شهدت محافظة طرطوس، ذات الغالبية العلوية حركة تمرّد ضدّ النظام السوري، ردّاً على اعتقال مئات الشبان من طلاب الجامعات، واقتيادهم إلى الفروع الأمنية تمهيداً للزجّ بهم في جبهات القتال. وأسفرت هذه التحركات عن مواجهات دامية بين الطرفين، أدت إلى سقوط عدد من الجرحى بينهم طلاب جامعيون، في وقت قال معارضون للنظام إن «الأصوات بدأت ترتفع داخل البيئة العلوية، رفضاً لتجنيد عدد إضافي من أبنائها في المعارك السورية، بعد سقوط آلاف القتلى منهم».
ونقل موقع «الدرر الشامية» الإخباري، عن مصادر إعلامية محسوبة على النظام، أن «عدداً من طلاب كلية الآداب أُصيبوا بطلقات نارية خلال الاشتباكات بين القوى الأمنية ومطلوبين لخدمة الاحتياط»، مشيراً إلى أن «المواجهات دارت بين مدنيين موالين للنظام من جهة، وبين عناصر الأمن والشرطة من جهة ثانية، رداً على اقتياد مئات الطلاب الجامعيين من المقاهي، ومنهم من هم دون الـ18 من العمر، وإجبارهم على القتال في صفوف الجيش»، في حين أعطت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لمؤيدين للنظام، رواية مختلفة تدعي أن «الحملة كانت ضد مطلوبين بتهم جنائية».
ويجيء هذا «التمرّد» بعد تراكمات وأخطاء أوصلت الأهالي إلى حالة الغليان، وتحدث الخبير العسكري والاستراتيجي السوري العميد أحمد رحّال، عن حالات فرار في صفوف العسكريين العلويين من الجيش مع أسلحتهم، ولجأوا إلى جبال طرطوس واللاذقية. وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أجهزة الأمن لا تجرؤ على مطاردتهم كي لا تقع في صدام مع العائلات العلوية»، مؤكداً أن «الناس بدأت تعي أن بشار الأسد يأخذ بهم إلى الجحيم، وأن كل شعاراته عن الانتصار القريب أثبتت عقمها».
وتحدث رحال عن جملة أسباب جعلت المجتمع العلوي ينتفض، حيث إن هناك معلومات تفيد بمقتل آلاف العلويين منذ بدء الأحداث في سوريا، من أصل مليون ونصف مليون علوي. ورأى أن «الوسط الشعبي في اللاذقية وطرطوس بدأ يتحدث عن أن النظام، يتعمّد الآن تجويع العلويين، حتى لا يبقى لهم مصدر عيش سوى الانخراط في الجيش أو ميليشيات الدفاع الوطني أو الفيلق الخامس، ليقبضوا رواتبهم مقابل ذلك، في حين يفتتح النظام مشاريع سياحية في هذه المناطق بملايين الدولارات».
من جهته، أعلن عمر الجبلاوي، الناطق باسم «تجمّع ثوار سوريا»، أنه «أثناء مباراة لكرة القدم بين فريقي برشلونة وريال مدريد الإسبانيين، كانت المقاهي تعجّ بالشبان المشجعين، فنصبت قوات النظام كمائن لهم، واعتقلت العشرات منهم لدى مغادرتهم المقاهي إثر انتهاء المباراة، وساقتهم إلى الفروع الأمنية لإجبارهم على الانخراط في الخدمة العسكرية الإلزامية».
وأكد جبلاوي لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا التصرّف دفع لمواجهات بين أهالي المعتقلين، وهم مدنيون موالون للنظام، وبين الفروع الأمنية التي اعتقلت الشبّان، ما تسبب بمواجهات وإطلاق نار». وقال إن «أهالي طرطوس العلويين، علت صرختهم لكثرة الوفيات والإصابات التي تلحق بأبنائهم، لأن النسبة الأكبر من القتلى هم من أبناء مدينة طرطوس والبلدات العلوية المحيطة»، مشيراً إلى أن «المئات من أبناء هذه المنطقة، فرّوا من الجيش، كما أن مئات الشبان المدنيين تركوا طرطوس واللاذقية وهاجروا إلى أوروبا، حتى لا يزجهم النظام في الجبهات».
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 60 ألف علوي، قتلوا في صفوف قوات النظام والميليشيات التابعة لها في المعارك المستمرة منذ 6 سنوات في سوريا، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في وقت سابق.
وتحدثت تقارير استندت إلى شهادات من داخل المحافظة، أن عدد القتلى في صفوف جيش النظام والميليشيات الرديفة والمتحدرين من محافظة طرطوس وحدها زاد عن 40 ألف قتيل خلال السنوات الست الماضية.
وأشارت إلى أن «عمليات تشييع القتلى من أبناء محافظة طرطوس باتت أمراً شبه يومي وبشكل جماعي، حيث يتم نقل القتلى من جبهات حماة وتدمر والغوطة الشرقية باتجاه مسقط رأسهم، كما أن الجدران باتت مغطاة كلها بالأوراق التي تنعي الضباط والعناصر الذي قُتلوا خلال الفترة الماضية».
ولم تعد شعارات محاربة الإرهاب تقنع البيئة المحسوبة على الأسد، وفق عمر الجبلاوي الذي قال: «الكل يعرف أنه بعد الدخول الروسي، راح النظام يزج بالشباب العلوي حتى من هم دون الـ18 من العمر، على خطوط القتال الأمامية، حتى من دون تدريب، وسرعان ما يقتل بعضهم ويقع البعض الآخر بالأسر»، مؤكداً أن «هذه السياسة دفعت بالأهالي إلى ردّة فعل عنيفة تجاه النظام».
طرطوس تتمرّد على النظام رفضاً لزجّ شبابها في جبهات القتال
مواجهات دامية بين قوات الأمن ورافضي الالتحاق بالخدمة العسكرية
طرطوس تتمرّد على النظام رفضاً لزجّ شبابها في جبهات القتال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة