يقوم عمال البناء بطلاء رسومات الغرافيتي التي خلفتها جماعة «بوكو حرام» على الجدران، وبات مألوفاً رؤية الألواح المصنوعة من رقائق الخشب مثبتة إلى جوار المنازل التي حطمتها تلك الجماعة بالقنابل. وعلى السطح، تبدو الحياة وكأنها قد عادت إلى تلك المدينة التي احتلها الإسلاميون المتشددون يوماً ما، باستثناء حقيقة مرعبة واحدة، وهي أنه لا يزال هناك نحو 500 طفل مفقود.
أغلب هؤلاء الأطفال تعرضوا للاختطاف على يد جماعة «بوكو حرام»، في خريف عام 2014. وقبل ذلك بشهور، تحديداً في شهر أبريل (نيسان)، اختطف مسلحو الجماعة نفسها 267 فتاة من تلميذات المدارس بمنطقة تشيبوك، في عمليات اختطاف باتت هدفاً لحملة عالمية انتشرت على موقع التواصل «تويتر» تحت اسم: «أعيدوا إلينا بناتنا». غير أن العالم لم ينتبه لهؤلاء الأطفال المختفين بمنطقة دمسك، حيث أفاد سكان المنطقة بأن عدد المختطفين تخطى 500 طفل، جميعهم (باستثناء قلة قليلة منهم) لا يزالون في عداد المفقودين.
ووسط كل هذا الكم من الأنقاض المنتشرة في المدينة، فكل من تقابله في طريقك لا بد أن يكون قد فقد ابناً أو ابنة أو أخاً أو أختاً. وخارج جدران البيت الطيني غير المسقوف، يجلس الحاج بكر ممسكاً بصورة لحفيده الذي كان عمره 9 سنوات عندما اختطفته جماعة بوكو حرام، في سبتمبر (أيلول) 2014، ويقول: «حكام ولايتنا وأعضاء مجلس النواب مهملون، لماذا لم ينجحوا في العثور عليه حتى الآن؟». وإلى جوار بكر، تجلس فاطمة كياري التي اختطف ابنها أيضاً، وتقول وقد استشاطت غضباً: «عندما هربت (بوكو حرام) من دمسك، أخذوا ابني معهم». وبمجرد علم سكان البلدة بوجود صحافيين يسألون عن مصير الأطفال المفقودين، تزايد عدد الناس في الدائرة أسفل شجرة الشوك نصف الظليلة.
يوسف أيسامي فقد شقيقه، البالغ من العمر 12 عاماً، وكذلك فقد عمارة يكامي ابنه، البالغ من العمر 10 أعوام. وتسربت بعض المعلومات عن عمليات الاختطاف الجماعية في الشهور التي تلت الحادثة، حيث أعلنت منظمة حقوق الإنسان «هيومان رايتس ووتش»، عام 2015، أن 300 تلميذ على الأقل تعرضوا للاختطاف في منطقة دمسك، في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، فيما عرف بأنه أكبر عملية اختطاف جماعية موثقة تقوم بها «بوكو حرام» المسلحة. وكثير من هؤلاء الأطفال احتجزوا في المدرسة نفسها حتى مارس (آذار) 2015، عندما قامت قوة عسكرية متعددة الجنسيات باقتحام البلدة، في إطار حملة عسكرية استهدفت مسلحي التنظيم، غير أن المسلحين تمكنوا من الفرار مصطحبين الأطفال، وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي شوهد فيها الأطفال.
وبعد ذلك بعامين، عاد كثير من السكان إلى البلدة بعدما عاشوا كلاجئين في النيجر المجاورة، فيما هرب آخرون إلى قرى نيجيريا المجاورة. لكن البعض، مثل بكر، عاش في الأدغال يتغذى على ثمار الأشجار البرية، لكنه كان يجرى بعيداً في كل مرة يسمع فيها أصوات مقاتلي «بوكو حرام».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»
رعب في مدينة نيجيرية خطفت «بوكو حرام» أطفالاً منها
رعب في مدينة نيجيرية خطفت «بوكو حرام» أطفالاً منها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة