الجزائر: دعاة مقاطعة الانتخابات مستاؤون من «شيطنتهم»

الموقف من الاستحقاق البرلماني يشق صفوف المعارضة... والموالاة «ضمنت» الغالبية

الجزائر: دعاة مقاطعة الانتخابات مستاؤون من «شيطنتهم»
TT

الجزائر: دعاة مقاطعة الانتخابات مستاؤون من «شيطنتهم»

الجزائر: دعاة مقاطعة الانتخابات مستاؤون من «شيطنتهم»

أبدى رئيس الوزراء الجزائري السابق علي بن فليس، استياءه من هجوم الحكومة على شخصيات وأحزاب تدعو إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة مطلع الشهر المقبل. ويبدو صوت المقاطعين خافتاً، وسط مشاركة مكثفة للأحزاب في الاستعداد للاستحقاق.
واستنكر حزب «طلائع الحريات» المعارض الذي يقوده بن فليس، أمس، في ختام اجتماع مكتبه السياسي «تعدي الحكومة وتعسفها وتحمسها الزائد في التعبير عن إحباطها وامتعاضها من موقف قوى سياسية شرعية قررت بكل استقلالية ومسؤولية عدم المشاركة في الاستحقاق التشريعي المقبل، وهي الحكومة نفسها التي تعرّض هذه القوى السياسية لكل أشكال الابتزاز والاستفزاز، غير مبالية بقواعد التعددية وضوابطها وأدبياتها».
وقال الحزب إنه «يستغرب بالحدة نفسها صمت الحكومة أمام المال الفاسد وتغلغله في الانتخابات»، في إشارة إلى ترشح رجال أعمال يُشاع أن مصادر ثرواتهم مشبوهة. وندد بـ«القدح والذم والإساءات والإهانات التي تتعرض لها قوى سياسية من طرف النظام السياسي القائم وزبانيته التي تتسابق في المزايدة لإرضائه وإثبات الولاء التام له، وجلب رضاه في السباق المفتوح نحو مكامن المحاصصة الانتخابية».
ويُعتقد على نطاق واسع، أن نتيجة الانتخاب محسومة لـ«جبهة التحرير الوطني» صاحبة الأغلبية في البرلمان الحالي، وهي حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وهدد وزير الداخلية نور الدين بدوي الأحزاب التي تشجع على المقاطعة بحلها. أما الأحزاب الموالية للحكومة فتقول إن دعاة المقاطعة يريدون «فرض فراغ مؤسساتي في البلاد»، وتصف موقفهم بأنه «دعوة إلى الخراب والفوضى».
وانخرط حزبان فقط في حملة ميدانية لتشجيع المسجلين في لوائح الانتخاب، على مقاطعة الاستحقاق، هما «الطلائع» و«جيل جديد» الليبرالي الذي كان رئيسه سفيان جيلالي أمس في وهران (450 كلم غرب العاصمة)، حيث التقى برفقة قياديين من حزبه، شخصيات عدة في المدينة، بينما كان متتبعون يتوقعون تدخل رجال الأمن للحؤول دون الترويج لفكرة المقاطعة.
وندد «الطلائع» بـ«التجاوزات والتحرشات والتعسف في استعمال السلطة الممارس من دون مسؤولية من طرف النظام السياسي القائم الذي يسعى إلى إسكات كل الأصوات المخالفة لصوته، فيما يتعلق بالاستحقاق الانتخابي المقبل ومنع أصحابها من التعبير عن مواقفهم في وسائل الإعلام العمومية وحتى الخاصة».
ويقول المقاطعون إنهم يتعرضون لـ«الشيطنة» و«التخوين» والاتهام بـ«العمالة لقوى أجنبية تسعى إلى ضرب استقرار الجزائر»، بسبب موقفهم من الانتخابات. وقال بن فليس إن «الواجب السياسي والأخلاقي يملي علينا عدم المشاركة في مسار انتخابي ملوث بوضوح بالغش السياسي والتزوير الانتخابي والمال الفاسد الذي فتح الانسداد السياسي الحالي شراهته الجشعة». وأشار إلى أن «انحرافات السلطات العمومية تشكل اختراقاً صارخاً وفادحاً للدستور ولقوانين الجمهورية الحامية لحرية التعبير وحرية الرأي والحق في الإعلام كمقومات مواطنة، لا يجوز المساس بها ولا يحق التصرف فيها».
وخلافاً لحزب «جيل جديد»، يرفض «الطلائع» تنظيم لقاءات في الميدان لإقناع الجزائريين بفكرة المقاطعة. ويرى أن شرح الموقف السلبي من الاستحقاق عن طريق وسائل الإعلام كافٍ.
وتعيش المعارضة أسوأ أيامها بسبب الشرخ الذي أحدثته الانتخابات في صفوفها. وكانت ملاسنة حادة وقعت بين مسؤولي أحزاب رافضة دخول المعترك ومسؤولي أحزاب معارضة أخرى تشارك في السباق. فبينما يرى الطرف الأول أن دخول الانتخابات «بمثابة مشاركة في التزوير»، يؤكد الطرف الآخر أنه يرفض «سياسة الكرسي الشاغر»، وأن المقاطعة «تخدم أحزاب السلطة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».