المعارك على تخوم صنعاء... وعشرات القتلى في صفوف الانقلابيين

المتحدث باسم الجيش: الحسم العسكري الطريق الأسرع لاستعادة الشرعية

قوات موالية للشرعية تراقب الوضع في تعز خلال زيارة وفد من الأمم المتحدة إلى المدينة أول من أمس (رويترز)
قوات موالية للشرعية تراقب الوضع في تعز خلال زيارة وفد من الأمم المتحدة إلى المدينة أول من أمس (رويترز)
TT

المعارك على تخوم صنعاء... وعشرات القتلى في صفوف الانقلابيين

قوات موالية للشرعية تراقب الوضع في تعز خلال زيارة وفد من الأمم المتحدة إلى المدينة أول من أمس (رويترز)
قوات موالية للشرعية تراقب الوضع في تعز خلال زيارة وفد من الأمم المتحدة إلى المدينة أول من أمس (رويترز)

اشتدت وتيرة المعارك والقصف المدفعي المتبادل في الجبهات الميدانية بشبوة وشرق صنعاء، في وقت تكبدت فيه ميليشيات الحوثي وصالح خسائر في العتاد والأرواح. وقالت مصادر عسكرية يمنية، فضل عدم الإشارة إليها، لـ«الشرق الأوسط» إن معارك هي الأعنف منذ أسابيع، شهدتها مناطق الحول والعقران شمال جبهة نهم (40 كيلومتراً شرق صنعاء)، خلال الـ24 الساعة الماضية، عقب هجمات للميليشيات على مواقع قوات الجيش الوطني المسنودة بمقاومة شعبية.
وتمكنت قوات الجيش من صد تلك الهجمات وأجبرت الميليشيات على التراجع بعد أن كبدتها 7 قتلى في منطقة الحول و9 في العقران، بالإضافة إلى أسر وإصابة آخرين. وبالتوازي مع المعارك ميدانياً، استهدفت مقاتلات التحالف العربي تعزيزات عسكرية وآليات عسكرية للميليشيات في الجبهة ذاتها، وفقاً لما قالته المصادر، التي تحدثت عن تدمير الغارات الجوية آليات وعربات عسكرية في وادي المحلي، فيما استهدفت غارات أخرى تجمعات عسكرية بالقرب من المنطقة. وقال سكان محليون في أحياء متفرقة بصنعاء إنهم سمعوا سلسلة انفجارات الليلة قبل الماضية، الأمر الذي يؤكد اقتراب المعارك من تخوم المدينة المكتظة بالسكان.
كذلك، تمكنت قوات الجيش من استعادة سيطرتها على أحد المواقع الاستراتيجية شمال شرقي مديرية بيحان بمحافظة شبوة. وقال مصدر ميداني إن معارك ضارية اندلعت في منطقة قرن الثعلب في الصفراء، وتمكنت قوات الجيش من استعادة سيطرتها على المنطقة، فيما استخدمت في المعارك مختلف أنواع الأسلحة. وفي هذه الأثناء، يتواصل القصف المدفعي المتبادل بين قوات اللواء 19 من جهة والميليشيات من جهة ثانية في عسيلان المجاورة، مع استمرار المعارك في منطقة طوال السادة بالمديرية. ويدور القصف في مناطق حيد بن عقيل والهجر وطوال السادة ومحكمة عسيلان ومناطق أخرى قريبة منها.
وفي جبهة المخا، غرب محافظة تعز، سقط 9 قتلى و23 جريحاً من الميليشيات جراء غارات للتحالف العربي التي استهدفت تعزيزات لهم شمال وشرق المخا بما فيها مدرعتان ومصفحة بي إم بي و4 أطقم عسكرية. وفي محافظة الجوف، قتل 13 عنصراً من الميليشيات في كمين للجيش الوطني في مديرية المتون، إضافة إلى سقوط جرحى، ومقتل 10 آخرين جراء غارات التحالف العربي التي استهدفت تعزيزات للميليشيات.
