إصلاح ضريبي تاريخي في الهند

يمنح نيودلهي هيكلاً موحداً وغير مباشر

إصلاح ضريبي تاريخي في الهند
TT

إصلاح ضريبي تاريخي في الهند

إصلاح ضريبي تاريخي في الهند

تستعد الهند الآن لتحقيق ما وصف بأنها الإصلاحات الضريبية المستقلة الأكثر شهرة في تاريخ الهند، بعد الإصلاحات الاقتصادية التي تمت في عام 1991. فمن المتوقع أن تغير ضريبة السلع والخدمات من قواعد اللعبة بالنسبة للأعمال والشركات فضلا عن اقتصاد البلاد.
ولقد استغرقت الإصلاحات الضريبية 17 عاما من المفاوضات، والمحاولات المستمرة المحمومة، وكثيرا من العثرات والجهود المضنية لصالح إجراءات الإصلاح الضريبي الأكثر طموحا في الهند، التي من المقرر العمل بها في غضون ستة أسابيع بعد إقرار القانون الذي سوف يحل محل عدد كبير من التشريعات الضريبية المسببة للإرباك من خلال ضريبة موحدة تشمل أرجاء البلاد.
إن المفهوم الرئيسي من تطبيق ضريبة السلع والخدمات هو التحول من نظام الضرائب غير المباشرة القائم على الإنتاج إلى نظام الضرائب الذي يتحدد من نقطة الاستهلاك. ومن شأن ضريبة السلع والخدمات الجديدة أن توحد الاقتصاد الأسرع نموا في العالم بقيمة تريليوني دولار إلى سوق مشتركة تضم 1.3 مليار نسمة، مما يمنح الهند هيكلا ضريبيا موحدا وغير مباشر، حيث لدى الهند اليوم طبقات متعددة من الضرائب الحكومية والضرائب المركزية.
وسوف تكون ضريبة السلع والخدمات الضريبة الموحدة على التصنيع، والمبيعات، واستهلاك السلع والخدمات في جميع أرجاء الهند. ولقد صاغ مجلس ضريبة السلع والخدمات هيكل الضريبة الجديدة من أربعة مستويات مع الحد الأدنى الثابت للضريبة الذي يبلغ 5 في المائة، يليه 12، ثم 18، ثم 28 في المائة.
وقال وزير المالية الهندي أرون جيتلي مبررا نظام الطبقات الأربع إنه لا يمكن فرض الضريبة على سيارة بي إم دبليو الفارهة بالطريقة نفسها التي نفرض بها الضرائب على بعض منتجات الاستخدام الشخصي البسيطة.
تعتبر هذه الإجراءات من الإنجازات المهمة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي يعمل منذ عامين كاملين على بناء التوافق السياسي الداخلي. كان السيد مودي في أروع حالاته عندما هنأ الأمة الهندية بالموافقة على قانون ضريبة السلع والخدمات، مدعيا أن النظام الضريبي الجديد سوف يخلص البلاد من إرهاب الضرائب.
وتقول الحكومة إن ضريبة السلع والخدمات سوف تدخل حيز التنفيذ الرسمي ابتداء من الأول من يوليو (تموز) بعد التصديق عليه من الهيئات التشريعية في البلاد. وتقدر الحكومة أن الضريبة الجديدة سوف تعزز من النمو الاقتصادي بمقدار نصف نقطة مئوية في العام الأول لإقرار الضريبة وسوف ترفع من ذلك النمو بنسبة نقطتين مئويتين على المدى الطويل.
وليست الهند، بأي حال من الأحوال، هي الدولة الأولى التي تجرب تطبيق نظام الضريبة الموحدة. إذ إن هناك بالفعل أكثر من 160 دولة لديها شكل من أشكال ضريبة السلع والخدمات أو ضريبة القيمة المضافة. ولكن ما يجعل من ضريبة السلع والخدمات أمرا ذا خصوصية في الهند هو أنه على العكس من النظام الذي تديره الحكومة الاتحادية، فإن الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات سوف تشرف سويا على ضريبة السلع والخدمات المزدوجة، ومن المتوقع إنشاء اتحاد جمركي موحد، مما يؤدي إلى انخفاض في تكاليف المعاملات التجارية، مع المكاسب المتوقعة على المدى الطويل. ومن المثير للاهتمام، فإن الهند سوف تكون من البلدان القليلة للغاية التي لديها نظام ضريبة السلع والخدمات إلى جانب كندا والبرازيل.
* سهولة إجراء الأعمال
أحد العوامل التي حازت على إجماع الآراء في الصناعة هو أن ضريبة السلع والخدمات باعتبارها الضريبة الموحدة سوف تجعل الحياة أكثر سهولة على الأعمال والشركات العاملة في الهند. فلن يتعين على الشركات تقديم الإقرارات الضريبية متعددة الأقسام، ولكن سوف تكون هناك استمارة واحدة على شبكة الإنترنت لرفع الإقرارات الضريبية من خلالها. وسوف تتحول البلاد في نهاية المطاف إلى سوق مشتركة، مع تسعير موحد عبر مختلف الولايات، والتخصيص الأمثل للموارد، مما يرفع من تنافسية السلع والخدمات المحلية.
يقول إنيل أغاروال رئيس مجلس إدارة مجموعة فيدانتا: «من المتوقع للضريبة الجديدة أن تسهل الأمر كثيرا على القيام بالأعمال التجارية حيث تقضي على نقاط التفتيش الضريبية القديمة عند حدود كل ولاية من الولايات. وإنني واثق في أن هذا التشريع المغير للقواعد سوف يدفع الهند نحو اقتصاد قوي يقترب من 20 تريليون دولار خلال العقود المقبلة».
* المزيد من الاستثمارات الأجنبية
تتناسب ضريبة السلع والخدمات مع منهج حكومة السيد مودي لتحسين سهولة ممارسة الأعمال التجارية في إطار حملة «اصنع في الهند». ولقد تسببت الضرائب المتنوعة، من مختلف المعدلات والشرائح في مختلف الولايات، في خلق عقبات كثيرة وكبيرة أمام تسيير الأعمال بسلاسة وزيادة التكاليف في كل مرحلة، مما يسبب الإحباط للمستثمرين الأجانب.
ويتوقع خبراء السوق أيضا أن ضريبة السلع والخدمات - التي تعتبر أكثر الإصلاحات جذرية في نظام الضرائب غير المباشرة في الهند - سوف تخلق السوق المشتركة في جميع أنحاء الهند، الأمر الذي سوف يعمل محفزا لجذب مزيد من المستثمرين الأجانب للاستثمار في مجموعة واسعة من الأنشطة الاقتصادية.
يقول راجريشي سينغهال، محرر الأعمال الأسبق والزميل البارز الحالي في مجال الاقتصاد الجغرافي لدى مؤسسة غيتواي هاوس: «أغلب سلاسل القيم العالمية، باستثناء شركة فوكسكون التايوانية، تجنبت الاستثمار في الأسواق الهندية بسبب التشابكات التنظيمية والبيروقراطية، ولا سيما تلك المتعلقة بالنظام الضريبي متعدد الطبقات. والتطبيق الناجح لضريبة السلع والخدمات الجديدة سوف يعكس من هذه التوجهات، ويساعد في جذب الاستثمارات الجديدة. والمستفيد المباشر من هذا التطبيق هو الصادرات الهندية التي عانت طويلا من عدم المقدرة على المنافسة العالمية بسبب الضرائب التفاضلية والطاقات التي استُنفدت على محاولات الامتثال مع المتاهات الضريبية الهندية المعقدة. ومن شأن ضريبة السلع والخدمات أن تضمن تعزيز وزيادة الصادرات الهندية. فعندما تنخفض تكاليف الإنتاج في السوق المحلية، فإن السلع والخدمات الهندية سوف تكون أكثر تنافسية في الأسواق الأجنبية».
ووصف مجلس الأعمال الأميركي الهندي الإصلاح الضريبي الهندي غير المباشر بأنه يغير من قواعد العمل، ومن شأنه تعزيز النمو الاقتصادي من خلال تبسيط سلاسل التوريد المحلية، وإزالة أعباء الامتثال للنظم الضريبية المتضاربة داخل الدولة الواحدة. وهذه العوامل، كما قال المجلس، من شأنها أن تزيد القدرة التنافسية العالمية للهند بوصفها وجهة من أكبر وجهات الاستثمار في العالم.
وقال موكيش آغي رئيس مجلس الأعمال الأميركي الهندي: «تلك هي المكاسب العميقة للصناعات المحلية والعالمية على حد سواء في هذا المنهج الواضح والوحيد القابل للتنبؤ».
لقد بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في الهند أعلى مستوى مسجل له منذ ثمانية أعوام بمبلغ 46.4 مليار دولار في عام 2016.
يقول مدير تجارة السلع وصندوق التحوط، جيم روجرز، الذي باع حيازاته في الشركات الهندية وغادر البلاد في أواخر عام 2015 على أساس أن حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي فشلت في الارتقاء إلى مستوى توقعات المستثمرين، إنه يعيد النظر الآن في العودة إلى الهند من جديد.
