توتر الوضع الأمني، أمس الاثنين، في مخيم «البداوي» للاجئين الفلسطينيين الواقع في الشمال اللبناني، بعد سلسلة من التوترات والاشتباكات المسلحة شهدها مخيم «عين الحلوة» في الجنوب. إلا أنه ورغم كون المخيمين، كما كل المخيمات الفلسطينية في لبنان، خارجين عن سلطة الدولة، فتبقى خلفيات الإشكالات مختلفة؛ نظراً لأن معظم الجماعات الإرهابية والمتشددة تتخذ من «عين الحلوة» مقراً لها، بمقابل انتشار عناصر غير منضبطة ومخلة بالأمن في «البداوي»؛ فقد اتُخذ قرار حاسم بالتصدي لها.
وقالت مصادر ميدانية مطلعة على الوضع داخل المخيم إن «هناك مجموعة من الشبيحة لا يتعدى عددهم 7 أشخاص يروجون للمخدرات، ويقومون بعمليات سرقة، ويتمادون بإطلاق النار في عدة مناسبات، اشتبكوا أمس مع عناصر بـ(الجبهة الشعبية - القيادة العامة)، وتطور الإشكال لقتال مسلح بينهم وبين عناصر القوة الأمنية التي تضم ممثلين عن كل الفصائل ومهمتها حفاظ الأمن في المخيم». وأشارت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الفصائل مجتمعة اتخذت بعد ذلك قرارا برفع الغطاء عن هذه المجموعة وملاحقة عناصرها وتوقيفهم»، لافتة إلى أنه «حتى ساعة متأخرة من بعد ظهر أمس، تم إلقاء القبض على 4 من العناصر، فيما المفاوضات جارية لتسليم باقي أفراد المجموعة». وأضافت المصادر: «تمت الاستعانة بأعداد كبيرة من المقاتلين على الأرض، خوفاً من انضمام مجموعات أخرى للقتال»، موضحة أن «الوضع في (البداوي) مختلف تماما عما هو عليه في (عين الحلوة)، من منطلق أن هذه المجموعة مخلة بالآداب العامة والعادات والتقاليد، وبالتالي منبوذة من جزء كبير من الأهالي، بخلاف المجموعات المتطرفة في الجنوب التي تتخفى وراء فكر تنظيمات معينة، ما يساعدها على تأمين الغطاء المطلوب لحمايتها من أي ملاحقة».
وفيما نفت المصادر أن تكون هذه الحملة تطال تجار المخدرات الكبار الذين يتواجدون داخل المخيم كما في المناطق اللبنانية المتاخمة، أشار قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب، إلى أن القرار هو بالتصدي لمجموعة تضم ما بين 15 و16 عنصرا لا تحظى بأي غطاء من أي من الفصائل. وقال أبو عرب لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تم إعطاء الأوامر اللازمة لملاحقة هؤلاء وتسليمهم»، مطمئناً أنه لا ارتباطات لهذه المجموعة بتنظيمات إرهابية.
بدوره، أشار أبو جهاد فياض، أمين سر فصائل منظمة التحرير وحركة «فتح» في الشمال اللبناني، إلى أن المجموعة التي تتم ملاحقتها في «البداوي» مطلوبة من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية بقضايا اتجار بالمخدرات وإطلاق نار، لافتاً إلى أن «الفصائل مجتمعة اتخذت قرارا بتسليم عناصر هذه المجموعة، وقد قامت بالفعل بتسليم 4 منهم، وتتم ملاحقة البقية». وقال فياض لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعلم أن هناك من يستهدف مخيماتنا ويسعى لاستخدامها لقضايا خاصة، لكننا سنتصدى لكل هذه المحاولات والأجندات، ولن نسمح بتضخم أي حالة كانت، مهما كان حجمها، حفاظاً على الاستقرار».
من جهتها، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بوقوع «اشتباك مسلح فجر أمس الاثنين في مخيم البداوي بين مجموعة من تجار المخدرات، حيث تطور إلى إطلاق نار كثيف وإلقاء قنبلة»، لافتة إلى أن «اللجان الأمنية المشتركة ردّت بإطلاق النار باتجاههم، ما حوّل الاشتباك إلى تبادل لإطلاق النار بين اللجان الأمنية وعدد من تجار المخدرات، حيث أصيب أحد التجار، بالإضافة لتضرر عشرات السيارات والمحال التجارية». وفي وقت لاحق، قامت القوى الأمنية الفلسطينية بتوقيف أحد التجار وتسليم 4 من المطلوبين إلى الجيش اللبناني. وشهد المخيم أمس توتراً أمنياً، حيث انتشرت العناصر المسلحة في أرجائه، في وقت أقفلت المدارس والمكاتب التابعة لـ«أونروا»، كما اتخذ الجيش اللبناني في محيط المخيم إجراءات مشددة، لضمان عدم فرار أي من المطلوبين إلى المناطق اللبنانية المتاخمة.
ولطالما شكل الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية المنتشرة في أكثر من منطقة لبنانية، تحدياً كبيراً للسلطات المحلية؛ نظراً لغياب أي دور لها داخلها، وتوكيل مهمة الحفاظ على الاستقرار داخلها إلى الفصائل الفلسطينية، التي عمدت إلى تشكيل لجان مشتركة لضبط الأوضاع. لكن الخلافات التي تتفجر كل فترة بين الفصائل، ودخول أطراف أخرى على الخط؛ تنفيذاً لأجندات معينة، كل ذلك يجعل من هذه المخيمات مسرحاً دائماً للأحداث الأمنية؛ نظرا لانتشار السلاح بكثرة داخلها، ووجود معظم اللاجئين تحت خط الفقر.
التوتر الأمني في المخيمات الفلسطينية يحل في «البداوي» شمال لبنان
الفصائل اتخذت قراراً بالتصدي لمجموعة من «المخلين بالأمن»
التوتر الأمني في المخيمات الفلسطينية يحل في «البداوي» شمال لبنان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة