النظام يكثف حملته على ريف حلب ويبدأ معركة برية في ريف حماة

«هيومان رايتس»: واشنطن لم تأخذ الاحتياطات لحماية المدنيين

النظام يكثف حملته على ريف حلب ويبدأ معركة برية في ريف حماة
TT

النظام يكثف حملته على ريف حلب ويبدأ معركة برية في ريف حماة

النظام يكثف حملته على ريف حلب ويبدأ معركة برية في ريف حماة

على وقع القصف الجوي العنيف، شنت قوات النظام ليلاً هجوماً على مواقع فصائل المعارضة غرب مدينة حلب، حيث تمكنت الأخيرة من إحباطه، في وقت اتهمت فيه منظمة «هيومان رايتس ووتش» التحالف الدولي بعدم اتخاذ «الاحتياطات اللازمة» لتجنب مقتل عشرات المدنيين خلال غارة نفذها الشهر الماضي حين استهدف مسجداً في شمال سوريا خلال تجمع المصلين داخله.
ويوم أمس، أحبطت فصائل المعارضة السورية هجوماً واسعا لقوات النظام والمسلحين الموالين لها غرب مدينة حلب وكبدتهم خسائر بشرية كبيرة، في وقت كثّف فيه الطيران قصفه على المنطقة.
وقال قائد عسكري في «حركة أحرار الشام» لوكالة الأنباء الألمانية إن «الثوار تصدوا لهجوم شنته قوات النظام والميليشيات الموالية لها على جبهة الراشدين وجبل شويحنة وجبل معارة وإكثار البذار شمال غربي حلب، وقتلت 15 عنصراً من قوات النظام و7 من (لواء القدس) الفلسطيني الموالي لقوات النظام، وأصابت العشرات منهم». وأضاف أن «قوات النظام شنت أكثر من 30 غارة جوية استهدفت قرى وبلدات في ريفي حلب الشمالي والغربي».
وبالتزامن مع الاشتباكات شن الطيران الحربي الروسي، بحسب «شبكة شام»، عشرات الغارات الجوية على بلدات ريف حلب الغربي ومناطق الاشتباك في الفاميلي هاوس وشويحنة والراشدين وعلى مدن الأتارب وأورم الكبرى ودارة عزة وبلدات كفر داعل وكفرناها والمنصورة وخان العسل بالريف الغربي، ترافقت مع قصف مدفعي وصاروخي.
كما تعرضت بلدات كفر حمرة ومدينة عندان وبلدتا معارة الأرتيق والليرمون بالريف الشمالي لغارات جوية وقصف مدفعي عنيف، وفي الريف الجنوبي أغار الطيران أيضا على بلدة خان طومان. وأدى القصف العنيف والمكثف لسقوط 5 قتلى في أورم الكبرى وكثير من الجرحى في باقي المدن والبلدات المستهدفة.
من جهة أخرى، وبعدما كانت قوات النظام قد سيطرت أول من أمس على مدينة صوران بريف حماة الشمالي، بدأت عملية عسكرية برية واسعة على بلدة طيبة الإمام الخاضعة لسيطرة المعارضة (نحو 35 كيلومترا شمال مدينة حماة).
وقال مصدر عسكري سوري لوكالة الأبناء الألمانية، إن «العملية العسكرية جاءت بعد قصف مدفعي وصاروخي مكثف استمر أكثر من 4 ساعات على مواقع المسلحين في محيط البلدة ومركزها».
وذكر المصدر أن مجموعات مؤلفة من مئات المقاتلين بدأت بالتحرك عند منتصف الليل من عدة محاور على البلدة، وتمكنت بعد أقل من ساعة من اقتحامها من الجهة الشرقية المتاخمة لمدينة صوران ومن الجهة الجنوبية من محور قمحانة. وأكد أن قوات الاقتحام عززت مواقعها داخل البلدة، ووضعت نقاط تثبيت «الأمر الذي سيساعدها في السيطرة على البلدة خلال الساعات القليلة المقبلة».
وبيّن المصدر أن سلاح الجو الروسي شارك في عمليات الاقتحام عبر تمهيد الخطوط الأمامية بالتوازي مع استخدام الراجمات الصاروخية على عمق الإمداد الآتي للمسلحين من بلدة لطمين المتاخمة للبلدة من الجهة الشمالية.
إلى ذلك، قالت «هيومان رايتس» في تقرير أصدرته حول الغارة التي استهدفت في 16 مارس (آذار) الماضي مسجد عمر بن الخطاب في قرية الجينة بمحافظة حلب إن «القوات الأميركية، على ما يبدو، لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين».
وقتل 49 شخصا معظمهم مدنيون، كما أصيب أكثر من مائة آخرين بجروح، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، جراء الغارات على قرية الجينة، التي تسيطر عليها فصائل معارضة. وعدّت المنظمة في تقريرها المستند إلى مقابلات هاتفية مع 14 شخصا «مطلعين مباشرة على الهجوم» وأبحاث صادرة عن منظمات متخصصة في مجال تحليل الصور، أن «تصريحات السلطات العسكرية الأميركية بعد الهجوم تشير إلى عدم معرفتها بأن المبنى المستهدف كان مسجداً، وأن الصلاة كانت على وشك البدء فيه، وأنه كانت هناك محاضرة دينية وقت الهجوم».
وأوضحت أنها «لم تجد أدلة تدعم الادعاء بأن أعضاء تنظيم القاعدة أو أي جماعة مسلحة أخرى كانوا مجتمعين في المسجد».
وكان البنتاغون قد نفى إثر تنفيذ الغارة استهداف مسجد، موضحا أن القصف استهدف «اجتماعا لكبار المسؤولين الإرهابيين من (القاعدة)». لكن بعد التقارير والشهادات عن مقتل مدنيين أعلن عن بدء «تقييم مصداقية» هذه التقارير.
وقال نائب مدير برنامج الطوارئ في المنظمة أولي سولفانغ في التقرير: «يبدو أن الولايات المتحدة أساءت فهم عدة أمور بشكل فادح في هذا الهجوم، فدفع عشرات المدنيين الثمن». وعد أن عليها «معرفة الأخطاء التي حدثت، والقيام بما يتوجب فعله قبل شنها الغارات، وضمان عدم تكرار ذلك»، مطالبا إياها بـ«الإعلان عن النتائج التفصيلية للتحقيقات... ومحاسبة المسؤولين عن الهجوم».
وبحسب المنظمة، «اعترف المسؤولون الأميركيون بوجود مسجد قريب، لكنهم زعموا أن المبنى المستهدف كان قاعة اجتماعات مبنية جزئيا». وأوضحت في تقريرها أنه «ليس في المسجد مئذنة أو قبة، لكن كان من المفترض أن تظهر المراقبة الجوية تجمع الناس فيه»، مشددة على أن «قصف مسجد قبل الصلاة مباشرة ثم مهاجمة من يحاولون الفرار دون معرفة إن كانوا مدنيين أم مقاتلين، قد يشكل هجوما غير متناسب أو عشوائيا».
وشددت على أن «الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة، كما عدم اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الوفيات بين المدنيين، تنتهك قوانين الحرب». وأعلنت المنظمة أنها عرضت نتائج تحقيقها على القيادة المركزية الأميركية التي أبلغتها بأنها «ستراجع هذا التحقيق بعناية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».