«أسبوع آلام»... مصري

«داعش» يفسد فرحة الأقباط بالعيد

«أسبوع آلام»... مصري
TT

«أسبوع آلام»... مصري

«أسبوع آلام»... مصري

تمكنت الشرطة المصرية، سريعاً، من تحديد هوية منفذي جريمتي تفجير كنيستين في طنطا والإسكندرية. وظَهرَ من أسماء المُنَفذَين ومن عاونهما أن تنظيم داعش، الذي كانت معظم عملياته تقتصر على سيناء، بدأ ينطلق من الصعيد في جنوب البلاد، ويستهدف الأقباط في منطقة الدلتا شمال القاهرة.
وقع تفجيرا الكنيستين اللذان راح ضحيتهما 45 قتيلا وعشرات الجرحى، يوم الأحد الماضي، أي في بداية «أسبوع الآلام» عند المسيحيين، الذي ينتهي يوم غد، الأحد أيضا. إلا أن الكنائس المصرية، وسط حالة عامة من الحزن والغضب والحداد، قررت جميعا الاكتفاء بأداء الصلوات بداية من مساء اليوم (السبت) وإلغاء مظاهر الاحتفال، على أن يقتصر يوم غد على فتح أبواب الكنائس لاستقبال المعزّين في ضحايا الحادثين. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الكنائس المصرية التي تقرر فيها إلغاء الاحتفال بأحد الأعياد منذ مئات السنين.
على الرغم من اختلاف الظروف المحيطة بعلاقة الأقباط بالنظام السياسي للدولة المصرية في عهدي الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك، فإن التفجيرين الأخيرين اللذين استهدفا كنيستين في مدينتي طنطا والإسكندرية، وما سبقهما بأسابيع من حوادث مشابهة في القاهرة وسيناء، يمثلان تحديا كبيرا للرئيس عبد الفتاح السيسي، بينما تعاني مصر أزمة اقتصادية حادة وتهديدات إرهابية منذ الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي في عام 2013.
مرت سبع دقائق كأنها دهرٌ على كبار الرجال المحيطين بالرئيس السيسي؛ إذ كان لا بد من التأكد من سلامة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. ولقد كان أعلى رمز ديني للأقباط المصريين داخل البلاد وخارجها، يحضر قداس أحد الشعانين بمقر الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، التي جرى تفجيرها بعد قليل من تفجير كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا، عاصمة محافظة الغربية (نحو 100 كيلومتر شمال القاهرة).
هاتف البابا لا يرد... وكذلك هواتف سكرتيره وهواتف مساعديه ترن ولا تجيب. ثم أخيرا تنفس الجميع الصعداء: البابا بخير، وغادر الإسكندرية في طريقه إلى دير في وادي النطرون. إنه الدير الذي كان يقيم فيه قبل أن يتولّى موقعه خلفا للبابا الراحل شنودة. ويقع هذا الدير، المعروف باسم دير الأنبا بيشوي، على بعد نحو 100 كيلومتر شمال غربي القاهرة على الطريق الصحراوي، الذي يربط العاصمة بالإسكندرية. وهنا يعلق مسؤول أمني قائلا: «لو كان قد حدث مكروه للبابا تواضروس في حادث الكنيسة المرقسية، لانقلبت الدنيا رأسا على عقب».
وربما كان هذا أحد أسباب الشعور بالحزن العميق، ليس لدى الأقباط فقط، لكن في أوساط المصريين عامة.

