اقتحامات واعتقالات في الأقصى والحكومة الفلسطينية تدعو إلى «شد الرحال»

فتح تقول إن الحرب الإسرائيلية على القدس «حرب عقائدية»

المسجد الأقصى
المسجد الأقصى
TT

اقتحامات واعتقالات في الأقصى والحكومة الفلسطينية تدعو إلى «شد الرحال»

المسجد الأقصى
المسجد الأقصى

جددت قوات الاحتلال الإسرائيلية والمستوطنون أمس، اقتحامهم للمسجد الأقصى، في أول أيام عيد «الفصح اليهودي»، واتسمت الاقتحامات بالكثير من العنف الذي رافقه اعتقالات وتخريب.
وقال الشيخ عمر الكسواني، مدير المسجد الأقصى، إن المستوطنين اقتحموا الأقصى عبر باب المغاربة على شكل مجموعات متتالية، وكانوا تحت الحراسات الإسرائيلية المشددة، وقد أجروا جولات استفزازية في المكان.
وأضاف: «هذه الاعتقالات جاءت بعد تنفيذ قوات الاحتلال اقتحامات سابقة، جرى خلالها أعمال تمشيط داخل المسجد وفي الأحراش والمخازن، وانتهت باعتقال أحد المصلين».
وكان المستوطنون كثفوا منذ أيام، من اقتحامهم للمسجد الأقصى، مع بدء الاحتفالات في إسرائيل بالأعياد، وحاولوا «ذبح قرابين» داخل ساحات المسجد، في تحد كبير لمشاعر المسلمين الذي منعوا، غالبا، من دخول المسجد.
واعتقلت الشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة 8 مستوطنين كانوا يهمون بذبح القرابين.
وتأتي الاقتحامات بدعوة من منظمات «جبل الهيكل» المتطرفة، التي طالبت المستوطنين بالاحتفال في الأعياد داخل ساحات المسجد. ورد مسؤولون ورجال دين وفصائل، بدعوة الفلسطينيين من أجل النفير للأقصى لحمايته من الاقتحامات. لكن إسرائيل أغلقت الضفة الغربية وحولت القدس إلى ثكنة عسكرية، ونصبت المزيد من المتاريس والحواجز على بوابات المسجد، ومنعت الشبان من دخوله، واعتقلت الكثير منهم.
وحذرت الحكومة الفلسطينية، أمس، من مخاطر وتداعيات «دعوات منظمات يهودية متطرفة لاقتحامات واسعة لباحات المسجد الأقصى المبارك، مع حلول عيد الفصح العبري»، وكذلك «المشاركة في فعاليات تمرين ذبح قرابين الفصح في منطقة القصور الأموية جنوب المسجد الأقصى».
ونددت الحكومة «بسياسة التحريض الإسرائيلية التي تدعو المستوطنين والمتطرفين لاقتحامات واسعة وغير مسبوقة، في الوقت نفسه الذي تمارس فيه سياسة التضييق العنصرية على المصلين والمرابطين من النساء والرجال، إضافة إلى منعهم من الوصول إلى المسجد الأقصى والصلاة فيه».
ودعت الحكومة الفلسطينيين، وكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى، إلى «شد الرحال إليه، للصلاة فيه والمرابطة في باحاته والتصدي لاقتحامات المستوطنين».
وفي شأن متصل، حذرت حركة فتح من الخطر الذي يحدق بالبيوت والمباني التاريخية والمقدسات الإسلامية والمسيحية في البلدة القديمة، «نتيجة استمرار الحفريات أسفل البلدة على قدم وساق، الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية قد تنهار بها معالم البلدة أجمع».
كما حملت فتح، حكومة الاحتلال، المسؤولية الكاملة عن تبعيات ما ينتج من هذه الممارسات، التي «تجاوزت كل الحدود، في استفزاز لمشاعر المسلمين على مستوى العالم أجمع، وخاصة بعدما نشرت دعوات عنصرية وتحريضية دعا لها الحاخامات والجمعيات الاستيطانية للمشاركة في أوسع اقتحامات للمسجد الأقصى المبارك تزامنا مع ما يسمى (عيد البيسح/الفصح)، حيث يتعمد المستوطنون تقديم (القرابين) كشعائر توراتية خاصة بهم، على بوابات المسجد الأقصى بصورة استفزازية، وذلك من خلال تسهيلات تقدمها أذرع الاحتلال التي باشرت بحملة اعتقالات واسعة وإبعاد عن المسجد الأقصى ومدينة القدس».
وقال أمين سر حركة فتح في القدس، وعضو المجلس الثوري، عدنان غيث، «إن هذه الحرب المفتوحة على مصراعيها من قبل حكومة التطرف، هي حرب عقائدية أكثر منها سياسية، فهي تمارس سياسة الأبرتهايد يوميا ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل». وأضاف غيث: «إن صمت العالم أمام توالي الحروب التي عاشتها القدس، أعطى الضوء الأخضر لحكومات الاحتلال المتعاقبة وعلى رأسها حكومة اليمين المتطرفة وأذرعها التنفيذية والجمعيات الاستيطانية، لتنفيذ مخططاتها التهويدية الاستيطانية في المدينة وتمريرها، في ضرب صارخ لكافة المعاهدات والمواثيق الدولية من جهة، واستفزاز وامتهان لمشاعر العرب والمسلمين من جهة أخرى».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.