استطلاعات الرأي ترجح اقتراب اليمين المتطرف من رئاسة فرنسا

استطلاعات الرأي ترجح اقتراب اليمين المتطرف من رئاسة فرنسا
TT

استطلاعات الرأي ترجح اقتراب اليمين المتطرف من رئاسة فرنسا

استطلاعات الرأي ترجح اقتراب اليمين المتطرف من رئاسة فرنسا

يجمع المراقبون والمحللون السياسيون في فرنسا على أن الانتخابات الرئاسية التي تنطلق بجولتها الأولى بعد 11 يوما لا تشبه أيا من الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت منذ تأسيس الجمهورية الخامسة في عام 1958. فمن جهة، ووفق استطلاعات الرأي، فإن الحزبين الرئيسيين اللذين تناوبا على حكم البلاد منذ نحو ستين عاما سيكونان على الأرجح غائبين عن الجولة الثانية.
ويبدو اليمين المتطرف ممثلا في مرشحته مارين لوبان، التي تترأس الجبهة الوطنية، في وضع يؤهلها للحلول في المرتبة الأولى يوم الأحد 27 أبريل (نيسان) الحالي.
ومع صبيحة كل يوم، تتسمر أنظار الفرنسيين للتعرف على نتائج استطلاعات الرأي التي تتكاثر مع اقتراب استدعاء 47 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع. وآخر ما حفلت به هو إبرازها مارين لوبان في الموقع الأول وفق استطلاع أجرته مؤسسة إيفوب - فيدوسيال وبينت نتائجه أنها يمكن أن تحصل على (24 في المائة) من الأصوات متقدمة على ماكرون (23 في المائة). لكن ما يجمع المرشحين أن كليهما يخسر نقطتين قياسا بالاستطلاع السابق. وهذا الأمر في حد ذاته مصدر قلق خصوصا إذا استمر تراجع المرشحين المذكورين من جهة وتقدم ميلونشون من جهة أخرى مع نجاح فيون في المحافظة على مواقعه الانتخابية رغم الفضائح المرتبطة باسمه. ووفق الاستطلاع المذكور، فإن ميلونشون يمكن أن يحصل على 19 في المائة بحيث يكسب 7 نقاط قياسا بالاستطلاع السابق. أما فيون فإن شعبيته ما زالت على حالها وهو يبدو عاجزا عن كسر حاجز الـ18 في المائة الذي يقف عنده منذ أسابيع.
بيد أن المهم في رئاسيات فرنسا لا ينحصر فقط في الاستطلاعات بل يتناول كذلك تصرف الجسم الانتخابي. واللافت في هذا السياق أن ناخبا من أصل ثلاثة ينوي الامتناع عن التصويت وهذه نسبة مرتفعة للغاية مقارنة بما عرفته فرنسا في السنوات الماضية. ومن جانب آخر، فإن 41 في المائة من الناخبين يؤكدون أنهم لا يعرفون لمن سيقترعون. يضاف إلى ذلك أن نسبة لا بأس بها من الذين يعلنون أنهم اتخذوا قرارهم في اختيار مرشحهم المفضل لا يستبعدون أن يغيروا رأيهم يوم الانتخاب. وبسبب جميع هذه العوامل، يبدو التنبؤ بما ستأتي به نتائج الجولة الأولى صعبا للغاية ما يدفع إلى الحذر في التعاطي مع استطلاعات الرأي.
ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد. ووفق معلومات وصلت لـ«الشرق الأوسط» ولم تستطع التأكد من صحتها تماما، فإن استطلاعا أجرته المخابرات العامة الفرنسية «وهو غير مخصص للنشر» أفاد بأن لوبن وميلونشون هما من سيحتلان المرتبتين الأولى والثانية في الجولة الأولى وبالتالي سيتأهلان للدورة الثانية. وإذا صدقت هذه التوقعات، فإن فرنسا ستكون قد عرفت «ثورة ديمقراطية» بحيث إن مرشحي الأطراف هما من حل مكان المرشحين التقليديين. والأخطر من ذلك كله أن شيئا كهذا سيكون بمثابة الزلزال ليس فقط لفرنسا وإنما أيضا للاتحاد الأوروبي والعملة الموحدة وعلاقات فرنسا الدولية.
وهذه المرة الأولى في تاريخ الجمهورية الفرنسية التي يقترب فيها اليمين المتطرف من مقاعد السلطة متخطيا بذلك الحزبين «التقليديين» وأولهما حزب «الجمهوريون» «اليمني الكلاسيكي مع بعض مجموعات الوسط» والحزب الاشتراكي «مع الراديكاليين ويسار الوسط». ومن جهة ثالثة، تعرف فرنسا ظاهرة المرشح إيمانويل ماكرون الذي ينافس لوبان على المركز الأول. وماكرون، وزير الاقتصاد السابق ومستشار الرئيس هولاند، جديد على عالم الانتخابات وهو الأصغر عمرا إذ هي في سن التاسعة والثلاثين. كذلك، فإن ماكرون ليس لديه حزب يقف وراءه بل إنه أسس الصيف الماضي حركة سياسية سماها «إلى الأمام». وأخيرا، فإن «فلتة الشوط» في الانتخابات الراهنة هو المرشح جان لوك ميلونشون، مرشح اليسار المتشدد الذي فرض نفسه على نادي المسترئسين وانضم إلى لوبان وماكرون وفيون مرشح «الجمهوريون» ليكون المرشح الرابع.
حقيقة الأمر أن رئاسيات فرنسا لا تهم الفرنسيين فقط لأن وصول لوبان إلى الرئاسة سيعني السعي لخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي ولاحقا من العملة الموحدة، بينما يريد ميلونشون أن يعيد النظر في الاتفاقيات والمعاهدات الأوروبية ويريد إخراج فرنسا من الحلف الأطلسي كما أنه يصر على دفن الجهورية الخامسة وتأسيس الجمهورية السادسة غير واضحة المعالم. ومنذ أشهر، يراقب الأوروبيون عن كثب تحولات الرأي العام الفرنسي، وبورصة باريس ومعها البورصات الأوروبية لا تخفي قلقها من وصول أحد هذين المرشحين إلى قصر الإليزيه. ومنذ الآن، أخذت كلفة الديون الفرنسية في الارتفاع، فيما يتساءل الفرنسيون عن نتائج التخلي عن اليورو ويتساءل الأوروبيون عن مصير الاتحاد الأوروبي لأن خروج فرنسا منه يعني خروج إحدى الدعامتين الرئيسيتين اللتين نهض بناؤه عليهما.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.