{الإفتاء} المصرية: تفسيرات «الولاء والبراء» وراء الفتاوى ضد المسيحيين

تسجيل «داعش» الجديد يكشف امتلاكه أسلحة متطورة في سيناء

{الإفتاء} المصرية: تفسيرات «الولاء والبراء» وراء الفتاوى ضد المسيحيين
TT

{الإفتاء} المصرية: تفسيرات «الولاء والبراء» وراء الفتاوى ضد المسيحيين

{الإفتاء} المصرية: تفسيرات «الولاء والبراء» وراء الفتاوى ضد المسيحيين

قالت دراسة أعدتها دار الإفتاء المصرية، أمس، إن ما يعرف في بعض التفسيرات بـ«الولاء والبراء» يعد قاعدة مهمة جداً في المنهجية التكفيرية وفي إنتاج الفتاوى التي جاء بسببها 90 في المائة من أحكام تحريم التعامل مع المسيحيين. ويأتي ذلك بعد أقل من أسبوع على تفجيرات طالت كنيستين في شمال وشمال غربي القاهرة، راح ضحية التفجيرين 45 قتيلاً، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنهما. وأصدر التنظيم أمس فيديو، في محاولة على ما يبدو لإرهاب المصريين، بما تضمنه مع عمليات قنص بشعة.
وتخوض مصر منذ سنوات حرباً ضد جماعات إرهابية تركز نشاطها في شبه جزيرة سيناء، لكن منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين منتصف عام 2013، تمددت تلك الجماعات لتستهدف قوات الجيش ومقارها في وادي النيل، كما كثفت من وتيرة عملياتها، ومع بداية العام الجاري توعدت تلك التنظيمات أقباط مصر.
ويكشف الفيديو الجديد لـ«داعش» عن استخدام التنظيم أسلحة متطورة، بينما قال الخبير الأمني والاستراتيجي في مصر العميد السيد عبد المحسن، إن «داعش» يسعى من الفيديو لجذب المزيد من المؤيدين لأفكاره، خاصة بعد هزائمه على أرض الواقع في سيناء، ما جعله يتجه للداخل المصري، ويستهدف المسيحيين. مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الفيديو مفبرك»؛ لكنه يكشف عن امتلاك «داعش» أسلحة حديثة جداً. مرجحاً أن يكون من ظهروا في الفيديو من عناصر «داعش» ليسوا مصريين، بل هم من خارج مصر.
وخسر «داعش» أراضي كثيرة من التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، بسبب الهجمات التي يشنها عليه التحالف الدولي، ما دعا كثير من عناصره للفرار بحسب الخبير الأمني.
فيما رجح مراقبون أن تكون عناصر «داعش» تسللت لمصر وسيناء عبر الأنفاق أو بحراً، وانضموا لصفوف التنظيم من أجل المساعدة بعد الخسائر التي مُنِي بها التنظيم في سيناء، بسبب الحملات التي يشنها الجيش والشرطة ضد عناصره، وآخرها سيطرته على «جبل الحلال». وأدان مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو «داعش».
وفي السياق نفسه، قالت دارسة دار الإفتاء المصرية أمس إن قاعدة «الولاء والبراء» وهي قاعدة مهمة جداً في المنهجية التكفيرية في إنتاج الفتاوى التي بسببها جاء 90 في المائة من أحكام فتاواهم بتحريم التعامل مع المسيحيين.
وأضافت الدارسة أن «الإرهابيين يعملون بهذه القاعدة بشكل خاطئ كإحدى أهم أدوات الحكم على التعامل مع غير المسلمين، أو أحد المرتكزات الفكرية التي من خلالها يحرمون التعامل بشكل قطعي مع غير المسلمين، بل تطور الأمر في التحريم من عدم الموالاة إلى المعاداة، استناداً إلى أدلة ونصوص شرعية تم تنزيلها على غير مرادها لتبرير قتلهم للمخالفين لهم في العقيدة».
وكشفت الدراسة عن القاعدة الثانية التي تتحكم في نفسية الإرهابيين ودفعتهم لتفجير الكنائس، وهي: تقسيم الناس إلى فُسطاطين؛ أحدهما في جانب الحق والآخر في جانب الكفر، ولا ثالث لهما (حسبما يزعمون)؛ وفي هذه القاعدة نهى عن التعامل بأي شكل من أشكال التعامل مع غير المسلمين؛ لذلك ففتاواهم جاءت صريحة بحرمة التعامل بأي شكل من أشكال التعامل؛ كما أوضحت الدراسة.
وأضافت الدراسة أن كثيراً من هذه الجماعات متأثر بفكر بعض الآيديولوجيات الدينية في بعض الدول التي تمارس منهجا متشددا في معاملاتها الدينية... وهؤلاء الإرهابيون تشبعوا بهذه المناهج من خلال الاحتكاك المباشر مع هذه المناهج، بحيث إنهم أصبحوا لا يرون غيرها، ومن ثم أصبحت هذه القواعد حاكمة على عقلية مصدر الفتوى، رغم اختلاف الزمان والمكان والعوائد والأحوال، ورغم الاختلافات الفكرية التي أصدرت تلك الفتاوى.
ولفتت الدراسة إلى اعتماد الإرهابيين على المناهج والفتاوى المعلبة وانتزاعها من سياقات زمنية مُغايرة، فالكثير ممن يصدرون هذه الفتاوى ليسوا على درجة كبيرة من العلم الشرعي، وليسوا على درجة كبيرة من اللياقة الفكرية؛ وبالتالي عندما يتصدرون للفتاوى يلجأون إلى ما يسمى بالفتاوى المعلبة والجاهزة، التي خلفها السابقون لهم في التنظيمات المتطرفة، وبمجرد السؤال يستدعي الفتاوى ويطلقها كالرصاص المميت؛ وبالتالي لا يراعي فيها شيئاً من أسس الفتوى، وعليه تكون نتائجها وخيمة على المجتمع.
وتشدد السلطات المصرية من قبضتها على الكنائس وتواصل جهودها للكشف عن الجناة المتهمين في حادثي كنيستي طنطا والإسكندرية الأحد الماضي، اللذين خلّفا قتلى ومصابين، وأجرى أمس خبراء المفرقعات بالقاهرة والجيزة عمليات تعقيم وفحص لجميع الكنائس، تحسباً لوجود أي أجسام غريبة بالتزامن مع أعياد المسيحيين المقرر لها الأسبوع المقبل، وسط تمركز لخبراء المفرقعات بمحيط كل كنسية منعاً لوقوع أي حوادث إرهابية.
كما جرت عمليات مسح شامل لكل السفارات والأماكن الشرطية والوزارات والسفارات والمنشآت العامة والقنصليات؛ منعاً لحدوث أي أعمال إرهابية في ظل انتشار رجال المفرقعات بمحيط الكنائس لتأمين الأقباط مع انتشار قوات الأمن، للعمل على فرض السيطرة الأمنية بكل الطرق والميادين والشوارع، ولرصد أي أشكال للخروج عن القانون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».