عسيري: الحوثيون وضعوا مراكز سيطرة بين المدنيين... والتحالف حارب الإرهاب والتهريب

وزير الخارجية الفرنسي يدعو إيران لوقف تدخلاتها في اليمن

جانب من الندوة التي نظمها مركز العالم العربي في باريس أمس (حساب السفارة السعودية بفرنسا على «تويتر»)
جانب من الندوة التي نظمها مركز العالم العربي في باريس أمس (حساب السفارة السعودية بفرنسا على «تويتر»)
TT

عسيري: الحوثيون وضعوا مراكز سيطرة بين المدنيين... والتحالف حارب الإرهاب والتهريب

جانب من الندوة التي نظمها مركز العالم العربي في باريس أمس (حساب السفارة السعودية بفرنسا على «تويتر»)
جانب من الندوة التي نظمها مركز العالم العربي في باريس أمس (حساب السفارة السعودية بفرنسا على «تويتر»)

لخص اللواء أحمد عسيري، مستشار وزير الدفاع السعودي العسكري، المتحدث باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، أهم أعمال التحالف في اليمن منذ البداية في أهداف أساسية، أهمها: المحافظة على الشرعية وعلى كيان وهيكل الدولة اليمنية بحيث لا تتحول لدولة فاشلة، وخفض القدرات العسكرية للمتمردين الحوثيين وداعميهم، والتقليل من معاناة المجتمع المدني من ممارسات الحوثيين، وأخيراً توفير استمرار الدعم للعمليات الإنسانية والإغاثية، وإبقاء اليمن على تواصل مع الخارج.
ورداً على ما يتهم به التحالف من فرض «حصار وتجويع في اليمن»، شدد عسيري على أن ما يحصل هو حظر لمنع وصول السلاح إلى الموانئ اليمنية، خصوصاً الحديدة.
كما دافع عسيري، في الندوة التي استضافها معهد العالم العربي في باريس، أمس، بعنوان «تطورات الوضع الراهن ومستقبل السلام في اليمن»، عن «قواعد الاشتباك» التي تعمل بموجبها قوات التحالف، خصوصاً الجوية، حيث ترجح سلامة المدنيين على نجاعة الضربات العسكرية، ملخصاً ذلك بالقول إن «منهجنا هو العمليات العسكرية الحذرة»، خصوصاً أن الحوثيين وضعوا مراكز القيادة والسيطرة بين المدنيين.
«وبعكس ما يقال في الصحافة الغربية»، أكد العسيري أن «العمليات العسكرية لا تراوح مكانها، وأنها تحرز تقدماً مستمراً، والدليل على ذلك أن 75 في المائة من الأراضي اليمنية أصبحت تحت سيطرة القوات الشرعية».
كذلك شدد العسيري على أن قوات التحالف والشرعية تعمل على خطين متوازيين: العسكري والأمني، والثاني يتمثل في محاربة الإرهاب والتهريب والمخدرات، منوهاً بسعي التحالف منذ البداية إلى بناء القوات العسكرية والأمنية اليمنية، وأن أبرز النجاحات الأمنية دحر «القاعدة»، وطردها من المكلا ومن مناطق يمنية أخرى، وإلحاق الهزيمة بها، ونبه إلى أنه «لن يسمح» بأن تصبح ميليشيات الحوثيين في اليمن كميليشيات «حزب الله» في لبنان.
أما بخصوص الملف السياسي، فقد اعتبر العسيري أن التحالف «يريد حلاً سياسياً يرضي الجميع شريطة أن يقوم على أساس القرارات الدولية وإرادة اليمنيين»، بحيث يعيد الشرعية ويضمن الاستقرار. وأشار بشكل خاص إلى القرار الدولي رقم 2216، الذي أقره مجلس الأمن بـ14 صوتاً. بيد أن اللواء العسيري رفض أن يكون هناك أفكار انقلابية رمادية تجعلهم جزءاً من الحل، على أن يكونون مصدر قلق ومشكلات في المستقبل. وفهم من كلام الناطق باسم التحالف رفض لمحافظة الحوثيين على أسلحتهم، بحيث يشكلون تهديداً في المستقبل لأمن واستقرار البلاد.
من ناحيته، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت إلى تمكين اليمن من استعادة الاستقرار «لمصلحته الذاتية، ولمصلحة المنطقة»، الأمر الذي لا يمكن أن يتم من غير التخلص من التدخلات الخارجية «وأخصها لإيران»، كما عبر عن قلق فرنسا من وصول المسارين السياسي والعسكري إلى الطريق المسدود، ناهيك بـ«الكارثة» الإنسانية التي يعاني منها اليمنيون.
وشهدت الندوة، إلى جانب افتتاحها وختامها، أربع جلسات؛ أولها تحت عنوان «إمكانيات السلام في اليمن»، وثانيها تركزت على «المشهد السياسي في اليمن»، وثالثها عن «التهديدات الأمنية وخطر الجماعات المتطرفة»، والرابعة حول الوضع الإنساني في اليمن.
