لقاءات وزارية بين مصر وإثيوبيا لحل أزمة نهر النيل

السيسي دعا إلى الإسراع في إنهاء الدراسات الخاصة بسد النهضة

السيسي خلال استقباله وزير خارجية إثيوبيا في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
السيسي خلال استقباله وزير خارجية إثيوبيا في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

لقاءات وزارية بين مصر وإثيوبيا لحل أزمة نهر النيل

السيسي خلال استقباله وزير خارجية إثيوبيا في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
السيسي خلال استقباله وزير خارجية إثيوبيا في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

أعلنت مصر وإثيوبيا أمس عزمهما عقد لقاء دوري كل شهرين بالتناوب بين القاهرة وأديس أبابا، لـ«بناء الثقة وإزالة أي سوء فهم وشوائب»، أملا في إنهاء الأزمة بين البلدين والمتعلقة بسد تبنيه إثيوبيا على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، المورد الرئيسي للمياه العذبة في مصر، والذي تقول القاهرة إن بناءه سيؤثر على حصتها.
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله وزير خارجية إثيوبيا في القاهرة أمس، إلى الإسراع بإنهاء الدراسات الخاصة بالسد والتوافق على قواعد ملئه من أجل الاستخدام الأمثل لمجمل الموارد المائية المشتركة في حوض النيل، وعدم الإضرار بالاستخدامات القائمة بالفعل.
ووقعت مصر والسودان وإثيوبيا على عقود دراسات فنية للسد، الذي يطلق عليه «سد النهضة» مع مكتب فرنسي في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتنص العقود على إتمام الدراسات في 11 شهرا، ووفقا للنتائج النهائية سيتم وضع التصور النهائي باتفاق الدول الثلاث على آلية مستقبلية للتشغيل وسنوات ملء بحيرة السد. وسبق أن وقعت الدول الثلاث على إعلان مبادئ عام 2015 اشتمل على حماية مصالح دولتي المصب مصر والسودان عند ملء خزان السد.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن الرئيس السيسي أكد أمس على أهمية التفاعل الإيجابي مع الشركة التي تُنفذ الدراسات الخاصة بالسد لإنهائها في أقرب وقت، والوصول إلى التوافق على قواعد ملء السد، وفقاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم، مشيرا إلى ضرورة مواصلة التعاون بين البلدين من أجل الاستخدام الأمثل لمجمل الموارد المائية المشتركة في حوض النيل، بما يراعي تحقيق التنمية لكل الدول دون الإضرار بالحق في الحياة، أو الإضرار بالاستخدامات القائمة بالفعل.
وأوضح السفير أن السيسي رحب بوزير الخارجية الإثيوبي، مؤكدا اهتمام مصر بتطوير علاقاتها مع إثيوبيا في مختلف المجالات وتعزيز التعاون بين البلدين، بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين، معربا عن تطلعه إلى عقد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في القاهرة قريبا، واستقبال رئيس الوزراء الإثيوبي في مصر لبحث سبل تطوير العلاقات الثنائية على مختلف المستويات، مؤكدا أن سياسة مصر الخارجية تقوم على تأسيس علاقات متوازنة ومنفتحة على جميع الدول.
وشدد السيسي على أن مصر لا تتآمر ولا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، بل تسعى إلى البناء والتعاون، والتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة بالشرق الأوسط وأفريقيا.
وكانت إثيوبيا قد اتهمت العام الماضي عناصر من مصر بدعم مجموعات متمردة تسببت في اندلاع موجة من الاحتجاجات في مناطق محيطة بالعاصمة.
من جهته، رحب وزير الخارجية الإثيوبي بما تم إحرازه من تقدم خلال السنوات الثلاث الماضية على مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيرا إلى ما يعكسه ذلك من توافر إرادة سياسية حقيقية لدى قيادتي وشعبي البلدين، تستهدف تعزيز التفاهم المشترك وأواصر التعاون بين دول حوض النيل، لا سيما في ضوء ما يجمع بين مصر وإثيوبيا من تاريخ مشترك ومصير واحد.
وأكد الوزير الإثيوبي التزام بلاده بتحقيق المصالح المشتركة للشعبين، وعدم الإضرار بمصالح مصر، مشيرا إلى أن التواصل والتشاور الدوري بين البلدين يعززان من التعاون المشترك، ويساهمان في ترسيخ الثقة على المستويين الرسمي والشعبي.
وشهد اللقاء كذلك تباحثاً حول عدد من القضايا الأفريقية ذات الاهتمام المشترك، حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز التنسيق والتشاور بين البلدين من أجل الدفع قدماً بجهود إرساء السلم والأمن في القارة الأفريقية، سواء في إطار الاتحاد الأفريقي أو في إطار العضوية الراهنة للبلدين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
وفي مؤتمر صحافي مشترك بين وزير خارجية البلدين، أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري أنه اتفق مع نظيره الإثيوبي على عقد لقاء دوري كل شهرين بالتناوب في القاهرة وأديس أبابا لبناء الثقة وإزالة أي سوء فهم وشوائب قد تظهر. وقال شكري إن الوزير الإثيوبي سلم الرئيس السيسي رسالة من رئيس وزراء إثيوبيا، موضحا أنه تم خلال اللقاء التأكيد على الحرص على العلاقات الثنائية وتعزيزها في المجالات كافة، مضيفا أنه عقد بعد ذلك لقاء اتسم بالشفافية والصراحة مع نظيره الإثيوبي، وأكد له حرص مصر على تدعيم العلاقات مع إثيوبيا وقرارها الاستراتيجي بالسير قدما في تعزيز العلاقات بما يعود بالنفع على مصالح الشعبين الشقيقين في إطار من الاحترام المتبادل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.