قبل 16 يوما على موعد الجلسة النيابية التي حددها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري للتصويت على قانون جديد تُجرى على أساسه الانتخابات، وفي حال تعذر ذلك للتمديد مرة ثالثة للمجلس الحالي، يسيطر جو من التشاؤم على المشهد العام في ظل اقتراب القوى السياسية من الوصول إلى حائط مسدود، نتيجة عدم التفاهم حتى الساعة على أي صيغة انتخابية، مما يفاقم المخاوف من الذهاب باتجاه فراغ برلماني تنبه أكثر من جهة أنّه سيمهد لمؤتمر تأسيسي وتغيير النظام اللبناني.
وان كان رئيسا الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري يصران على إشاعة أجواء من التفاؤل من خلال التأكيد على أن المهل لا تزال تسمح بإنجاز التفاهم المنشود، فإن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يبدو أكثر ميلا إلى التشاؤم. وهو ما تعبّر عنه مصادره، لافتة إلى «ألا تفاؤل أبدا في الأجواء إلا إذا حصلت مفاجأة غير محسوبة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «المخاوف من السقوط بالفراغ أي بالمجهول تكبر مع مرور الأيام». وتضيف المصادر: «إذا كانوا يريدون حقيقة الفراغ، فليذهبوا إليه ونحن لن نكون إلا فريقا في الحافلة التي تتجه إلى الهاوية».
بالمقابل، يعتبر تيار المستقبل أن الاتفاق على أحد مشاريع القوانين المطروحة أمر ممكن وقد يحصل في 24 ساعة إذا صفت النيات. ويرى النائب عن «المستقبل» عقاب صقر، أن «لب المشكلة اليوم يكمن بتحويل عدد من الفرقاء البوصلة من معركة قانون الانتخاب إلى معركة رئاسة الجمهورية المقبلة»، مشددا في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، على وجوب «تأجيل معركة وراثة العماد ميشال عون لحينها والانصراف إلى إيجاد مخرج للأزمة الحالية». ويضيف صقر: «لا نعتقد أننا في موقع يسمح بتخييرنا بين السيئ والأسوأ. نحن في مرحلة تسمح لنا بالتفاهم على قانون جديد خصوصا أن كل الصيغ الممكنة باتت أمامنا على طاولة البحث، وبالتالي نحن قبل 15 مايو (أيار) نتمسك برفض الفراغ كما رفض التمديد ورفض الستين... أما بعد 15 مايو فقد يكون لنا كلام آخر». ويؤكد صقر أن العودة لقانون الستين «غير مطروحة بأي شكل من الأشكال باعتبار أنه قد تم دفنه. وإذا كانت هناك حقيقة من يريد الستين فليرفع يده».
وواكب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يوم أمس، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، الاتصالات الجارية للاتفاق على قانون جديد للانتخابات، في ضوء اللقاءات التي تعقد في هذا الصدد وانطلاقا من المواقف والثوابت التي حددها سابقا والتي شدد فيها على «ضرورة التوصل إلى قانون انتخابي جديد يضمن صحة التمثيل الشعبي ويحقق العدالة والمساواة بين اللبنانيين من دون تمييز». والتقى عون رئيس الحكومة سعد الحريري الذي حاول أكثر من مرة بعد اللقاء الحث على التمسك بالتفاؤل، كاشفا أنه سيدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل يكون ضمن بنودها قانون الانتخاب بالإضافة إلى بنود أخرى. وإذ أكد الحريري أنّه لا يضع نفسه في مواجهة مع أي فريق أضاف: «ما يهمنا الوصول إلى معادلة حسن التمثيل، والخلاف هو على بعض التفاصيل. وأعتقد أنه يمكن حل هذه الأمور». من جهته، قال الوزير السابق جان عبيد بعد لقائه عون: «إننا بصرف النظر من الموقف من قانون الانتخاب الساري لجهة الإعجاب به أو الرفض، فإنني في حال تعذر التعديل قد يكون من الطبيعي التقيد بما هو قائم»، بإشارة إلى قانون الستين الذي جرت على أساسه الانتخابات النيابية الأخيرة في عام 2009.
وتتفق القوى السياسية على أن رئيسي الجمهورية والحكومة يعبران عن تفاؤل بإطار الرغبة وليس الواقع. وهو ما تحدث عنه النائب في تيار المستقبل محمد قباني لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أن «الكلام عن تفاؤل بالمرحلة الحالية رغبة وليس حقيقة، فالجو التشاؤمي هو المسيطر». واعتبر قباني أن التمديد بات أمرا واقعا سواء أجريت الانتخابات على أساس قانون الستين أو أي قانون غيره، وأضاف: «ما دمنا دخلنا في هذه المرحلة الساخنة دعونا نبحث عن الحلول الكاملة لا إنصاف الحلول، ونتجه لتطبيق اتفاق الطائف وإنشاء مجلس شيوخ... أما كل كلام عن فراغ فيعني نهاية لبنان، فبسقوط البرلمان تسقط الحكومة ورئاسة الجمهورية تلقائيا».
أما العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية، فأكد «ألا مشروع قانون يتقدم في الوقت الحالي على غيره من المشاريع»، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الشروط والشروط المضادة خصوصا التي يفرضها الثنائي الشيعي، تعرقل عملية الاتفاق على صيغة ترضي الجميع». وأضاف: «أما قانون الستين فمرفوض تماما من قبلنا ولا نتخوف من فراغ، لأنّه وحالما تنتهي ولاية البرلمان تستطيع الحكومة أن تجتمع لاتخاذ القرار المناسب بشأن القانون الذي ستتم على أساسه الانتخابات».
لبنان: الفشل في الاتفاق على قانون جديد يحاصر القوى السياسية
عقاب صقر لـ«الشرق الأوسط»: أجلوا معركة وراثة ميشال عون
لبنان: الفشل في الاتفاق على قانون جديد يحاصر القوى السياسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة