الفاسي يدخل على خط أزمة «الاستقلال» المغربي

دعا إلى «مواجهة الشعبوية» قبل اجتماع لمجلس الحزب وسط انقسام غير مسبوق

مشاركون في «ماراثون الصحراء» السنوي يستعدون عشية انطلاقه في منطقة الصحراء المغربية (أ.ف.ب)
مشاركون في «ماراثون الصحراء» السنوي يستعدون عشية انطلاقه في منطقة الصحراء المغربية (أ.ف.ب)
TT

الفاسي يدخل على خط أزمة «الاستقلال» المغربي

مشاركون في «ماراثون الصحراء» السنوي يستعدون عشية انطلاقه في منطقة الصحراء المغربية (أ.ف.ب)
مشاركون في «ماراثون الصحراء» السنوي يستعدون عشية انطلاقه في منطقة الصحراء المغربية (أ.ف.ب)

وجه عبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم التاريخي لحزب «الاستقلال» المغربي علال الفاسي، نداء إلى المنتمين إلى الحزب «من أجل الوحدة ورص صفوف الأسرة الاستقلالية... وتجاوز حالة الانقسام التي لا مبرر لها منطقياً وواقعياً»، في محاولة لاحتواء أزمة شديدة تعصف بصفوف الحزب. ودعا إلى «مواجهة ومقاومة الأساليب الشعبوية المرفوضة».
ويتجه «الاستقلال» إلى عقد اجتماع حاسم لمجلسه الوطني (برلمان الحزب) السبت المقبل، سيكون عليه حسم قضايا شائكة تتعلق بالإعداد لمؤتمر الحزب، خصوصاً توزيع المؤتمرين على الجهات، والبت في بعض الجوانب القانونية، وعلى رأسها تعديل القانون الأساسي للسماح لغير الأعضاء في اللجنة التنفيذية بالترشح لمنصب الأمين العام.
وينعقد المجلس في ظل انقسام حاد بين مناصري الأمين العام للحزب حميد شباط ومعارضيه الذين تكتلوا حول زعيم الحزب في الصحراء حمدي ولد الرشيد. وبلغ الانقسام بين طرفي الحزب درجة نزع كليهما الشرعية عن الآخر، وادعاء تخويله الحديث باسم الحزب واتخاذ القرارات.
وأعلن كلا الطرفين إجراءات تأديبية بحق قادة الجبهة المنافسة. وأصبح الحزب التاريخي برأسين؛ أحدهما شباط باعتباره الأمين العام، والآخر تكتل يضم 15 عضواً من معارضيه يمثلون غالبية اللجنة التنفيذية، ويدعون امتلاك زمام القرار استناداً إلى ذلك.
ويمثل عبد الواحد الفاسي تكتلاً ثالثاً داخل الحزب ظهر في سبتمبر (أيلول) 2012، عندما فاز شباط بالأمانة العام للحزب متفوقاً على الفاسي بفارق 20 صوتاً فقط. وخلال فصول الصراع الذي واجه فيه شباط خصومه الجدد، ومنهم أصدقاء وموالون سابقون له، التزم تيار الفاسي الحياد.
ويشكل نداء الفاسي أول تعبير عن موقفه من الصراع الجديد داخل الحزب، الذي يتمحور بين شباط وولد الرشيد. ودعا الفاسي في ندائه إلى «الإيمان القوي بحزب الاستقلال أكثر قوة ومتانة ووحدة وصلابة».
وقال: «إننا في عالم جديد ومتجدد، يتحرك بسرعة، حيث لا يمكن لحزبنا أن يظل جامداً، لأن دوره الأساسي إعادة الثقة للمواطنين، وإعادة الثقة والحماس لشباب هذه الأمة العظيمة في تاريخها وحاضرها ومستقبلها».
وأضاف أن «المرحلة دقيقة جداً، ومن مسؤولياتنا جميعاً بناء رؤية جديدة مشتركة لمستقبل أفضل لحزبنا ووطننا، ولذلك نحتاج اليوم إلى عمل ميداني متواصل عوضاً عن الكلمات الرنانة أو الدنيئة التي تتسبب بأعمال مطبوعة بالعدوانية والطيش، مما يسبب مضاعفات خطيرة علينا جميعاً، وتشويه سمعة وصورة إرث تاريخي اسمه حزب الاستقلال».
واعتبر الفاسي أن الحزب «أصبح مطالباً بالبحث عن آليات وموارد من أجل الوفاء بالوعود التي نقدمها للمواطنين، كما نحتاج إلى إصلاحات حقيقية عميقة، لتحقيق إدماج سياسي حقيقي لأمتنا في عمل سياسي مطبوع بالنضج، واحترام إرادة الأمة كيفما كانت». وأضاف: «نحن داخل حزب الاستقلال مطالبون بقراءة التحديات التي تواجهنا بمنطق العقل، وليس بمنطق الانتقام، لبناء استراتيجية عمل واقعية لإصلاح مؤسساتنا وتنظيماتنا، وفق خريطة طريق واضحة تلزمنا جميعاً، ونتعهد باحترامها والعمل على تنزيل أهدافها».
وفيما يخص الإعداد للمؤتمر العام للحزب، دعا إلى «اختيار الفريق القيادي المؤتمن على قيم الحزب ومبادئه، من خلال فتح الباب لجميع الطموحات وفق ضوابط ومعايير معقولة ومنطقية، تحصيناً لحزبنا من جهة، ولتمكين مناضلاتنا ومناضلينا من حرية الاختيار من جهة أخرى، ووضع الثقة فيمن يستحقها من دون ضغوط من أي جهة كانت».
وحذر من «جعل التدافع لإبراز طموحات الترشيح أداة التفرقة التي يكون فيها الخاسر الأكبر هو حزب الاستقلال، كما يجعلنا ندعو إلى تجاوز منطق الصراع من أجل أشخاص، واعتماد منطق التنافس في إطار حوار الأفكار بأسلوب الإقناع، حتى نتمكن جميعاً من تحقيق فكر جماعي إيجابي يؤسس لخيارات مستقبلية أفضل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.