خلافات في برلمان طبرق حول المحافظ الجديد للمصرف المركزي

اتفاق على تسهيل عودة الشركات الروسية للعمل في ليبيا

مبنى البنك المركزي الليبي في طرابلس (رويترز)
مبنى البنك المركزي الليبي في طرابلس (رويترز)
TT

خلافات في برلمان طبرق حول المحافظ الجديد للمصرف المركزي

مبنى البنك المركزي الليبي في طرابلس (رويترز)
مبنى البنك المركزي الليبي في طرابلس (رويترز)

وسط خلافات عميقة ومشادات كلامية حادة، قرر مجلس النواب الليبي تأجيل اختيار المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي إلى جلسة ستعقد خلال الأسبوع المقبل بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد.
وفشل أعضاء المجلس في جلسة عقدوها على مدى اليومين الماضيين في حسم الخلافات حول المرشح الجديد، من بين خمسة مرشحين، استمع أعضاء المجلس في وقت سابق لرؤيتهم لعمل المصرف ودوره في المرحلة المقبلة.
وفى جلسة عقدت برئاسة أحميد حومة، النائب الثاني لرئيس المجلس، وبحضور 92 عضوا، طفت الخلافات بين أعضاء المجلس ومنعتهم من اختيار بديل للصديق الكبير، المحافظ الحالي لمصرف ليبيا المركزي الموجود في العاصمة طرابلس، الذي يحظى بدعم من حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج.
وانتقد نحو 29 من أعضاء المجلس في بيان لهم الطريقة التي أديرت بها الجلسة، التي عقدت على مدى يومين، واعتبروا أن ذلك يؤدي إلى استمرار الأزمة الاقتصادية، وإطالتها وفرض حلول سياسية معينة وتحقيق مكاسب سياسية فردية.
وقال الأعضاء إنهم قرروا تعليق عضويتهم داخل المجلس إلى حين إجراء إصلاحات هيئة الرئاسة بمجلس النواب واختيار المحافظ ونائبه. وسيتم انتخاب محافظ ليبيا المركزي الجديد عن طريق الانتخاب السري في جلسة ستعقد الأسبوع المقبل، علما بأن البرلمان المعترف به دوليا كان قد اتخذ قرارا بإقالة المحافظ الحالي عام 2014، وكلف علي الحبري بديلا له.
واعتبر أحد النواب في تصريحات له أمس أنه لا يمكن لمحافظ مصرف ليبيا المركزي أن يتسلم المصرف في طرابلس إلا بحوار حقيقي يتفق عليه جميع الليبيين، لافتا النظر إلى أن الخيار الآخر هو الحسم العسكري والدخول إلى مصرف طرابلس عسكريا.
وفى تطور متصل ترأس أمس عبد الله الثني، رئيس الحكومة الانتقالية الموالية لمجلس النواب اجتماعا غاب عنه رئيس الأركان العامة للجيش اللواء عبد الرازق الناظوري بسبب ارتباطه بالأعمال العسكرية الجارية.
وقالت وكالة الأنباء لموالية لحكومة الثني إن «الاجتماع ناقش آليات حلحلة الأزمات المالية والخدمية لمختلف المدن والمناطق الليبية، وأكد في المقابل ضرورة استمرار الدعم الضروري لقوات الجيش، بما يضمن لها الاستمرار في حربها المقدسة على الإرهاب في ظل الحصار الدولي الشديد على ليبيا ومؤسساتها الشرعية».
وكان الثني المقرب من قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، قد شكل مؤخرا لجنة طوارئ برئاسته لتسهيل عملية تمويل احتياجات قوات الجيش.
إلى ذلك، كان الملف الليبي حاضرا خلال الاجتماع الذي عقده أمس الفريق محمود حجازي، رئيس أركان حرب الجيش المصري ورئيس اللجنة المصرية المعنية بالأزمة الليبية، مع القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ستيوارت جونز، الذي يزور مصر حاليا.
وقال بيان للمتحدث العسكري باسم الجيش المصري، إن اللقاء الذي حضره السفير الأميركي بليبيا، ناقش بعض الملفات والقضايا الملحة التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، وتطورات الأوضاع في ليبيا، والجهود المبذولة لتهيئة المناخ الملائم لاستكمال الحوار الوطني بين الأطراف المعنية على الساحة الليبية.
ونقل البيان عن الفريق حجازي تأكيده حرص بلاده وسعيها الدائم نحو تسوية الأزمة الليبية، ودعم الشعب الليبي الشقيق، بما يدعم إرساء الأمن والاستقرار للحفاظ على وحدة واستقرار الدولة الليبية ومصالح شعبها.
وفي المقابل، أكد المسؤول الأميركي حرص بلاده على التنسيق والتشاور مع مصر لتعزيز العمل على إيجاد تسوية مناسبة للأزمة الليبية، مشيدا بالجهود السياسية والدبلوماسية المصرية في هذا الإطار.
وكان لافتا أيضا حضور السفير البريطاني بكل من القاهرة وليبيا لاجتماع آخر منفصل، عقده الفريق حجازي مع الفريق توم بيكيت كبير مستشاري رئيس هيئة الأركان البريطاني.
وقال بيان رسمي إن اللقاء ناقش تطورات الأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والمواقف والجهود الإقليمية والدولية لمواجهة مخاطر الإرهاب والتطرف. ونقل عن كبير مستشاري رئيس هيئة الأركان البريطاني دعم بلاده لمصر في حربها ضد الإرهاب، وتأكيد أهمية دور مصر الحيوي في دعم الأمن والسلم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
من جهة أخرى، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إطلاق سراح خمسة من البحارة الروس الذين كانوا محتجزين في ليبيا، وعودتهم إلى روسيا، علما بأن البحارة اعتقلوا على متن ناقلة روسية في مارس (آذار) الماضي في المياه الإقليمية الليبية قبالة مدينة الزاوية غرب طرابلس. وقال بوغدانوف في تصريحات له أمس: «تمكنّا من تحرير خمسة من بحارة سفينة ميرلي، وقد عادوا إلى روسيا»، مشيرا إلى أن الدبلوماسيين الروس عقدوا لقاءات مع السياسيين في العاصمة الليبية طرابلس، لكنهم لم يتصلوا بمجلس النواب الليبي.
وقال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، الذي التقى المسؤول الروسي، إنهما اتفقا على تنفيذ برامج التعاون الاقتصادي، وتسهيل عودة الشركات والمؤسسات الروسية للعمل مرة أخرى في ليبيا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».