«فتح» ترضخ لضغوط في «عين الحلوة»... وبلال بدر بحماية تنظيم إرهابي

معلومات عن فرار العناصر من «الطيري» إلى حي «عرب الزبيد» داخل المخيم

أحد عناصر {فتح} في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان (أ.ب)
أحد عناصر {فتح} في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان (أ.ب)
TT

«فتح» ترضخ لضغوط في «عين الحلوة»... وبلال بدر بحماية تنظيم إرهابي

أحد عناصر {فتح} في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان (أ.ب)
أحد عناصر {فتح} في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان (أ.ب)

رضخت حركة «فتح» لضغوط كبيرة تعرضت لها في الساعات الماضية من معظم الفصائل الفلسطينية ومن جهات لبنانية، لوقف المعركة بوجه عناصر مجموعة «بلال بدر» المتشددة داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان، والسير بتسوية تقضي بتفكيك مربعه الأمني في حي الطيري مقابل هروبه وما تبقى من مجموعته إلى حي آخر لينضم بذلك إلى عشرات المطلوبين المتشددين الذين يحتمون في المخيم غير الخاضع لسلطة الدولة اللبنانية.
وتوقفت الاشتباكات فجر يوم أمس بعد ورود معلومات عن مغادرة بدر ومجموعته الحي الذي كانوا يتحصنون به ويمنعون عناصر القوة الأمنية المشتركة من الانتشار فيه، إلا أن تبادل إطلاق النار والتوتر الأمني ظلّ قائما طوال ساعات النهار بالتزامن مع سلسلة اجتماعات عقدتها القيادة السياسية والأمنية للفصائل لترتيب مسألة دخول القوة المشتركة إلى حي الطيري. ولعل أبرز الاجتماعات التي عقدت يوم أمس كان اجتماع القيادة السياسية الفلسطينية الموحدة في صيدا، والذي تقرر خلاله انتشار القوة المشتركة الفلسطينية في كامل حي الطيري على أن تتموضع فيه استنادا للحاجة والضرورة وبصلاحيات كاملة من القيادة السياسية، تفكيك حالة مجموعة بلال بدر بشكل كامل ونهائي من خلال اعتباره مطاردا ومطلوبا ويتوجب تسليمه للعدالة والدولة اللبنانية. وكشفت مصادر في حركة «فتح» أن التسوية التي وضعت حدا للاشتباكات «لم تُرض الحركة وتركت امتعاضا كبيرا في صفوفها، إلا أنها جاءت بعد ضغوط كبيرة تعرضت لها القيادة السياسية من جهات فلسطينية ولبنانية على حد سواء، لاعتبارها أن المعركة طالت وتركت آثارا كبيرة على مدينة صيدا والمدنيين والتجار هناك».
واعتبرت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّه «طوال أيام المعارك التي اندلعت مساء الجمعة، كانت القوى الإسلامية ومعها حركة (حماس) منحازة لطرف بلال بدر ولم يكونوا شركاء جديين لفتح في الجهود التي بذلتها لإنهاء حالته». وأضافت المصادر: «هم كانوا منذ اليوم الأول يسعون لبلورة مبادرات لوقف إطلاق النار من دون إلقاء القبض على بدر». وأوضحت المصادر أن «حركة فتح أصرّت في المفاوضات الأخيرة على عدم إيراد بند يتحدث عن وقف إطلاق النار في المقررات الأخيرة باعتبار أنه لا يمكن للحركة أن تنصاع لعصابة مسلحة وهي ستواصل البحث عنه بإطار القوة المشتركة لتوقيفه وتسليمه للسلطات اللبنانية».
وكشفت معلومات وصلت لـ«الشرق الأوسط» من داخل مخيم عين الحلوة أن بدر بات بحماية أمير تنظيم «فتح الإسلام» الإرهابي أسامة الشهابي ومن المرجح أن يكون موجودا في مربعه الأمني الواقع في حي عرب الزبيد في منطقة النبعة. وكان الشهابي أكّد بوقت سابق خلال المعارك أنه لن يتخلى عن بدر «ولو كان الثمن باهظاً»، كما نُقل عنه أن «أي تدخل للجيش اللبناني فيما يدور في مخيم عين الحلوة، أو أي اعتداء على حي الصفصاف من قبله سيدفعه الثمن وستنتقل المعركة إلى شوارع صيدا ولن يتوانى عن قطع رؤوس العسكريين اللبنانيين الذين سيقعون بقبضته».
