ما زالت مرشحة اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبان ومنافسها المنتمي للوسط إيمانويل ماكرون يتقدمان الجولة الأولى للانتخابات بنسبة 23 في المائة لكل منهما، لكنهما تراجعا نصف نقطة عن استطلاع مشابه أجري الأسبوع الماضي. لكن بدأت الأعين تتجه إلى مرشح أقصى اليسار جان لوك ميلينشون، الذي يعتقد بعض المراقبين أنه قد يحدث هزة ويتقدم ليس فقط على المحافظ فرنسوا فيون وإنما على ماكرون نفسه، وتنتهي الجولة الأولى بفوز لوبان وميلينشون، كما قالت مراسلة الـ«فاينانشيال تايمز» في باريس لهيئة البث البريطاني (بي بي سي)، مضيفة: «لو حدث ذلك، سيضع الناخب الفرنسي أمام مرشحين: إما اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف. أي ولأول مرة لن يكون هناك مرشح لأحزاب المؤسسة الوسطية».
ومع ترجيح هزيمة أكبر حزبين تقليديين من اليمين واليسار في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة لإعادة تشكيل المشهد السياسي، بما في ذلك قيام جمعية وطنية من دون غالبية بعد الانتخابات التشريعية في يونيو (حزيران) المقبل. وعادة ما يتفق الفرنسيون في هذه الانتخابات التشريعية التي تجري في أعقاب الاقتراع الرئاسي، على إعطاء الرئيس الجديد غالبية تمكنه من ممارسة الحكم. وترتدي هذه المسألة أهمية جوهرية على ضوء الوعود التي قطعها المرشحون الرئيسيون الذين يتصدرون استطلاعات الرأي للمنصب الرئاسي، من مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى الوسطي إيمانويل ماكرون، مروراً بممثل اليسار الراديكالي جان لوك ميلينشون، والمحافظ فرنسوا فيون، بإقرار إصلاحات سريعة فور دخولهم قصر الإليزيه.
وقال فيون المدعوم بتحالف أقامه حزبه «الجمهوريون» مع وسطيي «اتحاد الديمقراطيين والمستقلين»، كما جاء في الوكالة الفرنسية إنه «في حال انتخابي، ستكون لي غالبية برلمانية، وهو ما لن يحظى به أي من ماكرون أو لوبان».
في المقابل، قال وزير مبدياً مخاوفه إنه في ظل نظام يقوم على أربعة أحزاب هي: الحزب الاشتراكي، والجمهوريون، وحركة «إلى الأمام!» بزعامة ماكرون، والجبهة الوطنية برئاسة لوبان: «ستكون هناك انتخابات تحسم نتائجها بفارق يكاد لا يساوي شيئاً... وبالتالي، فإن الغالبية مستبعدة».
ولطالما كان النظام الانتخابي الفرنسي الذي يعتمد الغالبية على دورتين يصب لصالح الحزب الأبرز بين المعسكرين اليميني واليساري. وكان النواب الـ577 المنتخبون في الجمعية الوطنية الجديدة يمنحون الثقة لرئيس الوزراء الذي يعينه الرئيس والحكومة التي تتشكل في أعقاب الانتخابات. غير أن الحملة الصعبة التي يخوضها فرنسوا فيون في ظل الفضيحة التي تطاله، وعجز الاشتراكي بونوا آمون على توحيد مختلف التيارات في حزبه، قد يشكلان نهاية هيمنة الحزبين الأكبرين على الحياة السياسية الفرنسية. وتتوقع الفرضية المرجحة حالياً في استطلاعات الرأي انتقال مارين لوبان وإيمانويل ماكرون الوزير السابق في حكومة الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند الذي انتقل إلى الوسط، إلى الدورة الثانية. وأيا كان الفائز بينهما، فإن ذلك سيؤدي إلى قيام وضع غير مسبوق للانتخابات التشريعية في 11 و18 يونيو (حزيران). وقد يضطر بالتالي الرئيس المقبل إلى التعايش مع غالبية هشة ومتبدلة، وصولاً إلى تشكيل حكومة ائتلافية، وهو ما لم تشهده الثقافة السياسية الفرنسية منذ 60 عاما.
وأبرم ماكرون (39 عاماً) الذي شكل حركته منذ عام فقط، اتفاقاً مع حزب «موديم» الوسطي بزعامة فرنسوا بايرو، وهو يبدي تفاؤله قائلاً: «إذا صوّت الفرنسيون لانتخابي رئيسا، فسوف يمنحونني غالبية في الجمعية». ويعتزم ماكرون أيضا الفوز بتأييد نواب من غير تشكيلات وخصوصا من اليسار، ولو أنه حذر عند إعلان رئيس الوزراء السابق مانويل فالس مؤخراً تأييده له بأنه لا ينوي فتح «دار ضيافة» للنواب الاشتراكيين، حرصاً منه على عدم الظهور في موقع الوريث السياسي للرئيس هولاند الذي لا يتمتع بأي شعبية.
وإلى اليسار، يأمل الحزب الاشتراكي في الاحتفاظ بوزن حتى في حال هزيمة مرشحه للرئاسة. وقال ميشال بوزول النائب الاشتراكي عن منطقة إيسون بضاحية باريس، للوكالة الفرنسية «إن السمعة المحلية تلعب دورا في الانتخابات التشريعية. يقول لي البعض إنهم سيصوتون لماكرون لقطع الطريق على منافسته، لكنهم سيصوتون لي في يونيو (حزيران) المقبل».
ومن العناصر الأخرى المثيرة للتساؤلات في هذه الانتخابات عدد نواب حزب الجبهة الوطنية الذي يتوقع أن يوسع تمثيله عما كان بعد انتخابات 2012 حين فاز بمقعدين. لكن في حال فازت مارين لوبان بالرئاسة، فستكون بحاجة إلى مندوبين من خارج حزبها لتشكيل غالبية ولو نسبية في الجمعية الوطنية.
ويأمل نائب رئيس الجبهة الوطنية لويس آليو في جمع غالبية حول «الخط الرئيسي» لبرنامج حزبه وهو «إعادة التفاوض الشاملة في المنظومة الأوروبية». وباشر حزب الجبهة الوطنية منذ الآن في الكواليس وضع ثوابت على أمل ضم عشرين نائبا من اليمين، ما يثير مخاوف مسؤولي حزب «الجمهوريون» دفعتهم إلى تحذير أعضاء الحزب بأن أي اتفاق مع الجبهة الوطنية سيعاقب على الفور بإقصائهم من الحزب.
وفي أسوأ الاحتمالات، قد يضطر الرئيس الجديد إلى تقبل تعايش يرغمه على تعيين رئيس وزراء من عائلة سياسية أخرى، غير أنه يملك غالبية في الجمعية الوطنية.
تراجع بسيط لماكرون ولوبان وتقدم لميلينشون في الدورة الأولى
فرنسا تواجه احتمال قيام برلمان من دون غالبية بعد الانتخابات الرئاسية
تراجع بسيط لماكرون ولوبان وتقدم لميلينشون في الدورة الأولى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة