تنطوي الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مطار دمشق الدولي قبل أيام، ودمّرت صواريخ وأسلحة ومستودعات ذخيرة تابعة لـ«حزب الله» اللبناني، على رسائل سياسية وعسكرية، خصوصاً أن روسيا الملتزمة بحماية الأجواء السورية عبر منظومة صواريخها المتطورة، التزمت الصمت، واكتفت بدعوة الأطراف إلى ضبط النفس؛ وهو ما رسم علامات استفهام، عمّا إذا كانت هذه العملية منسّقة مسبقاً بين موسكو وتل أبيب، أو أن الأخيرة حصلت على ضوء أخضر روسي، بناء على تقاطع المصالح والتفاهمات المبرمة بينهما.
ورغم القراءات المتنوعة، فإن آراء الخبراء الاستراتيجيين تلتقي عند ثابت أساسي، وهو أن أهدافاً كثيرة لروسيا وإسرائيل تتقاطع في سوريا، ما يعطي تفويضاً قوياً للدولة العبرية لتنفيذ عمليات عسكرية. ورأى رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» رياض قهوجي، أن الموقف الإسرائيلي واضح جداً للروسي وللأميركي، وهو يريد أمرين، أولهما منع إيران من تسليم سلاح نوعي إلى «حزب الله»، مثل صواريخ أرض - جو، وصواريخ مضادة للسفن وصواريخ باليستية، والثاني منع أي تواجد عسكري على مقربة من الجولان.
وأكد قهوجي لـ«الشرق الأوسط» أن «الروس ليست لديهم مشكلة فيما يريده الجانب الإسرائيلي، لأن هدف موسكو في سوريا هو تقوية نفوذها العسكري وحماية بشار الأسد، وليس الحرب نيابة عن إيران و(حزب الله)». وقال إن «هذه الغارات تشّن بمعظمها من فوق الجولان المحتلة، أو عند الحدود، وتستخدم فيها صواريخ ذكية وبعيدة المدى، وتصيب بدقة تجمعات عسكرية ومخازن لـ(حزب الله)».
أما الخبير العسكري السوري عبد الناصر العايد، فربط بين تصاعد الضربات الإسرائيلية في سوريا و«ظهور بوادر حسم للملفين السوري والعراقي». ولفت إلى أن «هناك عملية فرض شروط من الأطراف كافة عبر استخدام القوة». ولاحظ العايد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مزيداً من التدخل العسكري التركي في سوريا والعراق». وقال: «باعتقادي أن إسرائيل تستعد للحرب وتهيئ لها الظروف، وما هذه الضربات سوى ضغوط تستبق المواجهة، فإما تخضع إيران و(حزب الله) لشروطها، وإما الحرب الشاملة التي يتوقف توقيت انطلاقها على ردّ من (حزب الله)، سواء من لبنان أو حتى من سوريا».
وكان وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، أعلن التحرك «لمنع تمدد إيران في سوريا». وقال: «لن تسمح إسرائيل بتهريب (حزب الله) للأسلحة عبر سوريا»، فيما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، خلال زيارة لموسكو، أن تل أبيب «لن تعدل عن سياستها لمنع تمدد (حزب الله) وإيران داخل سوريا».
وعمّا إذا كانت إسرائيل حصلت على ضوء أخضر روسي قبل الغارة، أوضح قهوجي أن الدولة العبرية «لا تحتاج لضوء أخضر روسي، في ظل إدارة أميركية تشجّع إسرائيل أو تفوضها بتوجيه ضربات للإيرانيين و(حزب الله)»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «الجانب الروسي يتفهّم الحساسية الإسرائيلية، وهو غير مهتم بمواجهة مع إسرائيل دفاعاً عن (حزب الله)، وليست له مصلحة في ذلك».
غير أن العايد اعتبر أن «الغارات الإسرائيلية تخدم أجندة روسيا في سوريا، لأنها تقلّم أظافر طهران». وذكّر بأن «روسيا مرتبطة بتفاهم مع إسرائيل، وهي تضمن أن تشكل الضربات الإسرائيلية رسائل ضغط على إيران من أجل الخضوع للشروط والإملاءات الروسية التي تتقاطع مع كثير من أهداف تل أبيب». وقال: «في حال لم تخضع إيران، ستتم مهاجمة نفوذها في لبنان أولاً، حيث لا حماية روسية لإيران أو (حزب الله) هناك»، معتبراً أن «هذه الضربات تستهدف بالدرجة الأولى إحراج إيران؛ فإما أن ترد على إسرائيل وتوجد حينها المبرر لشن حرب في لبنان كفيلة هذه المرّة بتدمير (حزب الله)، أو أن تنصاع للشروط الإسرائيلية بشكل كامل».
تفويض أميركي وتفهّم روسي يغطيان الغارات الإسرائيلية
تفويض أميركي وتفهّم روسي يغطيان الغارات الإسرائيلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة