روما تستضيف أول اجتماع من نوعه بين صالح والسويحلي

في مؤشر على اختراق عقوبات الاتحاد الأوروبي بحظر سفر رئيس البرلمان الليبي

روما تستضيف أول اجتماع من نوعه بين صالح والسويحلي
TT

روما تستضيف أول اجتماع من نوعه بين صالح والسويحلي

روما تستضيف أول اجتماع من نوعه بين صالح والسويحلي

في مفاجأة مثيرة للجدل، نجحت الدبلوماسية الإيطالية في ترتيب أول اجتماع من نوعه، عقد أول من أمس، بين المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان المعترف به دولياً في شرق ليبيا، وعبد الرحمن السويحلي رئيس المجلس الأعلى للدولة، في العاصمة الإيطالية روما.
وجاءت المحادثات المفاجئة بين السويحلي ورئيس البرلمان في روما، على الرغم من وجود عقوبات مفروضة على الأخير بعد أن أدرجه الاتحاد الأوروبي منذ العام الماضي على قائمة مكونة من 3 أشخاص قرر الاتحاد الأوروبي معاقبتهم على ما وصفه بتهديد العملية السياسية، وذلك عبر تجميد الأصول وفرض حظر على السفر رسمياً.
وتشمل العقوبات أيضاً نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) المنتهية ولايته في العاصمة طرابلس، وخليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الموالية له. وقد ضمت وزارة الخزانة الأميركية منتصف العام الماضي إلى هذه العقوبات عقيلة صالح، الذي يرفض حتى الآن تمرير حكومة السراج، أو اعتمادها ومنحها الشرعية الدستورية والقانونية على الرغم من الضغوط الدولية.
وعزز لقاء روما بين صالح والسويحلي من تكهنات بوصول الفرقاء الليبيين المتنازعين على السلطة منذ نحو عامين إلى اتفاق سياسي، قد يفتح الطريق لإنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد، علماً بأن السويحلي يدعم حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، برئاسة فائز السراج في العاصمة طرابلس، لكنه في المقابل لا يحظى باعتراف مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي.
وقال السويحلي في بيان عززه بصور فوتوغرافية لأول لقاء يجمعه مع صالح رئيس البرلمان، الذي يرفض حتى الآن الاعتراف بشرعية حكومة السراج، إن «الاجتماع ساده جو من الود والصراحة»، لافتاً إلى أن الطرفين ناقشا «القضايا التي تؤثر في الحياة اليومية للمواطن الليبي».
وأوضح السويحلي في بيان أصدره مكتبه في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، أنهما اتفقا على أن التوصل إلى حلول سلمية ومنصفة للقضايا العالقة سيتطلب لقاءات أخرى، ترتكز أساساً على إعلاء مصلحة الوطن والمواطن والمصالحة الوطنية، ووقف نزيف الدم، وعودة كل النازحين في الداخل والخارج.
وطبقاً للبيان، فقد أعرب السويحلي وصالح عن تثمينهما العالي للدور النشط والبناء لوزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو وحكومته في إطار دعم تطبيق الاتفاق السياسي الليبي، والتعديلات التي سيتم الاتفاق عليها.
وعلى الفور، رحب مارتن كوبلر رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا بالاجتماع، وقال في تغريدة له عبر موقع «تويتر»: «لقد شجعني الاجتماع بين رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى للدولة في روما»، معتبراً أن هذه «خطوة جيدة يبنى عليها في الدفع نحو تنفيذ الاتفاق السياسي».
بدورها، قالت السفارة الإيطالية في بيان مقتضب على «تويتر» أيضاً إن الاجتماع يدل على إعلاء مصلحة الوطن والمواطن، والمصالحة الوطنية.
لكن كتلة السيادة الوطنية في البرلمان الليبي، الذي يترأسه صالح استنكرت الاجتماع، وقالت في بيان لها، إنه لم يراعِ أسر الشهداء الذين سقطوا في الحرب على الإرهاب، وأولياء الدم واليتامى والأرامل ومبتوري الأطراف والجرحى.
وبعدما وصفت السويحلي بأنه رئيس مجلس دولة بغير دستور، ومنقلب على المسار الديمقراطي، عبرت في بيان لها عن إدانتها للقاء صالح مع من يدعمون الإرهاب والجماعات الإرهابية التي يقاتلها الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر، حسب تعبيرها، واعتبرت أن الصراع الراهن تحول إلى صراع تقسيم السلطة بين هذه القيادات المستفيدة من دماء أبناء الجيش، أو ممن غرر بهم في مجالس الثوار ضمن الصراع على النفوذ.
وجاء الاجتماع بينما قلل مسؤولون إيطاليون من شأن تلميحات إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قابل بصدود مساعي رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني لإقناع واشنطن بالقيام بدور أكبر لتحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا.
واجتمع جنتيلوني مع ترمب في البيت الأبيض يوم الخميس الماضي، حيث أبلغ الصحافيين أنه يسعى إلى الحصول على دعم للمساعدة في التعامل مع البلد، الذي انزلق إلى الفوضى بعد سقوط معمر القذافي في 2011.
وقال جنتيلوني في مؤتمر صحافي مشترك مع ترمب إن «الدور الأميركي في هذا البلد حيوي جداً»، ورد الرئيس الأميركي على الفور قائلاً: «أنا لا أرى دوراً في ليبيا. أظن أن الولايات المتحدة لديها الآن ما يكفي من الأدوار».
وقال معلقون إيطاليون إن ترمب نحى جانباً فيما يبدو طلب جنتيلوني للمساعدة. لكن صحافيين تابعوا المؤتمر الصحافي قالوا إن ترمب لم يكن يستمع إلى الترجمة الفورية عندما أدلى جنتيلوني بتعليقه، وذكر مسؤول مقرب من رئيس الوزراء الإيطالي أن الاجتماع سار بشكل جيد، وقال إنه «لم يكن هناك أي صدود على الإطلاق»، مضيفاً أن ثلثي محادثات الزعيمين يوم الخميس ركزت على ليبيا.
وكدليل على المشاركة الأميركية في ليبيا، قال مسؤولون إيطاليون إن واشنطن دعت السراج وحفتر إلى محادثات في العاصمة الأميركية في وقت لاحق هذا العام، لكن لم يصدر تأكيد من واشنطن حتى الآن.
وقال جنتيلوني في كلمة ألقاها في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن قبل اجتماعه مع ترمب: «لقد حان الوقت لأن تعمل الولايات المتحدة وإيطاليا معاً من أجل استقرار الوضع وتوسيع الدعم لحكومة طرابلس ليشمل فاعلين آخرين... وتقسيم ليبيا ليس فكرة صائبة. إنه سيكون خطيراً على مصر وخطيراً على تونس وعلى مصالح أوروبا»، مضيفاً أن دول حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك الولايات المتحدة، تقع عليها مسؤولية خاصة تجاه ليبيا، مبرزاً أن تدخلها العسكري في 2011 أدى إلى التخلص من القذافي، لكنه جلب الفوضى والعنف.
إلى ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة أن موظفيها قدموا الإرشاد لخفر السواحل الليبيين المنخرطين بشكل منتظم في مهام البحث والإنقاذ في عرض البحر، التي تتسم بالخطورة حول كيفية التعامل مع المهاجرين واللاجئين.
وقالت البعثة في بيان لها إن 9 من كبار ضباط خفر السواحل الليبيين، برتبة عقيد وضباط البحرية الليبية برتبة نقيب تلقوا إرشاداً كجزء من دورة تدريبية استغرقت 10 أيام في مالطة، مشيرة إلى أن هذه هي المجموعة الثالثة التي تقيم جلسة تدريبية كجزء من المتطلبات التعليمية لـ«دورة المنسقين في الموقع»، التي توفرها القوات المسلحة المالطية لخفر السواحل الليبيين، بدعم من عملية صوفيا البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».