نازحون عراقيون ممنوعون من العودة... بانتظار تصاريح أمنية

نازحون في مخيم حمام العليل جنوب الموصل أمس (رويترز)
نازحون في مخيم حمام العليل جنوب الموصل أمس (رويترز)
TT

نازحون عراقيون ممنوعون من العودة... بانتظار تصاريح أمنية

نازحون في مخيم حمام العليل جنوب الموصل أمس (رويترز)
نازحون في مخيم حمام العليل جنوب الموصل أمس (رويترز)

لكل نازح من مسكنه نتيجة الحرب بين القوات العراقية وتنظيم داعش في نينوى ومحافظات أخرى، قصة مأساوية تكشف عن حجم التحديات التي مر بها الأهالي في رحلة الحفاظ على حياتهم بعد فرارهم من مناطق النزاع. وبين قصص النزوح تلك، تأتي قصة 78 سائقاً ومساعد سائق من أهالي نينوى علقوا في مخيم «الكيلو 18» الواقع على مشارف مدينة الرمادي، نتيجة عدم ورود أسمائهم في قواعد البيانات لدى القوات الأمنية، وبذلك يضاف عددهم إلى قوائم النزوح الطويلة والمؤلمة التي تضم مواطني المحافظات التي سيطر عليها «داعش» في يونيو (حزيران) 2014.
ويقول مدير المخيم جبار حميد لـ«الشرق الأوسط»، إن سائقي الشاحنات كانوا متروكين لحالهم وتجهل عائلاتهم مصائرهم، وبقوا نحو 3 أشهر في الصحراء معتمدين على ما جلبوه معهم من مؤن، ثم عثرت عليهم القوات الأمنية فجلبتهم قبل شهرين إلى المخيم.
ويبعد المخيم نحو 15 كيلومتراً عن مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، وتسكنه 1100 عائلة موزعة على 1060 خيمة ويضم نازحين من محافظة نينوى وصلاح الدين والأنبار وحتى بغداد.
وبحسب حميد، فإن قوات الأمن تمنع هؤلاء السائقين من مغادرة المكان نتيجة وضعهم غير المدقق أمنياً، رغم ضعف سعة المخيم. وقال: «مضطرون إلى قبول وجودهم معنا، ونعطيهم مثلما نعطي للآخرين... المجموعة تتألف من أشخاص مساكين وعاديين يبحثون عن لقمة عيشهم، صحيح أننا لا نعرف عنهم الكثير، لكن لا يبدو عليهم الانتماء إلى (داعش)».
ويفتقر المخيم الذي تأسس قبل عام إلى الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والأدوية الطيبة، ويعتمد على المساعدات المقدمة من منظمات إنسانية ومجلس محافظة الأنبار، لكنها لا تتناسب مع أعداد النازحين الموجودين. وينوي القائمون عليه تأسيس مدرسة متنقلة.
وشدد حميد على أن معظم النازحين «لا تقل أوضاعهم مأساوية» عن سائقي الشاحنات: «فعدم وجود أسمائهم ضمن اللوائح الأمنية يمنع عودتهم إلى مناطقهم، رغم رغبتهم الشديدة بذلك». وأكد أنه أعد «قاعدة بيانات لسائقي الشاحنات وغيرهم من النازحين لتسهيل عودتهم إلى مناطقهم» بعد حضور قائد عمليات الأنبار لمخيم النزوح وصدور كتاب من وزارة الهجرة لتسهيل عودة المقيمين في المخيم.
وكان وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد علي الأحد الماضي، أرسل كتاباً موجهاً إلى «مركز العمليات الوطني» المسؤول عن بيانات النازحين يناشدهم تسهيل عودة سكان مخيمي «الكيلو 18» و«الكيلو 60» إلى محافظات ديالى والأنبار وصلاح الدين ونينوى.
ويتحدر السائقون من مناطق البعاج والحضر غرب الأنبار التي ما زالت خاضعة لتنظيم داعش، كما يفيد النائب عن محافظة نينوى عبد الرحمن اللوزي الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «سكان تلك المناطق الشاسعة المفتوحة على صحراء الأنبار وسوريا، لم يكن أمامهم سوى الهروب باتجاه صحراء الأنبار للفرار من المعارك».
وأكد أن السائقين اتصلوا به وبنواب آخرين من محافظة نينوى للسماح بعبورهم إلى بغداد ومن ثم العودة إلى نينوى: «وبدوري اتصلت بقائد عمليات الأنبار وأخبرته بقصتهم، فتذرع بمسألة قاعدة البيانات، وقال بالحرف: إن سمحنا لهم بالمغادرة فستوقفهم السيطرات الأمنية الأخرى الموجودة على الطريق إلى بغداد، خصوصاً سيطرة النسور قرب الفلوجة».
وبرأي اللوزي، فإن سببين يعيقان مغادرة النازحين في المخيمين إلى مناطقهم، الأول غياب وسائل النقل، إذ لا تستطيع بعض العائلات المغادرة من دون أن توفر لها الدولة سيارات لنقلها، نتيجة لسوء أوضاعها المالية. والثاني البيانات الأمنية، إذ لا تسمح السلطات بمغادرة النازحين إلا بعد التأكد من عدم انتمائهم إلى «داعش». ومع ذلك، وحتى بوجود الموافقات الأمنية المطلوبة، فإن عودة النازحين تواجهها مشاكل معقدة أخرى، منها احتمال تهدم منازلهم نتيجة الحرب وفقدانهم لمصادر رزقهم، حتى أن عدداً غير قليل من النازحين في بغداد وغيرها من المحافظات، فضلوا عدم الرجوع إلى مناطقهم الأصلية، لأنهم أسسوا في مناطق النزوح أوضاعاً جيدة لهم ولعائلاتهم.
ويتوقع اللوزي حل مشكلة سائقي الشاحنات وبقية النازحين في الأنبار قريباً: «إذا ما عملت السلطات الأمنية المحلية والاتحادية بجد على عودتهم». وكانت وزارة الهجرة والمهجرين أعلنت أمس أن أعداد النازحين من محافظة نينوى وقضائي الحويجة في كركوك والشرقاط في صلاح الدين بلغت 526 ألفاً منذ بدء العمليات العسكرية لتحرير نينوى في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».