إسماعيل هنية: مخطط سياسي خلف قضية الرواتب

دعوات للتظاهر أمام مقرات الحكومة... والسلطة تتجاهل

إسماعيل هنية: مخطط سياسي خلف قضية الرواتب
TT

إسماعيل هنية: مخطط سياسي خلف قضية الرواتب

إسماعيل هنية: مخطط سياسي خلف قضية الرواتب

اتهمت حماس، السلطة الفلسطينية بتنفيذ مشاريع لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، ضمن اتفاق دولي يجري الإعداد له سرا لتشديد الخناق عليه.
وحذر إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أمس، من البعد السياسي لأزمة رواتب الموظفين، من خلال مخطط وسيناريو سياسي يجري إعداده بغطاء دولي، لتعزيز الانقسام بين الفلسطينيين وفصل القطاع عن الضفة الغربية.
وقال هنية خلال افتتاحه مسجد مدينة حمد السكنية في خان يونس، إن حركته تقف إلى جانب الموظفين وتدعمهم في حصولهم على حقوقهم كاملة، داعيا إلى إنهاء القضية التي وصفها بـ«الخطيرة سياسيا وأخلاقيا»، والعمل، أيضا، على إيجاد حل واضح وصريح لأزمة موظفي قطاع غزة، الذين تم توظيفهم بعد عام 2007، بعد سيطرة حماس على القطاع.
وأشار إلى أن حركته لا تريد تسجيل مواقف سياسية ضد أي جهة، من خلال دعمها لحقوق الموظفين التابعين للسلطة، مبينا أن حركته تقف إلى جانبهم لاعتبارات إنسانية وأخلاقية، ومنعا لأي خطوة سياسية في إطار ما يجري بالغرف المغلقة دوليا بشأن القضية الفلسطينية.
وأضاف هنية: «نخشى ونحذر من سيناريو سياسي بغطاء دولي، في إطار الصفقات التي يجري الحديث عنها في الغرف المغلقة، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية». وأشار إلى أن قضية الخصومات على الرواتب تتعدى الراتب لتصل إلى أهداف أخرى، منها محاولة الفصل بين الضفة وغزة.
وتابع: «إلى الذين يطالبوننا بإنهاء الانقسام نقول لهم، لا تتخذوا قرارات لتعزيز الانقسام. ونقول لهم، لا تتخذوا قرارات للفصل الاجتماعي والإنساني والعاطفي والوطني بين أبناء الشعب والوطن الواحد».
وواصل: «لا يجوز ولا يصح ولا يحق لأي كان أن يمس قوت الأطفال والعوائل والمواطنين».
وتأتي تصريحات هنية وسط دعوات جديدة أطلقتها خمسة فصائل تنضوي تحت لواء منظمة التحرير، عدا حركة فتح، للاحتشاد مجددا أمام مقر مجلس الوزراء غرب مدينة غزة اليوم، وأمام مقر الحكومة في رام الله كذلك، للتعبير عن رفضها للإجراءات المتخذة من قبل الحكومة بحسم 30 في المائة من رواتب الموظفين العسكريين والمدنيين التابعين للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة.
وكانت المظاهرات التي خرج بها الموظفون ضد قرار حسم 30 في المائة من رواتبهم، قد تراجعت في اليومين الماضيين، بعد تجاهل السلطة الفلسطينية لمطالبهم.
وعول كثير من الموظفين في غزة، على اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح برام الله، الذي جرى في الثامن من الشهر الجاري، إلا أن البيان الختامي للمركزية، تجاهل قضية الرواتب واكتفى بالإشارة إلى رفضها للخطوات الأخيرة التي اتخذتها حماس في غزة، من خلال تشكيل لجنة إدارية عليا لإدارة القطاع. وأعلنت عن تشكيل لجنة للاتصال والبحث مع حركة حماس للتوصل إلى تصورات واضحة وحلول نهائية بشأن الانقسام، وبشكل سريع، بما لا يتجاوز الـ25 من الشهر الحالي.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إنه على الرغم من مرور أيام على قرار اللجنة المركزية، لم تجر أي اتصالات مع حماس لتنسيق أي لقاءات بهذا الصدد.
ويريد الرئيس الفلسطيني من حماس تسليم غزة إلى الحكومة الفلسطينية، من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية تحكم الضفة والقطاع.
وتقول السلطة إنها لن تسمح لحماس بفصل غزة عن الضفة.
وكان الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، قال إن عملية حسم الرواتب في غزة، «نصت عليها أجندة السياسات الوطنية في أمر معالجة الصعوبات المالية». مضيفا: «إن الحكومة أوضحت أن استمرار الانقسام والإجراءات التي اتخذتها حكومة الأمر الواقع في المحافظات الجنوبية، بما فيها التمرد على المحكمة الدستورية وتفعيل اللجنة الإدارية التي بدأت تعمل كحكومة موازية، ومواصلة حركة حماس جباية الإيرادات والاستيلاء عليها وعدم إعادتها إلى الخزينة، قد أثر بشكل سلبي على الوضع المالي وفاقم الأزمة المالية إلى هذا الحد الذي وصلنا إليه، خاصة أن كل ذلك يجري تحت الحصار والاحتلال الإسرائيلي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».