ويأتي ذلك في الوقت الذي اعتقل فيه مشرف الميليشيات في مديرية المصلوب بالجوف، أول من أمس، عدداً من قيادات الميليشيات، بينهم قائد جبهة السداح المدعو حمد ذيلان، وقيادياً آخر يدعى يحيى جرول، مما يؤكد حدوث انشقاقات بين صفوف الميليشيات وانضمامهم إلى صفوف قوات الجيش الوطني في مديرية المصلوب، حسبما أكدت مصادر عسكرية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني العميد الركن عبده عبد الله مجلي لـ«الشرق الأوسط»، إن «أعداداً كثيرة من الميليشيات قتلت خلال اليومين الماضيين في جبهات القتال المختلفة مع قوات الجيش الوطني وغارات طيران التحالف العربي الدقيقة والمباشرة، إضافة إلى تدمير تعزيزات ومعدات وأسلحة تتبع هذه الميليشيات». وأضاف العميد الذي يشغل أيضاً منصب مستشار رئيس هيئة الأركان العامة، أن «قوات الجيش الوطني حققت وما زالت تحقق تقدماً كبيراً في مختلف الجبهات بما فيها جبهة تعز الغربية والشرقية، وتقدمت في تبة القارع التي تمت السيطرة عليها والسيطرة النارية على أجزاء من شارع الخمسين. وحققت تقدماً جديداً في الكدحة بالقرب من منفذ غراب مع الحفاظ على المواقع التي تمت السيطرة عليها، بينما تستميت الميليشيات في استعادة هذه المواقع ودفعت بعناصرها للمواجهات».
وجدد العميد مجلي تأكيده لـ«الشرق الأوسط» أن «الحسم العسكري هو الطريق الأسلم والأسرع والآمن لاستعادة الشرعية وتحرير اليمن من الانقلابيين، وتجنب سقوط مزيد من القتلى في صفوف المدنيين ومزيد من التدمير لليمن، إضافة إلى استكمال الترتيبات العسكرية وأصبحت قوات الجيش الوطني في حالة استعداد كامل للتقدم صوب محافظة الحديدة ومينائها الاستراتيجي بعدما أصبحت على تخوم هذه المحافظة، إذ إنه وباستعادة الميناء إلى قوات الشرعية ستصبح الميليشيات مخنوقة في كل الجبهات، وما سيكون أمامها إلا الاستسلام».
وفي الوقت الذي أصبح فيه المواطنون اليمنيون في المحافظات الخاضعة لسيطرة الميليشيات يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة جراء استمرار الميليشيات الحصار على المدن وفرض الجبايات والإتاوات ورسوم جمركية إضافية على المواد الغذائية المقبلة عبر مينائي الحديدة وعدن والموانئ البرية، زادت معاناة المواطن اليمني الذي يعاني من عدم تسلم رواتبه منذ 6 أشهر بسبب ما قابل هذه الرسوم الجديدة من ارتفاع في الأسعار. وتعليقاً على ذلك، قال مجلي لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات تريد تجويع الشعب اليمني وجعله يعاني مجاعة حقيقية من خلال ما تقوم به وحصارها العسكري، وبمثل ذلك عدنا إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، مما يثبت جلياً أن هذه الميليشيات تريد إعادة الشعب اليمني إلى ما قبل الثورة وفترة (الفقر والجوع والمرض)». وذكر أن «الميليشيات تستمر في نهب المساعدات التي تصل إلى ميناء الحديدة وتقودها إلى عناصرها في جميع الجبهات القتالية، إضافة إلى أخذ رواتب الموظفين ومصادرة أموال المؤسسات الحكومية والبنك المركزي والبريد، وأخذ المبالغ من المؤسسات المدنية عبر مشرفيهم وفرض جبايات الضرائب بالقوة والقضاء على جميع الجمعيات الخيرية التي كانت قائمة وإجبار المواطنين من التبرع لهم مع منعهم في العاصمة صنعاء والمناطق المسيطرة عليها من المطالبة برواتبهم أو التظاهر ضدهم، ومن يطالب بأي مستحق له، إما يتم قتله أو خطفه أو قتله أو اعتقاله».
ويأتي ذلك في الوقت الذي أحبطت فيه قوات الجيش الوطني في الكدحة بتعز محاولة تسلل للميليشيات إلى جبل القرون أعلى الرحبة وأجبرتها على الانسحاب إلى منطقة درخاف، ومحاولات أخرى للتسلل إلى مفرق الشراجة في الوازعية، غرب تعز.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.