وفي كلمته التي قرأها بالنيابة عنه مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، السفير جيروم بونافون، حذر أيرولت من استمرار الحوثيين في «مساعيهم لضرب استقرار اليمن، بدعم من الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأنصاره، الذي يستفيد من مساندات خارجية، الأمر الذي يمكن الحوثيين من الاستمرار في عملياتهم العسكرية، ليس فقط في الداخل اليمني، ولكن أيضاً ضد المملكة العربية السعودية، وفي البحر الأحمر».
ولفت الوزير الفرنسي إلى أن أمن الملاحة البحرية في هذا الشريان الحيوي للتجارة العالمية أصبح «مهدداً»، كما أن العمليات الإرهابية التي تقوم بها «القاعدة» في شبه جزيرة العرب و«داعش»، اللذان يستفيدان من حالة انعدام الأمن والفوضى، تهدد اليمن والمنطقة والعالم لجهة استخدامهما الأراضي اليمنية للقيام بعمليات إرهابية عبر العالم. وفي الجانب السياسي، كرر أيرولت دعم بلاده لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها لإعادة الأطراف المتنازعة إلى طاولة المفاوضات وإطلاق دينامية سلام على أساس القرارات الدولية. وبرأيه، فإنه يتعين مناقشة الملفات السياسية والعسكرية و«البحث عن خروج سريع ودائم» من الأزمة. وفي الوقت عينه، شدد بقوة على الحاجة للتعاطي مع الملف الإنساني، واحترام القوانين الإنسانية.
وعرض أيرولت خدمات بلاده لمساعدة الأطراف «على القيام بالخطوات الضرورية» لذلك. وبرأيه، فإن محددات السلام في اليمن معروفة: وحدة اليمن من أجل إبعاد خطر التقسيم نظام فيدرالي، لتقوم كل منطقة بإدارة شؤونها ضمن ما يقرره القانون والدستور، وأن تكون جميع الفئات مشاركة في الحل. وخلاصته أن قدر اليمن ليس الحرب «الدائمة»، فشعبه يريد السلام مع جيرانه والأمن والاستقرار.
إلى جانب هاتين المداخلتين الرئيسيتين، عرض وزير الإعلام اليمني واقع الإعلام في بلاده بعد الانقلاب، كما عرض سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، في كلمة مهمة عن «المتغيرات» الدولية المحيطة بالملف اليمني، وأهمها تغير الإدارة الأميركية، وسعيها إلى مجابهة النفوذ الإيراني في المنطقة، ومنها اليمن. واعتبر أن إدارة ترمب توجه «رسائل حازمة» لطهران، ومنها خيار استخدام القوة طريقاً للسلام. كذلك، لم يغفل اليماني وصول أمين عام جديد للأمم المتحدة، ورغبته في تغيير طرق العمل، مما يمكن أن ينعكس لاحقاً على وضع المبعوث الدولي، وتعاطي الأمم المتحدة مع الملف اليمني بشكل عام.
ومن جانبه، قال الدكتور نجيب غلاب، وكيل وزارة الإعلام اليمنية، خلال الندوة، إن خيار الدولة الاتحادية أصبح الخيار الأكثر تأييداً من جانب القوى المؤيدة للشرعية في اليمن، وهو يمثل بالنسبة لها مشروعها الكفيل بإحداث تغيير جذري في تركيبة القوة، وفي طبيعة الدولة اليمنية، وهو الحد الأدنى الذي بإمكان الجنوب القبول به، ناهيك بأن الأطراف الشمالية حتى غير المقتنعة به بعد أن تم إفشال الانقلاب لم يعدّ أمامها من خيار للحفاظ على الوحدة غير القبول بمشروع الدولة الاتحادية.
وأضاف غلاب: يحظى مشروع الدولة الاتحادية بتأييد دولي قوي، كما أنه الخيار الذي دافعت عنه الدول الراعية للمبادرة الخليجية، وهو يمثل للأمم المتحدة إنجازاً تاريخياً لإعادة صياغة الدولة اليمنية، ونموذجاً بالإمكان تسويقه في المنطقة لحل إشكاليات الصراع على السلطة في الدول العربية التي تعاني من نزاعات مستدامة.
وتزداد قوة المشروع الاتحادي بأن التحالف ومقررات مجلس الأمن تركيزها في الأساس قائم على أساس مخرجات الحوار، وشرعية الحرب ببعدها الوطني والعربي مؤسسة على استعادة الدولة، وتثبيت الشرعية، وبناء اليمن وفق مخرجات الحوار، وأهمها الدولة الاتحادية، ناهيك بأنه لا يوجد أي اعتراض على مشروع الدولة الاتحادية في اليمن، إذا ما استثنينا القوى الانقلابية، متابعاً أن «الانتقال إلى الدولة الاتحادية أمر محسوم، والأمر يعتمد على تحقيق انتصار عسكري وسياسي في معركة استعادة الدولة، وفرض ترتيبات الأقاليم في الواقع، كما هو حاصل اليوم في الجنوب، واستمرار دعم الإقليم والمنظومة الدولية لهذا الخيار».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.