انصرف مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب لبنان يوم أمس للملمة آثار المعارك الدامية الذي شهدها على مدار 5 أيام خلال محاولة حركة «فتح» مواجهة مجموعة «بلال بدر» المتشددة وإلقاء القبض على زعيمها بعد تصديه لانتشار القوة الأمنية المشتركة في حي الطيري. إلا أن انتهاء المواجهات إلى سقوط «المربع الأمني» لبدر وفراره وعناصره للاحتماء بجماعات متطرفة أخرى تتخذ أحياءً من المخيم مربعات أمنية لها، لم يكن على مستوى تطلعات اللاجئين داخل المخيم والذين يتخطى عددهم الـ100 ألف، ولا القيادات السياسية والأمنية اللبنانية.
وتركت التسوية الأخيرة التي ضغطت القوى الإسلامية ومعها حركة «حماس» على حركة «فتح»، للسير بها، آثاراً كبيرة داخل الحركة نفسها، مما زاد من الانقسامات والخلافات في صفوفها، في ظل إصرار قسم كبير من القيادات الأمنية «الفتحاوية» على وجوب استكمال القتال حتى توقيف بدر، واعتبار الفصائل الأخرى أن «فتح» أخذت فرصتها ولكنها فشلت بالحسم عسكريا.
وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب، إنّهم كقيادة عسكرية تلقوا أمر وقف القتال من القيادة السياسية والتزموا به، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «لو لم يتضمن الاتفاق انتشار القوة الأمنية في حي الطيري كما استكمال المساعي لتوقيف بدر، لكنّا مضينا بالحسم العسكري». ووصف أبو عرب الوضع الحالي داخل المخيم بـ«الجيد» بعدما توقف إطلاق النار وتمركز عناصر القوة المشتركة في مواقعهم في «الطيري» وأخذوا دورهم في الأحياء الأخرى. وأضاف: «أما بلال بدر فهرب كالفأر إلى الحجر وانتهى تماماً». وعلّق أبو عرب على رغبة أمير حركة «فتح الإسلام» الإرهابية بالخروج مع بدر من المخيم إلى سوريا، قائلاً: «فليخرجوا... الجيش اللبناني يطوّق كل مداخل ومخارج عين الحلوة».
وفعلياً، كثّف الجيش اللبناني من إجراءاته في محيط المخيم وفي كل أرجاء مدينة صيدا منذ اندلاع الاشتباكات، ودعا قائده جوزيف عون قادة الوحدات إلى «تكثيف التدابير الأمنية، لا سيّما في محيط المخيم والمعابر المؤدية إليه، لحماية المواطنين ومنع تسلّل الخارجين على القانون»، وأكد خلال تفقده الوحدات العسكرية في المنطقة، أنّ الجيش «سيردّ بحزم على أي استهداف يطال المراكز العسكرية أو التجمعات السكنية المحيطة بالمخيم، وأي محاولة لنقل الاشتباكات إلى خارجه»، لافتاً إلى أنّه «من غير المقبول استمرار الاقتتال العبثي الذي تفتعله بين الحين والآخر عناصر إرهابية ومتطرفة، كونه يعرّض سلامة الفلسطينيين وأهالي الأماكن المجاورة للمخيم للخطر المباشر، وينعكس سلباً على الحياة الاقتصادية والمعيشية لمنطقة صيدا». وشدّد عون الذي تم تعيينه حديثاً قائداً للمؤسسة العسكرية خلفاً للقائد السابق جان قهوجي، أن «أمن المخيمات الفلسطينية وأي بقعة من الأراضي اللبنانية هو جزء من الأمن الوطني الشامل، وبالتالي فإن من مصلحة الجميع الإسهام في حماية الاستقرار وذلك من خلال عدم إيجاد أي ملاذ آمنٍ للإرهابيين والمطلوبين للعدالة، والتعاون مع الجيش والقوى الأمنية لإلقاء القبض عليهم».
وانكب أهالي المخيم، يوم أمس، على إزالة الدمار والركام الذي تركز بشكل خاص في حي الطيري والشارع الفوقاني، وعاد عشرات النازحين إلى مدينة صيدا إلى منازلهم في «عين الحلوة» ليجدوا أن قسما كبيرا منها تعرض لأضرار كبيرة، إضافة إلى الأعطال التي لحقت بشبكتي المياه والكهرباء.
وقالت مصادر ميدانية في المخيم لـ«الشرق الأوسط» إن العشرات من أبناء المخيم طالبوا بإعلان حالة «طوارئ إغاثية» وبالتعويض سريعاً عن المتضررين لاستئناف دورة الحياة الطبيعية في «عين الحلوة»، لافتة إلى أن شوارع أخرى في المخيم لم تشهد اشتباكات استعادت أمس أنفاسها بعد 5 أيام على إغلاق المحال التجارية والمدارس واختباء السكان في منازلهم خوفا من الرصاص والقذائف الطائشة.
وأوضح أمين سر تحالف القوى الفلسطينية ممثل حركة «الجهاد» في منطقة صيدا عمار حوران أن «عين الحلوة» عاش الأربعاء - الخميس ليلة هادئة، لافتاً إلى أن انتشار القوة المشتركة في الطيري «جاء تنفيذا لقرار القيادة السياسية الفلسطينية الوطنية والإسلامية في لبنان باعتبار أن الحي بالنسبة لنا جزء لا يتجزأ من المخيم عين الحلوة وفرض الاستقرار فيه يندرج بإطار سعينا للحفاظ على امن شعبنا».
«عين الحلوة» يلملم آثار المعركة الخاسرة مع بلال بدر
قائد الجيش: سنرد بحزم على أي استهداف يطال المراكز العسكرية المحيطة بالمخيم
«عين الحلوة» يلملم آثار المعركة الخاسرة مع بلال بدر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة