 مدرسة في 75 دولة يتم التدريس فيها لنحو 135 ألف طالب وطالبة. وهناك المزيد من المدارس الدولية التي تلتزم بمعايير التعليم البريطانية ولكنها تدار من دول أخرى مثل الولايات المتحدة أو أستراليا.
ولا تخلو سمعة المدارس البريطانية في الخارج من الانتقاد أيضا أحيانا بزعم أنها تنشر الطبقية في الخارج وأنها باهظة التكلفة وتركز على تحقيق الأرباح. ومن داخل بريطانيا يتم اتهام بعض هذه المدارس بأنها تجذب إليها أفضل المدرسين البريطانيين وتحرم المدارس المحلية منهم. ولكن بوجه عام تشعر بريطانيا بالفخر لانتشار أفضل مدارسها في الخارج وتعتبرها ثروة تصديرية تماما مثل تصدير سيارات رولز رويس.
ويتفق الكثير من خبراء التعليم في بريطانيا على أن المدارس الدولية تستحق سمعتها الذهبية وتمثل أفضل عناصر التعليم البريطاني. وهم يأسفون فقط لأن هذه النوعية من التعليم ليست دائما متاحة لكل الأطفال البريطانيين داخل بريطانيا نفسها.
ويقول كولن بيل رئيس مجلس المدارس الدولية البريطانية إن تاريخ المدارس البريطانية في الخارج عريق حيث افتتحت أول مدرسة في عام 1896. وإن متوسط سعة المدرسة البريطانية في الخارج حاليا يصل إلى 650 طالبا وطالبة. ويزداد عدد المدارس البريطانية المستقلة في الخارج دوما مع تزايد رغبة المدارس المحلية البريطانية في فتح فروع لها في الخارج. وتقول أبحاث المجلس إن بعض المدارس البريطانية في الخارج بها 99 جنسية طلبة ويتم تدريس مناهج 108 مواد مع 153 نشاطا إضافيا على مناهج التعليم. وتوفر 58 في المائة من المدارس بعض المنح التعليمية التي تغطي مصروفات الطلاب. أما النتائج الأكاديمية التي تحققها هذه المدارس الدولية فهي في المتوسط أفضل من النتائج التي تحققها مدارس بريطانيا بشكل عام.
ويعمل في هذه المدارس في مختلف المواقع نحو 3500 مدرس وموظف. ويشارك المجلس بالتعاون مع وزارة التعليم البريطانية في التفتيش على المستوى الأكاديمي للمدارس البريطانية الأعضاء في الخارج. وتطلب المدارس البريطانية في الخارج أن تراعي لجان التفتيش البيئة التي تعمل فيها هذه المدارس والتي يجب فيها مراعاة القوانين المحلية والتي قد تختلف عن القوانين البريطانية.
وتعتبر المدارس البريطانية في الخارج بيئة جيدة لمعايشة التنوع العرقي بين طلابها والذي يعد من مصادر الثراء التعليمي الذي يفيد مجموع الطلبة في تعاملهم مع كافة المجتمعات في المستقبل. وتجمع بعض المدارس طلبة وطالبات من معظم أنحاء العالم تحت سقف واحد.
ويجب التأكد من مصداقية المدارس الخاصة التي تدعي أنها بريطانية حيث هناك أكثر من 1800 مدرسة لا تخضع للتفتيش من مؤسسات تعليمية بريطانية ولذلك لا يمكن اعتمادها كمدارس بريطانية موثوق بها.
** أشهر المدارس البريطانية في الخارج
هناك الكثير من المدارس المشهورة في بريطانيا والتي افتتحت لها فروعا (أو تنوي افتتاح فروع قريبا) في أنحاء العالم. وتلقى معظم هذه المدارس الترحيب في الدول التي تعمل فيها وإن كان بعضها يعاني من بعض اتهامات بتشجيع الطبقية، نظرا لأنها تجتذب الأثرياء فقط لمصروفاتها الباهظة، أو إعادة نشر الإمبريالية خصوصا أن بعضها كان يرفع العلم البريطاني في دول كانت مستعمرات بريطانية سابقة.
ولكن أشهر هذه المدارس في الصين لم تشهد أيا من هذه الاتهامات نظرا لتشجيع الصين لها رسميا من أجل اجتذاب الخبراء الصينيين من الخارج بتوفير مدارس بريطانية لأبنائهم. وتتغير تدريجيا النظرة القديمة للمدارس البريطانية حيث لم يعد الجيل الحالي متأثرا بحساسية فترة الاستعمار السابقة.
وهذه هي أهم المدارس البريطانية وفروعها في الخارج:
* مدرسة هارو (مصروفاتها السنوية 36 ألف دولار): وكانت الأولى التي افتتحت لها فرعا تجاريا في الخارج – في بانكوك – في عام 1998، وأتبعته بفرع بكين في عام 2005 ثم مؤخرا بفرع ثالث في هونغ كونغ. وتقل مصروفات الفروع الأجنبية عن تكلفة الفرع البريطاني.
* مدرسة ريبتون (مصروفاتها السنوية 34 ألف دولار): ولها فرع في دبي منذ عام 2007 وتبلغ مصروفاته السنوية نحو 18 ألف دولار.
* مدرسة داليتش: (مصروفاتها السنوية 35 ألف دولار): ولها الآن ثلاثة فروع في الصين في شنغهاي وبكين وسوزهو.
* مدرسة هايلي بيري (مصروفاتها السنوية 33 ألف دولار): وفتحت لها فرعا في كازاخستان في عام 2008.
* أكاديمية سيتي (مصروفاتها السنوية 33 ألف دولار): وتتعاقد لفتح فروع لها في زيمبابوي وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
* كلية برايتون (مصروفاتها السنوية 33 ألف دولار): تعاقدت مع شركة معمارية في أبوظبي اسمها بلوم لفتح سلسلة كليات تحمل اسم برايتون حول العالم منها اثنتان في أبوظبي. وتشمل خريطة التوسع كلا من الصين وعمان والأردن ومصر والهند.
هل سمعة التعليم البريطاني في الخارج مبررة؟
https://aawsat.com/home/article/914961/%D9%87%D9%84-%D8%B3%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC-%D9%85%D8%A8%D8%B1%D8%B1%D8%A9%D8%9F
هل سمعة التعليم البريطاني في الخارج مبررة؟
إعجاب أجنبي وانتقاد داخلي لنظام عتيق
هل سمعة التعليم البريطاني في الخارج مبررة؟
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة