موسكو تقصف إدلب وحماة بقنابل عنقودية حارقة

فصائل المعارضة تصد هجومين للنظام في الوسط والشمال

موسكو تقصف إدلب وحماة بقنابل عنقودية حارقة
TT

موسكو تقصف إدلب وحماة بقنابل عنقودية حارقة

موسكو تقصف إدلب وحماة بقنابل عنقودية حارقة

صدّت فصائل المعارضة السورية أمس هجومين لقوات النظام السوري وحلفائه؛ الأول في غرب حلب شمال البلاد، والثاني في ريف حماة الشمالي في الوسط، في وقت أفاد فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان بقصف طائرات حربية روسية أكثر من منطقة بقنابل عنقودية حارقة تحتوي مادة الـ«thermite».
وقال المرصد إن موسكو استهدفت اللطامنة وسراقب بالريفين الشمالي والشرقي لحماة وإدلب في اليومين الماضيين بـ«قنابل تشظت، مشكلة ألسنة لهب عند سقوطها على المكان المستهدف، ما أدى لاندلاع نيران اتسعت رقعتها وزادت قوتها وتسببت بأضرار مادية، إضافة لإصابة بعض الأشخاص»، لافتا إلى أن هذه القنابل «تحوي مواد حارقة»، وقد تم استخدامها في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي في ريف الرقة الغربي وريف إدلب الجنوبي قرب منطقة معرة النعمان.
في هذا الوقت، واصل النظام السوري تصعيده في أحياء بالعاصمة دمشق، وقال ناشطون إنّه قصف جويا ومدفعيا أحياء تشرين والقابون وبرزة كما حاولت قواته اقتحام المنطقة من محور بساتين برزة.
كذلك شنت القوات النظامية وحلفاؤها هجوما غرب حلب على عدة محاور، أبرزها محور الراشدين وشويحنة، تصدت لها فصائل المعارضة. وأوضحت «شبكة شام» أن مقاتلي المعارضة تصدوا لسلسلة هجمات استهدفت جبهات الراشدين والجزيرة وجمعية الزهراء والليرمون وتلة الفرفورة، وكان أعنفها على جبهة جبل شويحنة، لافتة إلى أنّهم تمكنوا من تدمير عربة «بي إم بي» ورشاش ثقيل على جبهة شويحنة، وأسروا عنصرا على جبهة تلة الفرفورة جنوب شرقي معارة الأرتيق، كما تمكنوا من قتل وجرح العشرات من المهاجمين، وغنموا أسلحة وذخائر.
من جهتها، أكّدت وكالة «قاسيون» أن ما يقارب 15 عنصراً من قوات النظام قتلوا الاثنين، على جبهة «مدفعية الزهراء»، في الجهة الشمالية الغربية من حلب، وذلك بعد استهداف المعارضة لهم بصاروخ موجه. ونشر فصيل «فيلق الشام» على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب»، مقطع فيديو يظهر استهداف أحد عناصره عربة «BMB» تابعة لقوات النظام أثناء سيرها، وذلك بصاروخ من نوع «تاو».
وفي وسط البلاد، قالت وكالة الأنباء الألمانية إن القوات النظامية السورية والمسلحين الموالين لها استعادوا بلدة معردس بشمال مدينة حماة، بعد عملية عسكرية واسعة بدأوها صباح أمس الاثنين بدعم وتغطية من الطيران الحربي الروسي.
من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن معارك عنيفة تدور في محيط بلدة معردس في محاولة من الفصائل لاستعادة السيطرة على ما خسرته، مشيرا إلى أن قوات النظام قصفتها بأكثر من مائة قذيفة وصاروخ. وأضاف: «كما تشهد بلدتا طيبة الإمام وصوران قصفا من قبل قوات النظام والطائرات الحربية في محاولات تمهيدية للتقدم نحوها».
بالمقابل، أكّد «مكتب أخبار سوريا» أن فصائل المعارضة أحبطت مساء الأحد محاولة تقدم نفذتها القوات النظامية المتمركزة شرق مدينة محردة باتجاه مدينة حلفايا الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حماة الشمالي، وذلك بعد اندلاع اشتباكات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين. وقال أبو الخطاب الحموي، أحد مقاتلي المعارضة بريف حماة، إن المواجهات «أسفرت عن مقتل 20 عنصرا وجرح آخرين من القوات النظامية، كما لقي 4 مقاتلين معارضين مصرعهم وجرح آخرون، في حين دمر مقاتلو المعارضة دبابة من طراز T72 ومدفع عيار 57 ملم، عبر استهدافهما بصاروخين مضادين للدروع، أديا إلى مقتل طاقميهما أيضا»، مؤكدا عدم إحراز القوات المهاجمة أي تقدم باتجاه حلفايا.
وفي الجنوب السوري، أفاد ناشطون بمواصلة المعارضة المسلحة تقدمها في حي المنشية بمدينة درعا ضمن معركة «الموت ولا المذلة» التي أطلقتها في فبراير (شباط) الماضي، بهدف إبعاد القوات النظامية عن معبر درعا الحدودي مع الأردن من خلال السيطرة على حيي المنشية وسجنة بالمدينة. وبعد يومين من سيطرة فصائل المعارضة المنضوية تحت غرفة عمليات «البنيان المرصوص» على قسم كبير من حي المنشية بما فيه من حواجز عسكرية، سيطر مقاتلو المعارضة مساء الأحد على حاجز أبو جمرة العسكري، بعد انسحاب القوات النظامية وعناصر «حزب الله» منه، ليصبح بذلك القسم المتاخم لمعبر درعا الحدودي من حي المنشية، تحت سيطرة المعارضة. وقال الناطق باسم غرفة العمليات حسين أبو شيماء، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن الفصائل تقترب من إنهاء سيطرة القوات النظامية على المنشية، ويتم التحضير للمرحلة الأخيرة من معركة «الموت ولا المذلة»، للسيطرة على حاجز الإرشادية، أكبر الحواجز العسكرية في الحي. وأوضح أبو شيماء أن «فصائل المعارضة قتلت خلال اليومين الماضيين ما لا يقل عن 50 جنديا نظاميا، قضى معظمهم خلال محاولتهم الفرار من حاجز عسكري بعد محاصرتهم فيه قبل يومين»، لافتا إلى أن جنود النظام وعناصر الميليشيات الأجنبية يتنقلون بين نقاطهم عبر شبكة أنفاق وخنادق، «تم اكتشاف بعضها بعد السيطرة على الحواجز العسكرية مؤخراً، كما تم اغتنام أسلحة خفيفة ومتوسطة وذخائر وصواريخ مضادة للدروع».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.