محكمة مصرية تحيل أوراق 20 متهماً إلى مفتي البلاد تمهيداً لحكم بالإعدام

تنطق بالحكم في يوليو المقبل بحق 156 شخصاً في «مذبحة كرداسة»

محكمة مصرية تحيل أوراق 20 متهماً إلى مفتي البلاد تمهيداً لحكم بالإعدام
TT

محكمة مصرية تحيل أوراق 20 متهماً إلى مفتي البلاد تمهيداً لحكم بالإعدام

محكمة مصرية تحيل أوراق 20 متهماً إلى مفتي البلاد تمهيداً لحكم بالإعدام

أحالت محكمة جنايات في مصر، أمس، أوراق 20 متهما إلى مفتي البلاد، في إجراء يمهد لحكم بإعدامهم في القضية المعروفة إعلاميا بـ«مذبحة كرداسة» التي قتل خلالها 14 شرطيا داخل مقر القسم ومُثل بجثثهم، في واحدة من أعنف الحوادث التي شهدتها البلاد خلال فترة اتسمت بالفوضى قبل نحو ثلاث أعوام.
والمتهمون المحالة أوراقهم للمفتي تعاد محاكمتهم في القضية المتهم فيها 150 شخصا، والتي سبق أن نظرتها محكمة الجنايات وأصدرت حكما بإعدام 183 شخصا ومعاقبة حدث (طفل) بالسجن لعشر سنوات بعد إدانتهم في القضية، في فبراير (شباط) عام 2015، وهو الحكم الذي شمل أيضا عددا من المتهمين الهاربين.
وكانت محكمة النقض، أعلى محكمة مدنية في البلاد، قبلت طعن المحكوم عليهم المحبوسين وأمرت بإعادة محاكمتهم أمام دائرة جنايات أخرى، وهي الدائرة التي أصدرت القرار أمس.
ولا يزال حكم الإعدام الأول الصادر في القضية، ساريا بحق المتهمين الـ33 الهاربين، لكن القانون المصري يوجب إعادة محاكمتهم تلقائيا فور القبض عليهم.
ورأي المفتي استشاري وغير ملزم لكن يتعين على المحكمة استشارته قبل إصدار أحكام الإعدام.
ويحق للمتهمين في هذه القضية الطعن على الحكم أمام محكمة النقض مرة ثانية وأخيرة، وفي حال قبل الطعن تتصدى محكمة النقض بنفسها لنظر القضية وإصدار حكم نهائي وبات.
وحددت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة أمس بمعهد أمناء الشرطة بمنطقة سجون طرة، النطق بالحكم في القضية في الثاني من يوليو (تموز) على جميع المتهمين المحبوسين في القضية.
وقتل 14 رجل شرطة عندما اقتحم حشد من الغاضبين قسم شرطة منطقة كرداسة، بمحافظة الجيزة المتاخمة للقاهرة في 14 أغسطس (آب) عام 2013، عقب فض قوات الأمن بالقوة اعتصتامين لمؤيدي الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وخلال النصف الثاني من عام 2013 بعد عزل مرسي، شهدت عدة محافظات في مصر موجة من أحداث العنف، قتل خلالها المئات من أنصار الجماعة ورجال الشرطة.
وقالت تحقيقات النيابة العامة إن المتهمين ارتكبوا جرائم الإرهاب والقتل العمد والشروع فيه والتجمهر، وتخريب المنشآت العامة والسرقة وإحراز المفرقعات والأسلحة والذخائر والأسلحة البيضاء، وتمكين المحبوسين بمركز شرطة كرداسة من الهرب.
وأشارت التحقيقات إلى أن الجناة تمكنوا من تدبير الأسلحة النارية، من البنادق الآلية والخرطوش والذخائر والقذائف الصاروخية من طراز «آر بي جي» وزجاجات المولوتوف الحارق، والأسلحة البيضاء والعصي وقطع حادة من الحجارة وتوجهوا صوب مركز شرطة كرداسة وأطلقوا القذائف الصاروخية تجاه السيارة المدرعة الخاصة بتأمين المركز والسور الخارجي له، فقتلوا اثنين من أفراد الحراسة.
وأضافت التحقيقات أن المتهمين تمكنوا من اقتحام مركز شرطة كرداسة وتهديد من فيه من رجال الشرطة بالأسلحة النارية والقذائف الصاروخية، والاستيلاء على الأسلحة الموجودة داخله، ثم قاموا بالتعدي على القوات بـ«طريقة وحشية»، ثم أجبروهم على الخروج من مركز الشرطة واحتجزوهم داخل «ورشة» لإصلاح الدراجات بجوار المركز.
كما أكدت التحقيقات أن المتهمين تناوبوا الاعتداء بالضرب على ضباط المركز وتصويرهم على هذه الحالة «بغية إذلالهم»، ثم أطلقوا النار بكثافة صوب هؤلاء الضباط الرهائن، والذين حاول بعضهم الفكاك عبر الشارع السياحي، فاعترضهم الجناة لمنعهم من الهرب وعاودوا الاعتداء عليهم بقسوة، حتى قتلوا 14 ضابطا وفرد شرطة، واستمر بعض المتهمين في إطلاق النيران من أسلحتهم النارية على جثامين الضباط حتى بعد وفاتهم.
وخلال العامين التاليين للإطاحة بمرسي أصدرت عدة محاكم في البلاد أحكام إعدام جماعية بحق المئات من أعضاء ومؤيدي الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم قادة الجماعة، كما قضت بسجن آلاف آخرين، لكن محكمة النقض ألغت الكثير من تلك الأحكام وأمرت بإعادة المحاكمات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».