الحكومة المصرية تقر «حالة الطوارئ» رسمياً والبرلمان «يمررها» اليوم

الآلاف شيعوا ضحايا التفجيرين

أقارب الضحايا أثناء تشييع الجثامين من دير مار مينا في الإسكندرية أمس (رويترز)
أقارب الضحايا أثناء تشييع الجثامين من دير مار مينا في الإسكندرية أمس (رويترز)
TT

الحكومة المصرية تقر «حالة الطوارئ» رسمياً والبرلمان «يمررها» اليوم

أقارب الضحايا أثناء تشييع الجثامين من دير مار مينا في الإسكندرية أمس (رويترز)
أقارب الضحايا أثناء تشييع الجثامين من دير مار مينا في الإسكندرية أمس (رويترز)

وافق مجلس الوزراء المصري أمس على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من الساعة الواحدة ظهر أمس (الاثنين)، وذلك بعد تفجيرين استهدفا كنيستين بطنطا والإسكندرية أول من أمس، وأسفرا عن مقتل 45 شخصا، وإصابة 128.
ووفقا للمادة (154) من الدستور يتعين عرض إعلان حالة الطوارئ على البرلمان خلال سبعة أيام، حيث يملك المجلس الموافقة أو الرفض، لكن المادة تشترط موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس في حالة الموافقة.
ودعا رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، رئيس الوزراء شريف إسماعيل للحضور إلى المجلس اليوم (الثلاثاء) لإلقاء بيان حول الأسباب والظروف التي أدت لإعلان حالة الطوارئ. وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» إن «الغالبية من أعضاء البرلمان تتجه للموافقة عليها»، غير أنهم سينتظرون توضيحا من رئيس الوزراء حول الإجراءات المتخذة في هذا الشأن. وبموجب قرار مجلس الوزراء «تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ أرواح المواطنين».
ويعطي قانون الطوارئ رئيس الجمهورية الحق في وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن، أو أوقات معينة وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال. وأن يحيل إلى محاكم أمن الدولة الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام. كما يعطيه الحق بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات، وكل وسائل الدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها.
ويحق للرئيس تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وسحب تراخيص الأسلحة أو الذخائر، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها.
ووفقا للدستور المصري، يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز 3 أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب. وإذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له، فيما لا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ.
وصادرت السلطات المصرية أمس إحدى الجرائد الخاصة. وقالت جريدة «البوابة»، في بيان أصدرته، «فوجئنا بمصادرة عدد الاثنين، من الرقيب في المطبعة، وهي مصادرة تحدث للمرة الأولى من عمر الجريدة».
ونشرت الجريدة العدد الذي تمت مصادرته على موقعها بالإنترنت. وجاء في صدر صفحتها الأولى صورة لوزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار تزيلها عنوان رئيسي قالت فيه «حاسبوه قبل أن تحاسبوا». وذكرت الجريدة في بيانها: «موقفنا تجاه ما حدث، اليوم من تفجير لكنيستي مار جرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية، أعلنّا صراحة، وهذا رأينا، أن هناك تقصيراً يستوجب محاسبة المقصرين، وتغيير الاستراتيجية الأمنية المُتَّبعة حالياً في مواجهة الإرهاب».
وشدد رئيس الوزراء في اجتماع الحكومة أمس على أن الدولة المصرية تحشد كافة إمكاناتها وقدراتها لاستكمال معركتها ضد الإرهاب الأسود، وتقويض مساعيه في التأثير على أمن واستقرار هذا الوطن ووحدة نسيج أبنائه، مؤكدا أن إصرار الوطن لن يلين؛ وإرادته لن تنكسر؛ وعزمه لن يحيد؛ في تطهير كافة ربوع الوطن من العناصر الإرهابية الإجرامية والقضاء على الأفكار التكفيرية المتطرفة؛ واستكمال ما بدأه الوطن من خطوات ثابتة في مسيرة البناء والتنمية لتحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة، فالبناء سلاح ماض في مواجهة التطرف.
وأضاف المجلس أن المرونة التي بات يتحرك بها الإرهاب في عبور الحدود والأوطان وتنفيذ مخططاته الخبيثة في الكثير من دول العالم، غدت تفرض على المجتمع الدولي وقفة جادة لتوحيد الجهود ورفع مستوى التنسيق، لاتخاذ موقف حاسم تجاه الدول الداعمة للإرهاب، والتحرك العاجل لملاحقة عناصره وتجفيف منابع تمويله ووقف جرائمه البشعة، وذلك على النحو الذي يجنب دول العالم أجمع نزيف الإرهاب، الذي أصبح يفوق نزيف الحروب بكل ويلاتها.
وأشار إلى أن الإرهاب قد أظهر وجهه القبيح باستهداف المدنيين الآمنين ودور العبادة المقدسة ليثبت خبث مساعيه وأنه لا دين له ولا أرض ولا وطن.
وشيع آلاف المصريين أمس في الإسكندرية وطنطا ضحايا التفجيرين، وسط صراخ النساء، وهتافات التنديد بالإرهاب. شارك في الصلاة كبار الأساقفة والمسؤولين.
وفي رسالته إلى أهالي الضحايا، قال البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية: «نعيش لحظة حزينة في وداع أحبائنا شهداء الكنيسة المرقسية في يوم عيد وفرح وذكرى استقبال المسيح بالورود في أورشليم». وأضاف في كلمته التي ألقاها الأنبا دانيال النائب البابوي أسقف المعادي: «البابا متألم جدا من الحادث.. الشهداء كانوا صائمين وحضروا الصلوات وتناولوا من يد البابا واشتركوا في الصلوات وحملوا سعف النخيل والزيتون ولحقوا بموكب المسيح بعد هذا الاحتفال». وبعد انتهاء الكلمة حمل الأهالي والكشافة الكنسية جثامين «الشهداء» إلى المقبرة، التي أعدت لهم خصيصا.
من جهتها، قالت وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة غادة والي، إن مجلس الوزراء وافق خلال اجتماعه أمس على إتاحة المساندة المالية أو التعويض لأسر الضحايا والمصابين وتحقيق المساواة حيث تقرر معاملة ضحايا الحادثين الإرهابيين معاملة الشهداء وصرف معاش استثنائي قدره 1500 جنيه شهريا، يضاف إلى المعاش التأميني، وصرف تعويض مالي قدرة 100 ألف جنيه لكل شهيد في الحادث.
وأضافت الوزيرة خلال مؤتمر صحافي بمقر مجلس الوزراء أمس، أن إجمالي الضحايا حتى الثالثة من مساء أمس بلغ (45 قتيلا بكنيستي الغربية والإسكندرية، منهم 17 حالة بالإسكندرية، تشمل 6 مسلمين و11 مسيحيا، إضافة إلى 128 مصابا على مستوى الحادثتين، منهم 14 مصابا من أفراد الشرطة في حادث الإسكندرية).
وبالنسبة لحادث كنيسة مار جرجس بالغربية، قالت الوزيرة إن هناك 28 حالة وفاة، مشيرة إلى خروج عدد كبير من المصابين من المستشفيات عقب تلقي العلاج، وأن الحكومة تبحث صرف تعويضات للمصابين.
وأضافت الوزيرة أن «وزارة العدل قررت تخصيص محكمتين في الغربية والإسكندرية لاستخراج شهادات إعلام الوراثة لأسر الضحايا، كما أن هناك حزمة من المزايا سيحصل عليها أسر الشهداء في الخدمات الأساسية».

