قصف إدلب يخرج مستشفى الولادة من الخدمة

المعارضة تتهم الطائرات الروسية بضرب أبنية سكنية بالصواريخ الفراغية

سوريون يبحثون عن ناجين إثر غارة على إدلب  أمس (رويترز)
سوريون يبحثون عن ناجين إثر غارة على إدلب أمس (رويترز)
TT

قصف إدلب يخرج مستشفى الولادة من الخدمة

سوريون يبحثون عن ناجين إثر غارة على إدلب  أمس (رويترز)
سوريون يبحثون عن ناجين إثر غارة على إدلب أمس (رويترز)

تصاعدت وتيرة الحملة العسكرية التي يشنّها النظام السوري وحلفاؤه على محافظة إدلب، وأسفر القصف الجوي عن وضع سبعة مستشفيات وعدد من المؤسسات الصحية خارج الخدمة، فيما أكد ناشطون أن عدداً من القتلى والجرحى المدنيين، بينهم عناصر من الدفاع المدني، سقطوا من جراء استهداف الطيران الروسي بالصواريخ الفراغية، لمبانٍ سكنية في بلدة سرمين الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف إدلب الشرقي.
وشملت العمليات العسكرية مناطق واسعة في إدلب. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الطائرات الحربية نفذت صباح أمس «غارات مكثّفة على محيط قرية معرزيتا بالريف الجنوبي لإدلب، بينما قصفت بلدة كفرتخاريم بريف إدلب الشمالي بعشرات الصواريخ جو - أرض، استهدف أحدها مشفى البلدة، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة».
وقال إن «طائرات حربية نفذت في الساعات الأولى من فجر (أمس) غارات على مدينة معرة النعمان وبلدات سرمين وخراب القيس والنيرب في ريف إدلب الشرقي، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى»، مشيراً إلى أن «غارات أخرى استهدفت منتصف الليل جبل الأربعين قرب مدينة أريحا».
وأعلنت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة أن «الطيران الحربي الروسي استهدف منتصف ليل (أول من أمس) عدة بلدات وقرى، منها خربة قيس بسهل الروج، ما أدى إلى استشهاد امرأة وطفل، كما استشهدت امرأة بقصف جوي مماثل على مدينة سلقين، وتعرضت منطقة جبل الأربعين وريف إدلب الجنوبي لغارات متتالية من الطيران الروسي في وقت واحد». وقالت إن الطيران الروسي «شنّ غارات عدّة على مشفى الولادة في مدينة كفرتخاريم، ألحقت به أضراراً كبيرة وأخرجته عن الخدمة، كما تسببت بإصابات بين المدنيين، ليكون سابع مشفى يتعرض للاستهداف خلال أقل من شهر ويخرج عن الخدمة في إدلب».
وتتخوّف المعارضة السورية من نقل النظام وحلفائه تجربة حلب التي أدت إلى تدمير المدنية وبلدات في ريفها إلى محافظة إدلب، وتحذّر من كارثة إنسانية، بسبب الكثافة السكانية في إدلب التي تضم إلى سكانها الأساسيين، مئات آلاف النازحين إليها من المناطق التي شهدت تهجيراً وتغييراً ديموغرافياً، إذ قصدها المهجرون من ريف دمشق وحمص وحلب ومحافظات أخرى.
إلى ذلك، نقل «مكتب أخبار سوريا» المعارض عن ناشطين في إدلب أن «الطيران الحربي الروسي قصف بالصواريخ الفراغية، مبنى سكنياً مؤلفاً من خمسة طوابق في بلدة سرمين الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف إدلب الشرقي». وأكد أن القصف «أدى إلى سقوط عدد من المدنيين، وإصابة 20 آخرين بينهم عنصران من الدفاع المدني».
وقال الناشط علاء ديب من ريف إدلب لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن «فرق الدفاع المدني استمرت بالبحث تحت الأنقاض نحو خمس ساعات، كما أزالت الركام من الطرقات». وأشار إلى أن القصف «أدى إلى أضرار أخرى بالمحال التجارية والمنازل المجاورة للمبنى المستهدف»، مؤكداً أن الطائرات الروسية «استهدفت خلال الشهر الحالي ثمانية مستشفيات ومستوصفاً في مناطق عدة بريف إدلب، ما أدى إلى خروجها عن الخدمة بشكل كامل وسقوط ضحايا».
وفي ريف إدلب الجنوبي، قالت المعارضة إن طفلين ووالدتهما قتلوا وأربعة آخرين جرحوا، إثر غارتين روسيتين على قرية خاضعة لسيطرة المعارضة، تسببتا أيضاً بدمار منزلين وأضرار أخرى، في حين جرح مدنيان وخرج مستشفى الأطفال في بلدة كفرتخاريم بريف إدلب الشمالي من الخدمة بشكل كامل، من جراء ثلاث غارات روسية قربه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.