جوزيف ليبرمان: لا أؤيد الحل السياسي في سوريا

قال إنه في ظل وجود وزير الدفاع ماتيس سنشهد تناميا لوجود القوات الأميركية في العراق وأفغانستان

السيناتور الأميركي السابق جوزيف ليبرمان
السيناتور الأميركي السابق جوزيف ليبرمان
TT

جوزيف ليبرمان: لا أؤيد الحل السياسي في سوريا

السيناتور الأميركي السابق جوزيف ليبرمان
السيناتور الأميركي السابق جوزيف ليبرمان

خاض السيناتور الأميركي السابق جوزيف ليبرمان حياة مهنية حافلة في قيادة السياسة الأميركية امتدت لأربعة عقود. كان السيناتور ليبرمان عضوا في المجلس التشريعي، ونائبا عاما في ولايته الأصلية كونتيكت، ثم أصبح سيناتورا في الكونغرس الأميركي من عام 1988 إلى 2012. وفي عام 2000، ترشح لمنصب نائب الرئيس مع المرشح الرئاسي الديمقراطي آل غور.
كان السيناتور ليبرمان صريحا في تأييده لمبادئ المساواة والتسامح، في الداخل والخارج، بالإضافة إلى دوره الأميركي الكبير في دعم من يدافعون عن تلك المبادئ حول العالم. وفي بعض الأحيان كانت آراؤه تؤدي به إلى مخالفة صفوف زملائه في الحزب الديمقراطي. على سبيل المثال، في عهد أوباما، عارض الاتفاق النووي الإيراني.
يعمل ليبرمان منذ تقاعده من مجلس الشيوخ، مستشارا قانونيا في شركة محاماة بارزة في نيويورك مع استمرار نشاطه في الحياة العامة. كما يرأس منظمة متحدون ضد إيران النووية.
ووسط تصاعد الاستقطاب في السياسة الأميركية، يسعى ليبرمان بالتنسيق مع آخرين للمساعدة على استعادة التقاليد الرفيعة لتعاون الحزبين في البلاد.
في حواره مع الشقيقة «المجلة»، يصف السيناتور ليبرمان أشعة الأمل التي تسطع وسط الفوضى في الشرق الأوسط. ويدلي برأيه حول الحرب المستمرة ضد الإرهاب، والدروس التي استفادها من صداقاته الماضية والحالية مع أطراف ذات تفكير مشابه في المنطقة. ويعرب عن مخاوفه بشأن التوافقات السياسية في سوريا، بالإضافة إلى دعم حلفاء أميركا في مصر والبحرين.
* ما هي بوادر الأمل التي تراها بين كل المآسي التي تحدث في الشرق الأوسط اليوم؟
- إنها فترة انقسام عميق ومعاناة في المنطقة. أبرز مصدر للخطر هو التنظيمات الإرهابية المتطرفة مثل «داعش»، ولكن التهديد الأخطر لأمن وسلام المنطقة والعالم يأتي من إيران.
إذا ما نظرنا إلى المعاناة في سوريا والتي ساهمت إيران في وقوعها كثيرا؛ وإلى الحرب في اليمن والتي تسبب فيها التدخل الإيراني؛ وإلى القتال في العراق، نجد أن هذه فترة عصيبة. ولكن يبدو أيضا أن هناك انكشافا جديدا، يتمثل في أمرين: أولا، يوجد قاسم مشترك، مصلحة مشتركة، بين بعض القوى في المنطقة ممن لم يتعاونوا علنا من قبل. يتفق جميعهم وهم من حلفاء الولايات المتحدة، وأبرزهم الدول العربية بدءا من السعودية ومصر والإمارات والأردن... إلخ، على مواجهة الإرهاب والتطرف، وعلى المدى البعيد استيعاب التهديد القادم من إيران. وعلى الجانب الآخر، تضع إسرائيل الأولوية للمخاوف ذاتها. لا أريد أن أقلل مطلقا من أهمية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومدى أهمية تحقيق تقدم في سبيل حل الصراع. ولكن التحديات الأكبر التي تواجه الاستقرار الإقليمي اليوم هي إيران والتطرف والإرهاب.
وهكذا نجد هذه التغييرات مُشجعة. وكما رأينا عبر التاريخ، تتعلق بعض هذه التغييرات بجودة القيادة وتركيزها. فالقادة يغيرون التاريخ، إما للأحسن أو للأسوأ، وفي الوضع الحالي في العالم العربي، التغيير للأفضل.
الأمر الثاني الذي أجد أنه يبعث على التفاؤل هو تغيير الإدارة الأميركية، وقد كنت مؤيدا لتولي هيلاري كلينتون الرئاسة، وأعارض الرئيس ترمب. ولكن فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وتحديدا بسبب تغير الموقف بشأن إيران والاتفاق النووي الإيراني، أعتقد أن الولايات المتحدة ستؤدي دورا بنَّاء في دعم حلفائنا. كانت إدارة أوباما قد وصلت إلى مرحلة بدت وكأنها تستغرق وقتا طويلا في التودد إلى أعدائنا، إيران على وجه التحديد، وتدير ظهرها لحلفائنا في المنطقة. وفي أثناء الحملة الانتخابية، بدا أن ترمب يريد الانسحاب من القيادة العالمية. والآن تبدو إدارة ترمب أكثر اهتماما بالشرق الأوسط، وبوضوح أكبر إلى جانب أصدقائنا، وضد أعدائنا الواضحين، إيران و«داعش»، التطرف والإرهاب. لذلك قد تكون هذه لحظة تحول. قد يتطلب الأمر من الولايات المتحدة اتخاذ موقف حاد بإرسال عدد هائل من القوات لمكافحة «داعش» في الشرق الأوسط، كما فعل بوش في العراق على سبيل المثال. وأعتقد أنه في ظل وجود وزير الدفاع ماتيس وآخرين في الإدارة والرئيس ذاته، لن ننسحب من الشرق الأوسط، بل سنشهد تنامي وجود القوات الأميركية في العراق وأفغانستان، وتأييدا أقوى لمساعي حلفائنا في العالم العربي في مناطق مثل اليمن وسوريا ولبنان كما نأمل.
* في أثناء القمة العربية في عمان، كان محور تركيز النقاش على الحرب في سوريا، ومسألة الحل السياسي. فما هو رأيك بشأن التنازلات المتبادلة سعياً إلى تسوية سياسية مع نظام الأسد؟
- منذ بداية الحرب في سوريا، بدا لي أن المصالح الأميركية تقع مع من يحاربون الأسد. في عالم الدبلوماسية، لا توجد اختيارات مثالية، ولكن عليك أن تقرر إن استطعت، ما إذا كان ذلك الشخص صديقا أو على الأقل يمكنك الوثوق به، أم أنه شخص يحمل في الأصل وجهة نظر مختلفة ولا يمكن أن يكون حليفك قط. دائما ما كنت أشعر أن الأسد ووالده ينتميان إلى الفئة الثانية. قمت مع السيناتور ماكين بمقابلة بعض من يقاتلون الأسد في الفترة الأولى من الثورة السورية، وشعرنا بأنهم يمثلون حركة وطنية بالفعل وليسوا متطرفين. ولكن من المؤسف أن إيران تدخلت بقوة، وكذلك روسيا، وتحول الأمر إلى مأساة لشعب عظيم.
صحيح أننا يجب أن ننفتح على فكرة الحل السياسي، ولكننا وضعنا أنفسنا في موقف يستطيع فيه أعداؤنا، وأعداء العالم العربي والشعب السوري، الاستفادة من الحل السياسي أكثر مما يجب. أقصد بذلك إيران وروسيا تحديدا. لذلك لا أؤيد الحل السياسي في سوريا الآن، وخاصة الحل الذي يُمكِّن الأسد من البقاء في السلطة. تحدث الرئيس ترمب عن أمر كان بعضنا يتحدث عنه منذ البداية، وهو توفير ملاذات آمنة للسوريين في سوريا، واستخدام القوات الجوية الأميركية وقوات التحالف الجوية لحماية هذه المناطق. والآن يقول البعض إننا ربما ندخل في معركة مع طائرة روسية، ولكنني أقول إنها مشكلتهم وليست مشكلتنا. لذا أنا ضد الحل السياسي الآن، حيث لا أرى أنه يفيد الشعب السوري أو المنطقة.
ولمتابعة بقية الحوار المطول يرجى الضغط على رابط «المجلة»:



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».