هجوم بالقنابل على مقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية

«عصائب أهل الحق» نفت صلتها بالاعتداء الذي جاء بعد هتافات ضد زعيمها

مليشيا تهاجم بالقنابل مقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية
مليشيا تهاجم بالقنابل مقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية
TT

هجوم بالقنابل على مقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية

مليشيا تهاجم بالقنابل مقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية
مليشيا تهاجم بالقنابل مقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية

تظهر صورة تداولها نشطاء ومدونون عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، صورة الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين معلقة على جدار غرفة، وتظهر أيضا صورة الناشط الشيوعي العراقي سلام عادل (مات في السجن عام 1963) يعلوها الغبار ومرمية على أريكة في غرفة مدمرة نتيجة هجوم بقنبلتين يدويتين شنه مسلحون على مقر الحزب الشيوعي في الديوانية، مركز محافظة القادسية (180 كلم جنوب بغداد)، فجر أمس. وفي الوقت الذي نفت فيه «عصائب الحق» صلتها بالحادث، عبر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي عن قلقه من مآل الأمور بعد الانتصار على «داعش» ودحره، في إشارة إلى تنامي الجماعات المسلحة والخشية من عدم حلها بعد انتهاء الحرب على «داعش». وبرغم نفي «عصائب أهل الحق» مسؤوليتها عن حادث الهجوم، فإن كثيرين وجهوا أصابع الاتهام إليهم، باعتبار ما حدث لزعيم العصائب الشيخ قيس الخزعلي في جامعة القادسية أول من أمس، حيث ردد طلاب غاضبون شعار «إيران... بره... بره»، احتجاجا على زيارته للجامعة أو إلقائه خطبة فيها.
وعقب هتاف الطلبة قال زعيم «عصائب الحق» الشيخ قيس الخزعلي، إنه حضر بناء على دعوة وجهتها له جامعة القادسية، وأكد حق الناس في التظاهر ضمن «السياقات الأخلاقية والقانونية المعروفة التي تتناسب مع الحرم الجامعي»، مشددا على عدم السماح بأي «انشقاق وإضعاف للوضع الداخلي، لأن المساحة الوحيدة التي يمكن أن يستغلها عدونا». وخاطب الطلبة المتظاهرين قائلا: «أربأ بهذه الفئة المثقفة أن تكون من حيث تشعر أو لا تشعر أداة بيد من يريد الضرر لبلدنا».
الاعتداء على المقر الشيوعي دفع لجنة الحزب المحلية في الديوانية إلى «استنكار العمل الإجرامي الجبان ودانته بشدة» عبر بيان صادر عنها. ويقول البيان إن «عناصر خارجة عن القانون» ألقت قنبلتين يدويتين على مقر اللجنة المحلية، وأدى «الاعتداء الغادر إلى إلحاق أضرار مادية فقط بالمقر ومحتوياته»، ولم يتهم البيان أي جهة بالوقوف وراء الحادث. واتهم ناشطون ومتعاطفون مع الطلبة حمايات الخزعلي بـ«انتهاك الحرم الجامعي» وإصابة أحد الطلبة بعد تعرضه لضرب من أفراد الحماية. لكن قائد شرطة الديوانية، العميد فرقد العيساوي، نفى في تصريحات «وقوع إصابات في صفوف الطلاب». مشيرا إلى «استقرار الأوضاع الأمنية في الديوانية».
واشتهرت أهزوجة «إيران بره بره» حين اقتحم المتظاهرون وأغلبهم من التيار الصدري مقر مجلس النواب العراقي العام الماضي للمطالبة بالإصلاح ومكافحة الفساد، واستهدف المتظاهرون إيران بالهتاف لاعتقادهم أنها تغطي على القوى الشيعية الفاسدة داخل البرلمان، إلى جانب دعمها لقوى مسلحة خارجه، ومنها «عصائب أهل الحق» الذي تكررت الأهزوجة ذاتها مع زعيمها، باعتبار علاقاته الوثيقة بإيران. على أن الصدريين ينفون جملة وتفصيلا صلتهم بما حدث في جامعة القادسية.
واعتبر عضو المكتب السياسي لـ«عصائب أهل الحق»، ليث العذاري، ما صدر عن بعض الطلبة «تصرفات صبيانية لا تستحق الرد». ولم يتهم أي جهة في الوقوف وراء الحادث، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يقال إن أحد الطلبة المشتركين في الهتاف نجل أحد أعضاء الحزب الشيوعي في الديوانية». وبرأيه، فإن ما حدث «محاولة للتصيد في الماء العكر»، ونفى وقوف «عصائب الحق» وراء استهداف مقر الحزب الشيوعي، معتبرا أنه «ليس من الذكاء أو المنطق أن تقوم العصائب بهذا الفعل».
وفي وقت متأخر أمس، أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي بيانا اعتبر فيه الهجوم على مقر الحزب في الديوانية «عدوانا صارخا» على جميع الكيانات وقانون الأحزاب السياسية والحريات الديمقراطية والحياة الدستورية وحقوق الإنسان والمجتمع الأساسية. وقال البيان إن حرم جامعة القادسية «شهد أمس إشهاراً سافراً للسلاح وإطلاقاً للرصاص في الهواء واعتداءً بالضرب المبرح على بعض الطلبة، الذين قيل إنهم أطلقوا هتافات غير مناسبة أثناء فعالية سياسية في الجامعة»، مضيفا: «عمد البعض إلى إقحام اسم الحزب الشيوعي العراقي في الأمر، لغاية سرعان ما انكشفت، عندما جرت ملاحقة عدد من الناشطين المدنيين، بينهم شيوعيون، ومحاولة حملهم على (الاعتراف) بما لم يقوموا به ولم يفعلوه!».
وعبر بيان الحزب الشيوعي عن قلقه من «مآل الأمور بعد الانتصار على (داعش) ودحره، ويمكن أن تستغله قوى تستهدف التخريب وإثارة الفتنة وإعاقة رجوع الحياة الطبيعية إلى ربوع بلدنا وإرساء أمنه واستقراره»، مشددا على ضرورة «حصر السلاح بيد الدولة، ووجوب تطبيق ذلك حقاً وفعلاً، وأن ما حصل يستحق الإدانة الواسعة من قبل الدولة ومؤسساتها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.