قائد «فيلق القدس» الإيراني في كردستان العراق لوقف مشروع «الاستقلال»

قيادي كردي: طهران تشكل مجموعة إرهابية بديلة عن «داعش» لمهاجمة الإقليم

قاسم سليماني
قاسم سليماني
TT

قائد «فيلق القدس» الإيراني في كردستان العراق لوقف مشروع «الاستقلال»

قاسم سليماني
قاسم سليماني

كشف قيادي كردي إيراني معارض، أمس، أن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وصل، أول من أمس، إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان لإعاقة عملية الاستفتاء على تقرير مصير كردستان، ولإبعاد الاتحاد الوطني الكردستاني عن الحزب الديمقراطي، بعدما شهدت العلاقات بين الحزبين تقارباً ملحوظاً خلال الأسابيع الماضية، بعد فتور استمر أكثر من عامين بينهما.
وقال نائب الأمين العام لحزب الحرية الكردستاني المعارض لإيران وقائد جناحه العسكري، حسين يزدان بنا، لـ«الشرق الأوسط»: «منذ يومين وقائد فيلق القدس قاسم سليماني موجود في مدينة السليمانية، ويواصل اجتماعاته مع قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني»، وأضاف: «زيارة سليماني إلى السليمانية هي لهدفين: الأول منهما تعطيل عملية الاستفتاء حول تقرير مصير كردستان الذي أقر الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والأحزاب الكردستانية الأخرى وحكومة الإقليم إجراءه، إضافة إلى مسألة رفع علم كردستان في كركوك، وعودة هذه المناطق الكردستانية إلى إدارة كردستان، الأمر الذي ترفضه طهران وتقف ضده».
واستطرد: «أما الهدف الثاني، فيتمثل في إبعاد الاتحاد الوطني الكردستاني عن الحزب الديمقراطي، فالعلاقات بين الجانبين شهدت بروداً في المدة الماضية، لكن في الأسبوع الماضي شهدنا اجتماعاً مفاجئاً بين هذين الحزبين الرئيسيين، برئاسة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، وهذا الاجتماع أذاب الجليد بينهما، وأصدرا معاً قرارات مهمة بشأن مستقبل الإقليم».
وأعلنت إيران، مراراً وتكراراً، عن معاداتها لإنشاء دولة كردية في المنطقة، وكثف قادة الحرس الثوري الإيراني خلال الأشهر الماضية تهديداتهم لإقليم كردستان، كان أبرزها التهديد الذي وجهه نائب قائد الحرس الثوري حسين سلامي الذي هدد بتدمير إقليم كردستان.
وحول المخاوف الإيرانية، أوضح يزدان بنا أن «الدولة الكردية ستكون حليفة قوية للولايات المتحدة الأميركية. وفي الوقت ذاته، ستقف هذه الدولة ضد الإرهاب في المنطقة والعالم، لذا طهران لا تحبذ هذه الجبهة، إضافة إلى أن استقلال كردستان ستتمخض عنه تغييرات في الجغرافيا السياسية لا تراها إيران في مصلحتها»، مشدداً على أن «كردستان المستقلة لن تكون طريقاً برية لإيران للوصول إلى سوريا ولبنان، لذا ستستخدم طهران كل ما في وسعها للوقوف بوجه استقلال كردستان».
ويشير القائد الكردي الذي تقاتل قواته منذ 3 أعوام جنباً إلى جنب مع قوات بيشمركة إقليم كردستان ضد مسلحي تنظيم داعش، في محاور كركوك وبعشيقة، إلى أن «النظام السياسي في دولة كردستان المنتظرة سيكون نظاماً ديمقراطياً كما هو الآن؛ إيران لا تريد أن تكون هناك دولة ديمقراطية جارة لها لأن الديمقراطية تخيف النظام في طهران، فهو يخشى أن تنتقل العملية إليه أيضاً».
وكشف يزدان بنا عن إلقاء القبض على مجموعة إرهابية تابعة للنظام في طهران «كانت تنوي تنفيذ عمليات إرهابية كبيرة داخل الإقليم، مضيفاً أن إيران تخطط ضد كركوك، وهي ستنفذ خطتها هذه عن طريق ميليشيات أو عن طريق مسلحي تنظيم داعش التابعين لها»، وتابع: «لدينا معلومات دقيقة عن أن النظام الإيراني سحب عدداً من مسلحي وقادة (داعش) التابعين له من الموصل وسوريا إلى إيران، لإعادة تنظيمهم تحت اسم جديد، ومن ثم تهيئتهم لمهاجمة قوات البيشمركة في حدود محافظتي السليمانية وكركوك، وهذه العملية تشرف عليها وزارة اطلاعات الإيرانية وفيلق القدس التابع للحرس الثوري، ويتولى شخص يدعى (أميري)، وهو بدرجة مدير عام في الاطلاعات، وبالتنسيق مع العميد في فيلق القدس محمد رضا شهلايي، مهمة إعداد هذه المجموعة الإرهابية الجديدة».
وأكد قيادي رفيع المستوى في الاتحاد الوطني الكردستاني، طالباً عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بمنصبه في الحزب، لـ«الشرق الأوسط»، وجود سليماني في مدينة السليمانية، وأضاف: «نعم، سليماني موجود الآن في السليمانية، وقد عقد خلال اليومين الماضيين اجتماعات مكثفة مع قادة الاتحاد الوطني من كل الأجنحة، ركز خلالها على ضرورة إفشال عملية الاستفتاء، وطالب الاتحاد بعدم الاتفاق مع رئيس الإقليم مسعود بارزاني. وفي المقابل، دعم التيار الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي السابق المالكي والميليشيات الشيعية في العراق».
وأضاف المصدر: «كما شدد سليماني خلال هذه الاجتماعات على أن المالكي هو الحاكم الإيراني للعراق، وهو ممثل ولي الفقيه، وعلى كل الأطراف المقربة من طهران دعمه والدخول تحت جناحه».
وتابع هذا القيادي: «سليماني تحدث بلغة التهديد والوعيد مع قادة الاتحاد، وهدد إقليم كردستان»، مؤكداً أن قائد فيلق القدس مستمر في اجتماعاته مع قادة الاتحاد الوطني، ولم ينهِ بعد زيارته إلى كردستان العراق.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».