سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة: على الأسد الرحيل بعد الهجوم الكيماوي

غداة تصريحات وزير الخارجية الأميركية بأن أولوية بلاده في سوريا هزيمة «داعش»

متطوعون في درعا جنوب سوريا أول من أمس ينقذون رجلاً من بين أنقاض بيته الذي استهدفه طيران النظام (أ.ف.ب)
متطوعون في درعا جنوب سوريا أول من أمس ينقذون رجلاً من بين أنقاض بيته الذي استهدفه طيران النظام (أ.ف.ب)
TT

سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة: على الأسد الرحيل بعد الهجوم الكيماوي

متطوعون في درعا جنوب سوريا أول من أمس ينقذون رجلاً من بين أنقاض بيته الذي استهدفه طيران النظام (أ.ف.ب)
متطوعون في درعا جنوب سوريا أول من أمس ينقذون رجلاً من بين أنقاض بيته الذي استهدفه طيران النظام (أ.ف.ب)

اعتبرت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي، أمس، أنه لا يمكن للرئيس بشار الأسد البقاء في السلطة بعد الهجوم الكيماوي الذي اتهمت واشنطن قواته بتنفيذه في شمال غربي سوريا، ووجهت على إثره ضربة صاروخية على قاعدة جوية سورية؛ ما يشكل بعض التضارب مع تصريحات وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، الذي أكد فيها أن أولوية بلاده في سوريا تبقى هزيمة تنظيم داعش حتى قبل أن يتحقق الاستقرار.
وقالت هايلي، في مؤشر على تغيير محتمل في نهج إدارة الرئيس دونالد ترمب حيال الملف السوري بعد الهجوم الكيماوي على مدينة خان شيخون، خلال تصريحات لشبكة «سي إن إن» التلفزيونية: «ليس هناك أي خيار لحل سياسي والأسد على رأس النظام».
وأكدت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي، أنه لن يكون هناك حل سياسي في سوريا طالما أن الرئيس بشار الأسد في السلطة، في مؤشر إلى تغيير محتمل في نهج إدارة الرئيس دونالد ترمب حيال الملف السوري.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن هايلي قولها لمتحدثة لبرنامج «ستايت أوف ذي يونيون» على شبكة «سي إن إن» التلفزيونية: «ليس هناك أي خيار لحل سياسي والأسد على رأس النظام».
وتابعت: «إن نظرتم إلى أعماله، إن نظرتم إلى الوضع، سيكون من الصعب رؤية حكومة مستقرة ومسالمة مع الأسد».
ولم توضح المسؤولة الأميركية إن كانت إدارة ترمب التي تفادت حتى الآن الدعوة مباشرة إلى رحيل الأسد عن السلطة، بدلت سياستها. لكنها حذرت الجمعة بأن الولايات المتحدة على استعداد لتوجيه ضربات جديدة ضد النظام السوري إذا استدعى الأمر.
وقتل 87 مدنيا بينهم 31 طفلا الثلاثاء وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، نتيجة تنشقهم غازات سامة في مدينة خان شيخون السورية في محافظة إدلب.
واتهمت واشنطن والمعارضة السورية قوات النظام بتنفيذ الهجوم من خلال قصف جوي؛ الأمر الذي نفته دمشق بالمطلق مع حليفتها موسكو. وتقول موسكو ودمشق إن الطيران السوري قصف مستودع أسلحة لمقاتلي المعارضة كان يحتوي على مواد كيماوية. وقالت هايلي إن «تغيير النظام هو أمر نعتقد أنه سيحصل»، مضيفة أن واشنطن تركز أيضا على قتال تنظيم داعش في سوريا والحد من النفوذ الإيراني.
وتأتي مواقف هايلي غداة تصريحات لوزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون أكد فيها، أن أولوية بلاده في سوريا تبقى هزيمة تنظيم داعش حتى قبل أن يتحقق الاستقرار.
وقال تيلرسون في مقابلة لشبكة «سي بي إس» التلفزيونية، نشرت مقتطفات منها السبت: «من المهم أن تبقى أولوياتنا واضحة. ونعتقد أن أولى الأولويات هي هزيمة تنظيم داعش».
وبحسب تيلرسون، فإن التغلّب على التنظيم سيقضي على تهديد لا يطال الولايات المتحدة فحسب، بل «الاستقرار في المنطقة بكاملها». وشدد الوزير الأميركي على أنه «بعد الحد من تهديد (داعش) أو القضاء عليه، أعتقد أنه يمكننا وقتها تحويل اهتمامنا بشكل مباشر نحو تحقيق الاستقرار في سوريا».
وقبل أيام من الهجوم الكيماوي في خان شيخون، اعتبر تيلرسون أن مصير الأسد يقرره الشعب السوري، في وقت أكدت هايلي أن واشنطن لم تعد تركز على إسقاط الرئيس بشار الأسد.
لكن مواقف إدارة ترمب تغيرت كليا بعد وقوع هجوم خان شيخون، الذي أثار تنديداً دولياً واسع النطاق، خصوصا بعد تداول صور الضحايا وبينهم أطفال وهم يرتجفون ويصابون بحالات إغماء وخروج رغوة من الفم.
خلال عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، شكل رحيل الأسد مطلباً رئيسياً لواشنطن التي كانت تعد أبرز حلفاء المعارضة، قبل أن تنكفئ تدريجياً عن الملف السوري.
وردا على الهجوم، نفذ الجيش الأميركي فجر الجمعة بأمر من ترمب هجوما على مطار الشعيرات العسكري في محافظة حمص (وسط)، عبر إطلاق 59 صاروخا عابرا من طراز «توماهوك» من البحر.
وهي الضربة الأميركية العسكرية الأولى المباشرة ضد النظام السوري منذ بدء النزاع منتصف مارس (آذار) 2011.
وكان ترمب وجه خطابا إلى الأمة من منزله في فلوريدا بعد بدء الضربة، وصف فيه الأسد بـ«الديكتاتور». وقال: «باستخدام غاز الأعصاب القاتل، انتزع الأسد أرواح رجال ونساء وأطفال لا حول لهم ولا قوة».
وأثارت الضربة الأميركية غضب دمشق التي وصفتها بأنها تصرف «أرعن غير مسؤول»، نافية بالمطلق استخدامها أي نوع من السلاح الكيماوي في خان شيخون.
ويعد هجوم خان شيخون ثاني أكبر هجوم كيماوي بعد الغوطة الشرقية في عام 2013، الذي تسبب في سقوط المئات من الضحايا ووجهت أصابع الاتهام فيه إلى دمشق. ووافقت الحكومة السورية في العام ذاته على تفكيك ترسانتها الكيماوية، بعد اتفاق روسي أميركي. وجاءت الموافقة في ظل تهديد أميركي بقصف سوريا. إلا أن اتهامات عدة وجهت إلى دمشق منذ ذلك الحين بتكرار استخدام غازات سامة في مناطق عدة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.