تاريخ فرض حالة الطوارئ في مصر
* عام 1914: تم فرضها من قبل الاحتلال البريطاني، بسبب انضمام تركيا لدول المحور في الحرب العالمية الأولى، واستمرت حتى عام 1921 (7 سنوات).
* 1939: بسبب الحرب العالمية الثانية، واستمرت حتى انتهاء تلك الحرب عام 1945، (6 سنوات).
* 1948: بسبب حرب فلسطين واستمرت عامين حتى أبريل (نيسان) 1950.
* 1952: عقب حريق القاهرة، تم فرض حالة الطوارئ واستمرت 5 سنوات حتى عام 1956.
* نوفمبر (تشرين الثاني) 1956: بعد العدوان الثلاثي (إنجلترا وفرنسا وإسرائيل) على مصر، واستمرت حتى مارس (آذار) 1964، (8 سنوات).
* يونيو (حزيران) 1967: فرضت حالة الطوارئ على عموم البلاد منذ العدوان الإسرائيلي على مصر وحتى مايو (أيار) 2012، باستثناء 18 شهر (مايو 1980 – أكتوبر/تشرين الأول 1981). أي إنه تم فرض حالة الطوارئ نحو (43 عاما).
* 2013: بعد فض اعتصام «الإخوان» منتصف أغسطس (آب) تم فرض حالة الطوارئ حتى يناير (كانون الثاني) 2014 وصدر الدستور الجديد (6 أشهر).
* منذ عام 2014 تم فرض حالة الطوارئ جزئيا في بعض المناطق بشمال سيناء، وتم التجديد كل ثلاثة أشهر، حيث كان آخر تجديد في يناير 2017.



«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.


العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
TT

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تقوّض وحدة القرار السيادي للدولة، وتمنح الجماعة الحوثية المدعومة من إيران فرصة لمراكمة المكاسب على حساب الاستقرار الوطني.

وجاءت تصريحات رئيس مجلس القيادة اليمني قبل مغادرته العاصمة المؤقتة عدن، الجمعة، متوجهاً إلى السعودية لإجراء مشاورات رفيعة مع شركاء إقليميين ودوليين، في ظل تطورات حساسة تشهدها المحافظات الشرقية، وعلى رأسها حضرموت.

وأكّد العليمي في تصريحات رسمية التزام المجلس والحكومة بنهج الشراكة الوطنية، والمسؤولية الجماعية في استكمال مهام المرحلة الانتقالية، بموجب مرجعياتها المتفق عليها، وفي المقدمة إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

كما أكّد مسؤولية الدولة وحدها عن حماية مؤسساتها الوطنية، وصون مصالح المواطنين، والحفاظ على وحدة القرار السيادي، ورفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة، والسلطات المحلية صلاحياتها الحصرية، والإضرار بالأمن والاستقرار، وتعميق المعاناة الإنسانية، أو تقويض فرص التعافي الاقتصادي، والثقة المتنامية مع المجتمع الدولي.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: «إن معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، ستظل في صدارة الأولويات الوطنية». وحذّر من أن أي انشغال بصراعات جانبية، لا يخدم سوى المشروع الإيراني، وأدواته التخريبية، ومضاعفة معاناة اليمنيين، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ» الرسمية.

تغليب مصلحة حضرموت

وأشاد العليمي في تصريحاته بجهود السعودية التي قادت إلى التوصل لاتفاق التهدئة الأخير في محافظة حضرموت (شرق)، مؤكداً أهمية الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والبناء على هذه الجهود الحميدة، وتغليب مصلحة حضرموت وأبنائها، بوصفها ركيزة أساسية للاستقرار في اليمن، والمنطقة.

كما جدد دعمه الكامل لقيادة السلطة المحلية والشخصيات والوجاهات القبلية في قيادة مساعي الوساطة، والتسريع بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم المحلية، إنفاذاً لتعهدات مجلس القيادة، وخطته لتطبيع الأوضاع في المحافظة.

مظاهرة في صنعاء حيث العاصمة اليمنية المختطفة دعا إليها زعيم الجماعة الحوثية (أ.ب)

ووجّه العليمي في هذا السياق، قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، والجهات المعنية في الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين، والممتلكات العامة والخاصة، خصوصاً في مديريات الوادي والصحراء، واتخاذ ما يلزم لجبر الضرر، وعدم إفلات المتورطين من العقاب.

كما دعا رئيس مجلس القيادة اليمني جميع المكونات الوطنية إلى نبذ الخلافات، والتحلي بأعلى درجات المسؤولية، وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وإسناد الحكومة للوفاء بالتزاماتها الحتمية، وجعل مصلحة المواطنين، وكرامتهم الإنسانية، فوق كل اعتبار.


تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».