ماذا حدث بالضبط؟
حدثت الأمور بالطريقة التالية - كما يرويها مصدر أمني: «بعد التفجير الأول في كنيسة طنطا، صدرت تعليمات سريعة بضرورة تشديد الإجراءات على جميع الكنائس. وفي الإسكندرية كان أحد كبار رجال الأمن قد لاحظ أن بوابة الكشف عن المعادن والمتفجرات، موجودة بعد مدخل الكنيسة وليس على بابها الخارجي، فأصدر تعليمات بنقلها من مكانها لكي تكون بعيدة عن المحيط الداخلي للمبنى».
ويضيف: «تحريك البوابة الإلكترونية من مكانها، قلّل من عدد الضحايا في كنيسة الإسكندرية وجنّب البلاد كارثة؛ إذ كان البابا تواضروس ما زال في الداخل مع المصلّين. وبعد الحادثين مباشرة ترأس الرئيس السيسي اجتماعا لمجلس الأمن الوطني. وظهر عقب الاجتماع أمام كاميرات التلفزيون وهو غاضب. ودعا، في كلمات حادة، المجتمع الدولي، إلى محاسبة الدول التي تدعم الإرهاب، مطالبا المصريين بالصمود».
ومن ثم، أعلن الرئيس فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور، وتشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، والعمل على ضبط الموقف على المناحي الإعلامية والقضائية والقانونية كافة، وما يتعلق بالخطاب الديني، لمجابهة التطرف. وقال: «لقد نجحنا في سيناء، فتحرك الإرهابيون إلى منطقة أخرى، وحين سنحكم السيطرة عليها، سينتقلون إلى أخرى، وهكذا». وشدد على قدرة المصريين على الصمود وهزيمة الإرهاب في نهاية المطاف.

إلى وادي النطرون
من جانبه، توجه البابا تواضروس عقب تفجيري الأحد الماضي مباشرة، إلى دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، الذي كان البابا الراحل شنودة يلجأ إليه حين كان يتعرض الأقباط إلى هجمات إرهابية، كما كان يحدث في العقود الماضية. وفعلاً، لم يظهر البابا تواضروس في باقي يوم الأحد، ولم يظهر أيضاً يوم الاثنين. وأخذت الشكوك تحيط بمسألة عقد الاحتفال بـ«عيد القيامة» (أحد أهم عيدين عند مسيحيي العالم مع «عيد الميلاد») الذي كان مقرّراً إقامته يوم غد في مقر الكاتدرائية في ضاحية العباسية بالقاهرة.
وبالتزامن مع ذلك، اتسعت دائرة القلق بشأن ما يجري في أوساط المصريين. وبينما كان المتبرّعون بالدم، من المسلمين والمسيحيين، يتزاحمون على المستشفيات، حيث يعالج عشرات المصابين، ظهرت دعوات بنقل الاحتفال بـ«عيد القيامة» إلى وادي النطرون، واضطر قادة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التي يرأسها البابا تواضروس، إلى عقد اجتماعات وإجراء اتصالات لبحث ما يجري. كذلك، باشرت أجهزة الدولة في اتخاذ إجراءات لطمأنة الشارع. وظهر رجال الشرطة العسكرية إلى جانب دوريات الشرطة. وقررت الكنيسة إلغاء الاحتفال من الأصل، وتضامنت معها الكنيستان القبطية الكاثوليكية والإنجيلية، على أن تقتصر فعاليات يوم غد (الأحد) على أداء الصلوات، وتقبّل التعازي.

المسيحيون في مصر
يشكل المسيحيون في مصر نحو 10 في المائة من عدد السكان الذي يبلغ نحو 100 مليون نسمة، بينما تصل تقديرات أخرى بالنسبة إلى 15 في المائة. وكان المجتمع المصري قد تعرض لصدمة مماثلة حين وقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي تفجير في مقر الكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في وسط القاهرة؛ ما أدى إلى مقتل 29، معظمهم من النساء. وأعقب ذلك إقدام تنظيم داعش المتطرف الإرهابي في شبه جزيرة سيناء باستهداف أسر مسيحية عدة بالقتل؛ ما اضطر بعض الأسر الأخرى إلى الهجرة خارج المحافظة.
وخلال حوار مع «الشرق الأوسط»، كان الحزن يخيم على القس عيسى داود، راعي كنيسة النعمة الإنجيلية في محافظة المنيا، إلى الجنوب من القاهرة. قال القس إن الكنائس «قررت بالفعل إلغاء الاحتفالات. كيف نحتفل وسط كل هذه الدماء؟ الناس لديها احتجاج عام. هناك حالة حزن، ولدى الناس شعور بالتقصير الأمني». ووسط مشاعر مختلطة ما بين الشكوك واليقين، عاد القس داود ليوضح أن رجال الشرطة ضحّوا بأرواحهم وهم يمنعون الانتحاري من الوصول إلى داخل الكنيسة المرقسية بالإسكندرية.
من ناحية أخرى، يبدو أن إلغاء الاحتفالات بـ«عيد القيامة» كان خيارا أفضل من ذلك الذي اقترحه البعض داخل الكنيسة بنقل القداس والاحتفالات إلى وادي النطرون؛ لأن هذا الأمر كان سيُفسَّر على أنه غضب مسيحي من الدولة، مذكراً بسنوات الخلافات بين البابا شنودة وكل من الرئيسين أنور السادات في السبعينيات وحسني مبارك فيما بعد. ويتحدث كثرة من رجال الدين المسيحي والمفكّرين عن أن الأمر مختلف اليوم: «لأن الإرهاب هذه المرة موجّه ضد الدولة ككل، وليس ضد المسحيين فقط».
مع هذا، فإن الحالة العامة في أوساط المسيحيين أكثر سخطا على الأوضاع مما تبدو عليه في المحافل الرسمية؛ إذ أدى تفجيرا الكنيستين إلى ارتفاع لغة الغضب والشعور بوجود استهداف ليس فقط بالأعمال التخريبية، لكن من خلال ما يوصف بـ«الخطاب التحريضي».
وأمام بوابة الكاتدرائية في القاهرة، وقف جمعٌ من الفتيات والشبان المسيحيين وقد سيطرت عليهم حالة من الغضب. وقال جورج (23 سنة) إنه فقد إحدى قريباته في التفجير الذي وقع بالقرب من الكاتدرائية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأضاف: «في كل مرة نصلي أو نحتفل نفقد أعزاء لنا. متى ينتهي هذا الكابوس؟».
وتولت الكلام فتاة تدعى ميريت (19 سنة)، فقالت إن «المناخ العام يسوده خطاب معاد للمسيحيين... في الجامعة يوجد متعصّبون يدعون إلى عدم الاختلاط بنا أو السلام علينا أو التهنئة بأعيادنا. هذا أمر غريب».
إلا أن جمال، الطالب في جامعة عين شمس، ويبلغ من العمر 18 سنة، قال: «إن من ينشر الفرقة بين المسيحيين والمسلمين قلة». وتحدث عن أصدقائه وجيرانه من المسلمين الذين يشاركونه وأسرته في المناسبات الاجتماعية والدينية المختلفة، قائلا: «في الأعياد يقولون كل عام وأنتم بخير.. وفي خطبة أختي قدموا لنا الهدايا، نحن مصريون، ومن يشيع الكراهية بيننا قلة».

ساعات خشوع
في هذه الساعات، يستعد المسيحيون المصريون للدخول في حالة من الخشوع داخل الكنائس. ولن يكون هناك توزيع للحلوى والهدايا على الأطفال أو إطلاق الزينات، كما كان يحدث في أعياد السنوات السابقة، وذلك تعبيرا عن حالة الحزن. وسيكتفي مرتادو الكنائس بأداء طقوس الصلوات، واستقبال المعزين من الطوائف المصرية المختلفة. وعن هذا الحال يقول القس داود «لدينا شعور حقيقي بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي يبذل كل ما في وسعه من أجل منع وقوع مثل هذه الحوادث». ويضيف أن إقامة البابا في وادي النطرون ليومين «لا أعتقد أنها تحمل أي رسالة للقيادة السياسية في البلاد. فالرئيس تضامن مع القضية بكل الأشكال، واتخذ إجراءات مشددة لحماية الكنائس، وفرض حالة الطوارئ». بينما يشير المفكّر المصري، جمال أسعد، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يسبق إقامة القداس في وادي النطرون.
وتجدر الإشارة إلى أنه يطلق على يوم الأحد الذي وقعت فيه التفجيرات «أحد الشعانين»، ويعد «الأحد السابع» من الصوم الكبير الذي يستمر نحو شهرين، قبل «عيد القيامة». كما يطلق على الأسبوع الذي يبدأ به هذا اليوم «أسبوع الآلام»، في إشارة إلى ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة القدس. ولقد ظهر البابا تواضروس لأول مرة، بعد تفجيري الكنيستين، حين استقبل في وادي النطرون يوم الثلاثاء الماضي، وفدا من الفاتيكان كان ينقل له تعازي البابا فرنسيس، الذي يعتزم القيام بأول زيارة له لمصر يوم 28 من الشهر الحالي، وهي زيارة مقررة سلفاً منذ ما قبل أحداث التفجيرات.
ثم ظهر البابا تواضروس يوم الخميس الماضي وهو يستقبل الرئيس السيسي، في مقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة. وجاء الرئيس لتقديم التعازي في ضحايا الحادثين، وأكد أن أجهزة الدولة كافة تبذل أقصى ما في وسعها لملاحقة مرتكبي تلك الأفعال الآثمة، وتقديم كل من شارك فيها للعدالة في أسرع وقت. وفي المقابل، أعرب البابا عن شكره لحرص الرئيس على زيارة الكاتدرائية. وأكد أن الإرهاب لن ينجح في شق صف المصريين، أو النيل من وحدتهم واستقرارهم. ثم أردف إن «الوحدة والمحبة بين أبناء الوطن هي السبيل الوحيد الذي يكفل سلامة مصر والقضاء على الإرهاب». ومن جانبه، أعلن الجيش المصري أنه سيتولى ترميم الكنيستين، وفقا لما أعلنه الناطق باسم وزارة الدفاع المصرية، العقيد أركان حرب تامر الرفاعي.
في الواقع، يمثل حادثا كنيستي طنطا والإسكندرية تحديا للرئيس السيسي الذي يسعى إلى إنعاش الاقتصاد وبسط الاستقرار، بعد سنوات من الاضطرابات التي بدأت منذ 2011، وكبدت البلاد خسائر بمليارات الدولارات. ويحاول السيسي التغلب على مصاعب مصر الاقتصادية، من خلال إطلاق الكثير من المشروعات الكبرى، والقيام بزيارات خارجية لبث الطمأنينة في مستقبل البلاد، مع سعي السياسة المالية للدولة إلى زيادة معدل النمو إلى 5.5 في المائة في السنة المالية 2018 - 2019 مقارنة مع 4.8 في المائة متوقعة في السنة المالية المقبلة، وفقا لبيان لوزير المالية. لكن فرض حالة الطوارئ ربما يسهم في عرقلة مثل هذه الطموحات.
هذا، ووافق البرلمان، بالإجماع، على إعلان حالة الطوارئ، منذ الثلاثاء الماضي، رغم ردود الفعل المتباينة بشأن قدرة مثل هذا الإجراء على منع الهجمات الانتحارية، غير أن حالة الطوارئ تمنح الحكومة سلطات واسعة للتحرك ضد «أعداء الدولة»، حيث قال رئيس الوزراء، شريف إسماعيل: إن خطوة إعلان الطوارئ ضرورية من أجل هزيمة الجماعات الإرهابية التي تسعى لهدم البلاد.
ومع أن قانون الإرهاب المعمول في مصر منذ 2015، يغلظ العقوبات في قضايا الإرهاب لتصل إلى الإعدام، ويشدد العقوبات في مسائل النشر، سواء بواسطة وسائل الإعلام أو الإنترنت، فإن قانون الطوارئ يمنح - من جانبه - صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية، ويسمح لها بإغلاق شركات وصحف ووسائل إعلام ومنع المظاهرات ومراقبة الاتصالات الشخصية من دون إذن قضائي. وجرى قبل يومين تعطيل صدور عددين من إحدى الصحف الخاصة.
وبعكس الموجات الإرهابية، ذات الطابع المحلي، التي بدأت في أواخر سبعينات القرن الماضي وانتهت بمقتل السادات عام 1981، وبخلاف طبيعة العمليات المسلحة ضد الأقباط والسياح في عهد مبارك، وبخاصة في فترة التسعينات، ينظر الكثير من المصريين، بمن فيهم السيسي، اليوم، إلى النشاط الإرهابي الحالي باعتباره «نشاطا عابرا للحدود»، ويستهدف الجميع وليس المسيحيين فقط.
كما أن الرئيس نفسه أشار في غير مناسبة إلى ضلوع دول في تمويل النشاط الإرهابي ضمن حالة من العداء للدولة المصرية، ودول أخرى في المنطقة. ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك لمواجهة هذا الخطر، حين ألقى كلمة بهذا الشأن يوم الأحد الماضي. وسبق للرئيس أن لمّح إلى التعاون العابر للحدود الذي يحظى به الإرهابيون، وذلك عقب تفجير الكنيسة البطرسية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وشنت مصر غارة حربية على مقار لـ«داعش» قرب مدينة درنة الليبية، حين قتل التنظيم المتطرف، قبل سنتين، 21 مصريا مسيحيا كانوا يعملون في ليبيا.
وعقب الإطاحة بحكم مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، قال الدكتور محمد البرادعي، على هامش حوار أجرته مع «الشرق الأوسط» حين كان نائبا للرئيس المصري المؤقت وقتذاك، عدلي منصور: إن عدد العناصر المتطرفة في سيناء يبلغ 12 ألفا من المصريين والأجانب. وأيا ما كان الأمر، فإن مصر، مثلها مثل دول ما يعرف بـ«الربيع العربي» شهدت منذ عام 2011 عودة كبيرة لألوف عدة من المتطرفين الذين كانوا يشاركون في القتال في المناطق الملتهبة في العالم، من أفغانستان إلى باكستان ومن العراق إلى الشيشان، غيرها.
وبمجرد الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق مبارك، عادت إلى مصر جماعات من المتطرفين، من بينهم محكوم عليهم بالإعدام وبالسجن المؤبد، ومن بينهم أيضا قادة كانوا قد فرّوا من أفغانستان ولجأوا إلى الإقامة لبعض الوقت في إيران. كما أدى حكم جماعة الإخوان في عهد مرسي، إلى نشاط واسع وحضور للجماعات المتشددة، كان أبرزها تعيين إدارة مرسي محافظاً لمحافظة الأقصر السياحية ينتمي إلى جماعة متهمة بتدبير قتل سياح أجانب أثناء زيارتهم للمعالم الأثرية في المحافظة نفسها عام 1996.
وبعد إزاحة حكم مرسي فرت أعداد كبيرة من عناصر الجماعات المتطرفة إلى سيناء وإلى دول مضطربة مثل سوريا وليبيا. وجرى تحميل جانب من المسؤولية عن الإطاحة بحكم مرسي، للمسيحيين في مصر، وفقا لبيانات أصدرتها تنظيمات متطرفة. وبعدها بدأت الحرب ضد السلطات انطلاقا من سيناء، وتمكنت قوات الجيش التي انتقلت إلى هناك، من إرهاق المتشددين وقتل الكثير منهم؛ ما أدى إلى فرار بعضهم إلى خارج البلاد، بينما نقل البعض الآخر عملياته إلى القاهرة والدلتا.
وفيما يبدو أنه تحول جديد في تكتيكات «داعش»، الذي أعلن مسؤوليته عن التفجيرات التي جرت منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي حتى يوم «أحد الشعانين»، لفتت بيانات الشرطة المصرية، الانتباه إلى أن معظم عناصر الخلايا التي نفذت العمليات الأخيرة، تنتمي إلى محافظة قنا (نحو 600 كيلومتر جنوب القاهرة). وتمكنت وزارة الداخلية المصرية عقب التفجيرات بيومين من تحديد هوية منفذي العمليتين، وبدأت في تمشيط مناطق جبلية قرب محافظة قنا في الصعيد، وفي مواقع أخرى في البحر الأحمر والسويس المجاورة لسيناء، بالإضافة إلى القاهرة نفسها. وشددت الإجراءات على الحدود البرية، وبخاصة تلك الملاصقة لليبيا.
ومعظم الأسماء الـ19 المتهمة في تفجير الكنيستين، التي أوردتها بيانات وزارة الداخلية، من مواليد محافظة قنا، ومن مواليد عقد الثمانينات. وألقي على ثلاثة متهمين منهم بالفعل. وردت قيادات المحافظة من قبائل ونواب في البرلمان ووجهاء بالتبرؤ من مرتكبي ما وصفوه بـ«العمل الإرهابي الخسيس الذي وقع في الكنائس».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».