تركيا تتحدى الاتحاد الأوروبي بحملة اعتقالات موسعة في صفوف أنصار غولن

بروكسل والمعارضة تواصلان الضغوط... وأنقرة تعتقل أكثر من ألف شخص

قوات الأمن التركية أوقفت ألفاً و9 من المشتبه بانتمائهم الى «حركة غولن» (أ.ف.ب)
قوات الأمن التركية أوقفت ألفاً و9 من المشتبه بانتمائهم الى «حركة غولن» (أ.ف.ب)
TT

تركيا تتحدى الاتحاد الأوروبي بحملة اعتقالات موسعة في صفوف أنصار غولن

قوات الأمن التركية أوقفت ألفاً و9 من المشتبه بانتمائهم الى «حركة غولن» (أ.ف.ب)
قوات الأمن التركية أوقفت ألفاً و9 من المشتبه بانتمائهم الى «حركة غولن» (أ.ف.ب)

نفذت قوات الأمن التركية أمس الأربعاء واحدة من أوسع الحملات الأمنية ضد مشتبه في انتمائهم إلى «حركة الخدمة» التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن، المقيم في أميركا، والذي تتهمه السلطات التركية بالوقوف وراء محاولة انقلاب عسكري فاشلة تعرضت لها البلاد في منتصف يوليو (تموز) الماضي، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على قرار الجمعية البرلمانية لـ«مجلس أوروبا» بإعادة فرض المراقبة السياسية على تركيا بسبب تدهور أداء مؤسساتها الديمقراطية في ظل حالة الطوارئ التي أعلنت عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن قوات الأمن أوقفت ألفا و9 مشتبهين بانتمائهم لـ«منظمة غولن الإرهابية» في إشارة إلى «حركة الخدمة»، ممن تغلغلوا داخل الأجهزة الأمنية في 72 ولاية من ولايات تركيا وعددها 81 ولاية. وأضاف صويلو في كلمة أمام الاجتماع الدوري الثاني لهيئة سياسات الهجرة في أنقرة أمس إن مكافحة عناصر غولن ممن تغلغلوا داخل الأجهزة الأمنية تشكل مسألة مهمة بالنسبة للجمهورية التركية. وأشار إلى أن بلاده تواصل مكافحة جميع التنظيمات الإرهابية، داخل وخارج الحدود، وبشكل متزامن، وبمشاركة جميع مؤسسات الدولة.
وتعليقا على قرار الجمعية البرلمانية لـ«مجلس أوروبا» بإعادة وضع تركيا تحت المراقبة السياسية، وهو الوضع الذي كانت عليه عند بدء مفاوضاتها للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي في عام 2004 بسبب حملات الاعتقالات الموسعة والتضييق على المعارضة وحرية التعبير وتدهور أداء المؤسسات الديمقراطية في ظل حالة الطوارئ في تركيا، قال صويلو إن موضة لعب الاتحاد الأوروبي بـ«كروت» التخويف والتأديب ضد تركيا أصبحت شيئا من الماضي.
وانطلقت الحملة الأمنية الموسعة التي كان مركزها مديرية أمن أنقرة أمس بمشاركة ما يزيد على 8 آلاف و500 شرطي في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في أنقرة التي أصدرت قرارات ضبط بحق أكثر من 5 آلاف من المشتبه في انتمائهم لحركة غولن في جميع محافظات تركيا. وتخللت العملية حملات مداهمة بالتنسيق مع رئاسة دائرة مكافحة الجرائم المنظمة والتهريب التابعة للمديرية العامة للأمن.
وأوقفت السلطات التركية أكثر من 47 ألفا بالسجون، كما أقالت وأوقفت عن العمل أكثر من 140 ألفا آخرين في مختلف قطاعات الدولة، شملت الجيش والشرطة والتعليم والإعلام والخدمات العامة للاشتباه في صلتهم بحركة غولن.
وجاءت الاعتقالات الأخيرة بعد 10 أيام من موافقة الأتراك بأغلبية بسيطة على تعديلات دستورية للانتقال إلى النظام الرئاسي وتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية في استفتاء أجري في 16 أبريل (نيسان) الحالي قالت أحزاب المعارضة ومراقبون أوروبيون إنه شابته مخالفات قانونية ودستورية، لكن اللجنة العليا للانتخابات ومجلس الدولة في تركيا رفضا طعون المعارضة المتعلقة به.
وقالت مصادر أمنية تركية إن الحملة الأمنية الجديدة تشمل جميع المحافظات التركية الـ81 وتهدف إلى تنفيذ قرار اعتقال لقرابة 5 آلاف شخص صدرت بحقهم مذكرات، في ظل توقعات بأن يرتفع الرقم إلى أكثر من ذلك، وإن الحملة انطلقت بناء على معلومات أمنية واستخباراتية وتمكن السلطات من الحصول على قوائم سرية تابعة لـ«حركة الخدمة».
ولفتت المصادر إلى أن هذه العناصر كانت تعمل على محاولة إعادة بناء الهيكل التنظيمي لأنصار غولن داخل هيكل الدولة، لا سيما الأجهزة الأمنية في البلاد، ومن المتوقع أن تؤدي هذه العملية المتواصلة إلى تفتيت ما تبقى من نفوذ للحركة داخل أجهزة الدولة.
في السياق نفسه، وصف وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو قرار الجمعية البرلمانية لـ«مجلس أوروبا» بخصوص «الرقابة السياسية» على بلاده، بأنه «سياسي»، مشيرا إلى أنه اُتخذ لمعاقبة تركيا، مضيفا: «سنعيد النظر في علاقاتنا من الآن فصاعدا مع البرلمان الأوروبي والجمعية البرلمانية في بعض القضايا. أجبرونا على القيام بذلك».
من جانبه، قال وزير الشؤون الأوروبية كبير المفاوضين الأتراك عمر تشيليك أمس «إننا سنجري محادثات موسعة مع الأوروبيين في بروكسل وستراسبرغ مطلع مايو (أيار) المقبل، أو في الأسبوع الثاني منه»، وإنه سيبلغ المسؤولين الأوروبيين خلال الاجتماعات المرتقبة بأن العلاقات القائمة بين الجانبين لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل، داعياً الأوروبيين إلى تحديد موقفهم بشكل صريح تجاه تركيا.
واتهم تشيليك الاتحاد الأوروبي بالفشل في ابتكار سياسات جديدة أكثر اتزاناً عقب الأزمة الاقتصادية التي عصفت بكبرى الاقتصادات العالمية عام 2008. وصادقت الجمعية البرلمانية لـ«مجلس أوروبا»، الثلاثاء الماضي، على مشروع قرار يقضي بالبدء في إعادة عملية مراقبة ورصد سياسي لتركيا في تصويت على مشروع قرار كان ملحقاً بتقرير عن «أداء المؤسسات الديمقراطية في تركيا».
وفي إطار التوتر المتصاعد بين أنقرة وبروكسل، طالبت مقررة العلاقات في الجمعية البرلمانية لـ«مجلس أوروبا» كاتي بيري أمس الاتحاد الأوروبي بأن يعلق رسميا محادثات انضمام تركيا إلى عضويته إذا تبنت تعديلات دستورية أقرها الاستفتاء الذي أجري في 16 أبريل الحالي.
وقالت كاتي بيري قبل جلسة لمناقشة الموضوع إن تركيا ستغلق الباب أمام انضمامها للاتحاد الأوروبي إذا طبق الرئيس رجب طيب إردوغان الدستور الجديد الذي يمنحه مزيدا من الصلاحيات.
وقالت بيري: «بما أنه لا يمكن لتركيا في ظل مثل هذا الدستور أن تصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي، فمن غير المنطقي أيضا مواصلة مناقشات الاندماج مع الحكومة الحالية».
في سياق متصل، أعلن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، اعتزامه الاعتراض على نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وعقدت اللجنة المركزية للحزب اجتماعا أمس الأربعاء برئاسة رئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو، وقالت المتحدثة باسم الحزب، سلين ساياك بوكا إنهم يعتزمون مراجعة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، على خلفية «اعتماد بطاقات اقتراع غير مختومة من قبل بعض لجان الصناديق». وعدت أن «نتيجة الاستفتاء غير شرعية».
يأتي ذلك فيما عقد رئيس الوزراء رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم بن علي يلدريم أمس اجتماعا مع رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي تباحثا خلاله حول قرار الجمعية البرلمانية لـ«مجلس أوروبا» القاضي بفرض رقابة سياسية على تركيا، ومرحلة ما بعد الاستفتاء في تركيا، والجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب.
وكان حزب الحركة القومية دعم التعديلات الدستورية في البرلمان للانتقال إلى النظام الرئاسي، وتمكنت الحكومة من عرض الدستور على استفتاء شعبي بعد موافقة عدد من نواب «الحركة القومية» في البرلمان التركي عليه إلى جانب نوّاب حزب العدالة والتنمية، كما دعم الحزب التعديلات في الاستفتاء الشعبي.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.