وفي مقابلة إعلامية، قال السيد روجرز معترفا بأنه لا بد أن تكون قد فاتته الحافلة المتجهة إلى الهند، حيث أضاف: «بالنسبة إلى ضريبة السلع والخدمات، فإنني مندهش للغاية، ومصدوم جدا، ومذهول بحق. لقد مررت الهند قانون ضريبة السلع والخدمات وهذا أدهشني كثيرا. لقد فوجئت بأن حكومة السيد مودي قد تجاوزت هذه النقطة أخيرا. يا لها من خطوة تاريخية لأن هذه القضية ظلت تثير كثيرا من الجدل بين السياسيين الهنود لعدة سنوات».
وأردف السيد روجرز يقول: «وإذا ما واصل السيد مودي القيام بأشياء مثل ضريبة السلع والخدمات، فلن أكون بمفردي الذي سوف يولي الهند المزيد من وقتي واهتماماتي. وهذا لا يعني أنني لن أجد فرصة أخرى للدخول، فالهند بالفعل على رأس أجندة أعمالي لما يجب علي القيام به».
ووصفت وسائل الإعلام الأجنبية تمرير قانون ضريبة السلع والخدمات الهندي الجديد بأنه أكثر الإصلاحات الضريبية تعقيدا في العالم ذلك الذي يحتاج إلى دعم وإسناد التكنولوجيا الحديثة. ولقد شرعت مؤسسة إنفوسيس، وهي المؤسسة الهندية العملاقة في مجال البرمجيات، في بناء البنية التحتية الهائلة - وهي بوابة ضريبة السلع والخدمات - حيث يمكن لدافعي الضرائب الهنود التسجيل، وسداد المدفوعات، وتقديم الإقرارات الضريبية. ومن المتوقع أن تغطي الضريبة الجديدة ما يقرب من 7.5 مليون شركة هندية.
* المزيد من الضرائب المنخفضة
بالنسبة للحكومة الهندية، فإنه من المتوقع لضريبة السلع والخدمات أن تعزز من الامتثال الضريبي وتوجيه المزيد من المواطنين إلى شبكة الضرائب في الدولة التي تشيع فيها حالات التهرب الضريبي.
قال وزير الإيرادات الهندي هاسموخ آدهي، إن كثيرا من المواطنين والشركات سوف يخضعون للمظلة الضريبية الجديدة بعد تطبيق نظام ضريبة السلع والخدمات الجديد.
وأضاف يقول: «أحد أهداف ضريبة السلع والخدمات توسيع صافي المُحصل من الضرائب المحلية. وما بعد إقرار قانون ضريبة السلع والخدمات الجديد سوف يشهد تحصيل الضرائب غير المباشرة نموا بمقدار 10 نقاط مئوية وفقا للأهداف الحكومية المحددة».
وقال ناوشاد فوربيس، رئيس اتحاد الصناعات الهندية، إن «نسبة الضرائب المنخفضة إلى الناتج المحلي الإجمالي سوف تشهد ارتفاعا، مما يساعد الحكومة على الالتزام بالانضباط المالي والسيطرة على التضخم. كما أنها سوف تحسن من الإنتاجية والشفافية. وبمجرد تطبيق القانون الضريبي الجديد، فسوف يغطي جميع أرجاء البلاد من مستوى الرسوم والضرائب لدى الحكومة المركزية وحكومات الولايات وبالتالي يحول البلاد إلى سوق مشتركة ويساهم بصورة كبيرة في نمو اقتصاد البلاد».
وأضاف أن ضريبة السلع والخدمات من المرجح لها أيضا أن تخفض من أسعار السلع على المستهلكين، وزيادة القدرة التنافسية للصادرات الهندية في الأسواق الدولية، وتضع الهند على الطريق الصحيحة لجني الفرص الاقتصادية العالمية الهائلة.
يبدو ذلك من الأمور الجيدة. ولكن لن يكون الأمر سهلا بعد ذلك للمضي قدما حتى خط النهاية في ضريبة السلع والخدمات. والسبب بسيط للغاية. من شأن ازدواجية نظام ضريبة السلع والخدمات في الهند أن تجعل من التطبيق مشكلة معقدة، ويسلب الضريبة الجديدة بعضا من السمات الرئيسية فيها لسهولة القيام بالأعمال في البلاد. فلقد أثار النظام الضريبي المقترح المخاوف بشأن التضخم. والمواد الغذائية المخصصة للتصدير مثل الحبوب والخضراوات من المتوقع أن ترتفع تكاليفها كثيرا. والأدوات الأساسية مثل الخدمات الصحية والأدوية سوف ترتفع أسعارها كذلك حيث إنها تخضع في الوقت الحالي لشرائح ضريبية أقل. ويقول الخبراء إنه في حين تم اعتماد مشروع القانون الجديد، فإن نجاحه يتوقف على معايير تنفيذه.



تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
TT

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

قال مصدر لوكالة «رويترز» للأنباء إن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مددت مهلة حتى يوم الاثنين المقبل، أمام إيلون ماسك، للرد على عرضها لحسم تحقيق في استحواذ الملياردير على «تويتر»، مقابل 44 مليار دولار في عام 2022.

وغرد ماسك، أمس (الخميس)، بنسخة من رسالة أرسلها محاموه إلى رئيس الهيئة، جاء فيها أن موظفي الهيئة منحوه 48 ساعة للموافقة على دفع غرامة أو مواجهة اتهامات.

وقال المصدر إن الهيئة أرسلت إلى ماسك عرض تسوية، يوم الثلاثاء، سعياً للحصول على رد في 48 ساعة، لكنها مددت العرض إلى يوم الاثنين بعد طلب مزيد من الوقت.

وانخرطت الهيئة وهي أعلى سلطة في تنظيم الأسواق الأميركية وماسك في معركة قضائية، معلنة عن التحقيق الذي أجرته الوكالة في استحواذه على منصة التواصل الاجتماعي التي غيّر ماسك اسمها منذ ذلك الحين إلى «إكس».

ورفض متحدث باسم مكتب الشؤون العامة في هيئة الأوراق المالية والبورصات التعليق، ولم يرد محامي ماسك بعد على طلبات التعليق.

وكانت الهيئة تحقق فيما إذا كان ماسك قد انتهك قوانين الأوراق المالية في عام 2022 حين اشترى أسهماً في «تويتر»، بالإضافة إلى البيانات والملفات التي قدمها فيما يتعلق بالصفقة. وقد سعت إلى إنفاذ أمر استدعاء قضائي لإجبار ماسك على الإدلاء بشهادته بشأن هذه المسألة.

ويتعلق التحقيق بالملف الذي قدمه ماسك في الآونة الأخيرة إلى الهيئة بشأن مشترياته من أسهم «تويتر»، وما إذا كان أراد التربح أم لا.