انخفاض الصفقات العقارية بالسعودية 41 % مع إصدار أولى فواتير «رسوم الأراضي»

عقاريون أكدوا أهمية الإجراءات الحكومية لخفض الأسعار بعد موجة الارتفاعات

تسجيل انخفاض كبير في الأسعار تزامناً مع بدء العمل برسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميس)
تسجيل انخفاض كبير في الأسعار تزامناً مع بدء العمل برسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميس)
TT

انخفاض الصفقات العقارية بالسعودية 41 % مع إصدار أولى فواتير «رسوم الأراضي»

تسجيل انخفاض كبير في الأسعار تزامناً مع بدء العمل برسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميس)
تسجيل انخفاض كبير في الأسعار تزامناً مع بدء العمل برسوم الأراضي البيضاء (تصوير: خالد الخميس)

سجّلت السوق العقارية السعودية انخفاضا قياسيا في إجمالي صفقاتها الأسبوعية بلغت نسبته 41 في المائة مع بداية شهر أبريل (نيسان) الحالي، مسجلة تداولات بـ850 مليون دولار، تزامناً مع إصدار أول فواتير رسوم الأرضي البيضاء.
وانخفض الطلب مجدداً على العقار خلال حركته الأسبوعية، مع توقع عقاريين بلورة شاملة للقطاع خلال الفترة المقبلة نتيجة للإجراءات الحكومية الهادفة إلى إحداث توازن في السوق عبر فرض رسوم على الأراضي البيضاء، والدفع لتطبيق برنامج «إيجار»، والدخول منافسا في طرح الوحدات السكنية غير الربحية عبر برنامج «سكني»، مما يرجح تحقيق انخفاض إضافي في الأسعار بعد عقد من الارتفاعات المتتالية.
وتعددت أسباب انخفاض الصفقات، إلا أن الرسوم وفواتيرها تسيطر على المشهد وعلى حال السوق، حيث يعد القرار الأكثر تأثيراً حتى الآن مدعوماً بعزوف عدد كبير من المواطنين عن الشراء نظراً للفجوة الكبيرة بين أسعار البائعين وقدرة المشترين، ومدعوماً بهبوط الطلب الذي يعد مؤثراً جداً في مسيرة العقار المحلي الذي لطالما عانى من الارتفاع في قيمته.
وأكد خالد الباز، الذي يدير شركة «محاورون» العقارية، لـ«الشرق الأوسط»، تسجيل انخفاض كبير في الأسعار استجابة للضغوطات التي يعيشها القطاع العقاري المحلي، خصوصاً أن السوق بدأت فعلياً دفع فواتير الرسوم، وهو القرار الذي من المتوقع أن يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي خلال الفترة الماضية، خصوصاً من جانب بعض المستثمرين الصغار الذي يحاولون التخلص مما لديهم، في ظل المشاريع الكبرى غير الربحية التي أعلنت عنها وزارة الإسكان، وعزمها تنفيذها بمعية المطورين العقاريين، ما عده بعض المستثمرين المسمار الأخير في نعش استثماراتهم التي أصبحت في مهب الريح نتيجة توقف عمليات البيع والشراء، وتأثير القرارات الحكومية الأخيرة لصالح انخفاض الطلب.
وأضاف الباز أن المستثمرين العقاريين سيعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات، خصوصاً مع الانخفاض الكبير في الطلب، في الوقت الذي تدفع فيه الحكومة بكل قوتها في مجال تملك المنازل، مبيناً أن المواطنين يتريثون في الشراء لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم، لافتاً إلى أن السوق بحاجة ماسة للأنظمة والمشاريع الحكومية لترغم الأسعار على الانخفاض.
ومع نهاية الأسبوع الرابع عشر من السنة، فقدت السوق العقارية السعودية 41 في المائة من إجمالي قيمة صفقاتها الأسبوعية، لتتراجع إلى مستويات متدنية لم تتجاوز 850 مليون دولار، كما انخفضت كل من الصفقات العقارية والعقارات المبيعة بنسبة 15.3 في المائة، وانخفضت الصفقات العقارية بنسبة 14.2 في المائة.
إلى ذلك، أكد راشد التميمي، المدير العام لشركة «مستقبل الإعمار العقارية القابضة»، أن ما أظهرته المؤشرات العقارية من انخفاض في إجمالي الصفقات العقارية يعكس الضغط المستمر على القطاع، الذي يحاول تصحيح سير أعماله، لافتاً إلى أن ذلك لم يقتصر على العقار السكني فحسب؛ بل تجاوزه ليشمل العقار التجاري الذي لم يتأثر بشكل كبير على هذا النحو منذ فترة طويلة، وهي بداية جديدة لتسجيل معدلات انخفاض يستفيد منها الميزان العقاري العام. وتابع أن «الانخفاض جاء بضغط من رغبة المستثمرين في السيولة لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة تمكّنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف، وهو ما ستشهده السوق إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تقييدية على المستثمرين، في ظل فرض قيود إضافية لتهذيب القطاع الذي كان غير منظم».
وأضاف التميمي أن السوق العقارية إذا استمرت على هذا المنوال، فإنها معرضّة للنزول بشكل أكبر لتكون أكثر ملاءمة لقدرة المشترين الذين توقفوا بشكل كبير عن الشراء نتيجة عجزهم عن مجاراة الأسعار التي وصلت حتى وقت قريب إلى مستويات قياسية من التضخم، معتبراً أن الواقع الجديد سيجبر العقاريين على التعاطي مع الحالة الجديدة، وهي الانخفاض الذي سيدفع بالسوق نحو تحقيق الأرباح عبر الاعتماد على كميات البيع الكبيرة بأرباح صغيرة، وليس العكس. وشمل الانخفاض الأسبوعي في قيمة الصفقات العقارية كلا من القطاعين السكني والتجاري، وجاءت نسبة الانخفاض الكبرى على حساب صفقات القطاع التجاري، التي سجلت انخفاضا قياسيا خلال الأسبوع بنسبة بلغت 70.7 في المائة، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 48.3 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند أدنى مستوى أسبوعي لها منذ منتصف يوليو (تموز) 2016.
وقال وليد الرويشد، الذي يمتلك كثيرا من الاستثمارات العقارية: «رغم أن الطلب يشهد ازديادا مطرداً وانعكاساً إيجابياً على الأسعار، فإن ذلك لم يشفع في تحريك المبيعات التي تتضاءل من وقت لآخر بانتظار أن تنزل لأكثر من ذلك لتتناغم مع قدرة المشترين الذين ينتظرون انخفاضات أكثر في القيمة، خصوصاً في ظل أداء السنوات الأخيرة التي أصبح القطاع فيها يتمتع بعرض كبير دون وجود طلب»، متوقعاً أن يشهد القطاع العقاري هذا العام مزيداً من الغربلة التي قد تغير الأسعار أو نسبة الإقبال أكثر مما هو حاصل الآن.
وأضاف الرويشد أن استصدار أولى فواتير رسوم مقررة على الأرضي البيضاء شكّل ضغطاً كبيراً على أداء السوق، «فهذه اللحظة ينتظرها الجميع بفارغ الصبر من مستهلكين ومستثمرين، ليروا ما ستفضي إليه الرسوم في قادم الأيام وانعكاسها على السوق، خصوصاً أن الجميع يعتقد أنها ستؤدي لانخفاض الأسعار بشكل أكبر».
وأشار إلى أن المشاريع التجارية باتت محدودة، عاداً أن الإعلان عن مشاريع جديدة بات الآن عملية متهورة في ظل انخفاض الطلب ونقص سيولة المشترين، وتشدد جهات التمويل، مشدداً على «أهمية إعادة هيكلة الأسعار لردم الفجوة بين قدرة المستهلك وعرض المطور، وهو الحل الوحيد لعودة القطاع العقاري للازدهار».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».