وكان بدر الثلاثيني، وقبل اندلاع المعركة معه يوم الجمعة، يتزعم مجموعة تضم عناصر متطرفة لا يتخطى عددها الـ40. وهو متهم بتنفيذ أكثر من عملية اغتيال طالت قيادات وعناصر من حركة «فتح» في «عين الحلوة». وتعتبر مصادر فلسطينية داخل المخيم أن «توصيف هذه المجموعة بـ(المتشددة إسلاميا) غير دقيق، باعتبارها معروفة تماما كمجموعة مأجورة تنفذ مخططات أي جهة تدفع لها الأموال، فهي تنفذ أحيانا أجندة (داعش) وأحيانا جبهة النصرة كما مخططات لأجهزة مخابرات متنوعة».
وفي «عين الحلوة» أكثر من مربع أمني خاضع لقوى متطرفة، فإلى جانب حي عرب الزبيد الذي تمسك به «فتح الإسلام»، هناك حي الصفصاف الخاضع لـ«عصبة الأنصار»، فيما حي الطوارئ خاضع للعصبة و«جند الشام». كذلك حي حطين يخضع ليوسف شبايطة وزياد أبو النعاج المحسوبين على جماعة نعيم عباس الإرهابي الموقوف لدى القضاء اللبناني. ورجّحت مصادر فلسطينية أن يكون شادي المولوي المطلوب إلى الدولة اللبنانية بتهمة قتال الجيش في مدينة طرابلس شمال البلاد مختبئا فيه.
وقد سارع الناطق باسم عصبة الأنصار أبو الشريف عقل يوم أمس للتأكيد على أن بلال بدر ليس موجوداً لدى العصبة التي بذلت جهودا كبيرة في اليومين الماضيين لوقف الاشتباكات من خلال تقديم أكثر من مبادرة لم تكن تتضمن تسليم بدر.
من جهته، أكّد أمين سر الساحة اللبنانية في حركة فتح وفصائل منظمة التحرير فتحي أبو العردات أنه ليس هناك وقف لإطلاق النار في «عين الحلوة»، مؤكدا أن ذلك غير ممكن ونحن نتعاطى مع «عصابة اعتدت على القوة المشتركة وتعمل على تعطيل عملها... لذلك سنعمل على ملاحقة بدر وتسليمه».
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بتوقف الاشتباكات في المخيم عند الساعة الثانية من فجر، يوم أمس، بعد سقوط المربع الأمني لبلال بدر وانتشار القوة المشتركة في كامل حي الطيري، إلا أن مصادر في «فتح» نفت لـ«الشرق الأوسط» إتمام الانتشار حتى ساعة متأخرة من بعد الظهر، مرجحة أن يتم ذلك مساء. وأضافت: «عناصرنا انسحبوا من المواقع التي تقدموا إليها في الحي خلال المعارك، إلا أن بعض عناصر مجموعة بدر ما زالوا موجودين فيه على أن يخرجوا فور دخول القوة المشتركة».
ومع ساعات الصباح، تكشفت أضرار جسيمة ألحقتها هذه الاشتباكات في البيوت والمحال والسيارات في المخيم وخصوصا في «الشارع الفوقاني» الذي تحول إلى «ساحة حرب حقيقية»، وفق تعبير الوكالة الوطنية، وسط نزوح لعدد كبير من الأهالي من منازلهم. كذلك انعكست الأحداث شللا على مرافق الحياة كافة في مدينة صيدا، حيث أقفلت المدارس والمعاهد والجامعات أبوابها تحسبًا، وتأثرت الحركة سلبا في سوق صيدا التجاري.
وفي وقت لاحق، نوهت النائب في تيار «المستقبل» بهية الحريري بـ«الإجماع الفلسطيني الذي تجلى باتفاق القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية على إعادة الهدوء والاستقرار إلى مخيم عين الحلوة بعد إنهاء إحدى الحالات الأمنية الخارجة عن هذا الإجماع والمسيئة لأمن واستقرار المخيم وصيدا». ودعت الحريري القوى الفلسطينية لـ«التسريع بعملية تثبيت الهدوء في المخيم من أجل عودة سريعة وآمنة للنازحين إلى بيوتهم والعمل على التخفيف من معاناتهم جراء الأحداث التي عصفت بمخيمهم».
قضائيا، ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، يوم أمس، على ثمانية عشر شخصا معظمهم من اللبنانيين، بينهم أحد عشر شخصا، في جرم الانتماء إلى تنظيم داعش، والإقدام بتحريض من شادي المولوي على تصنيع عبوات ومتفجرات ومراقبة مراكز للجيش والمراكز الأمنية، وتمت إحالتهم على قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».