ترمب يعاقب الأسد بقصف «الشعيرات»... والنظام يرد باستهداف خان شيخون

59 صاروخ «توماهوك» تدمر طائرات و«المرصد» يؤكد إخراج إيران و«حزب الله» مقاتليهما قبل القصف

المدمرة {يو إس إس بورتر} أثناء إطلاق صاروخ {توماهوك} باتجاه قاعدة الشعيرات الجوية السورية (رويترز)
المدمرة {يو إس إس بورتر} أثناء إطلاق صاروخ {توماهوك} باتجاه قاعدة الشعيرات الجوية السورية (رويترز)
TT

ترمب يعاقب الأسد بقصف «الشعيرات»... والنظام يرد باستهداف خان شيخون

المدمرة {يو إس إس بورتر} أثناء إطلاق صاروخ {توماهوك} باتجاه قاعدة الشعيرات الجوية السورية (رويترز)
المدمرة {يو إس إس بورتر} أثناء إطلاق صاروخ {توماهوك} باتجاه قاعدة الشعيرات الجوية السورية (رويترز)

لم تتأخّر الولايات المتحدة الأميركية في تنفيذ تهديدها لنظام بشار الأسد، إذ نفذ الجيش الأميركي بأمر من الرئيس دونالد ترمب، فجر أمس، ضربة صاروخية استهدفت قاعدة جوية عسكرية للنظام السوري، وذلك ردا على «هجوم كيماوي» كان قد نفذه في بلدة خان شيخون في محافظة إدلب، أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص. لكن بعد ساعات على الضربة عاد طيران النظام وجدّد قصفه على خان شيخون، بحسب ما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيرا إلى أن طائرة حربية لا يُعلم ما إذا كانت روسية أم تابعة للنظام، حلقت في أجواء خان شيخون، ونفذت غارة واحدة بصاروخ.
الجيش الأميركي أطلق فجر أمس 59 صاروخا عابرا (كروز) من طراز «توماهوك» استهدفت مطار الشعيرات العسكري في محافظة حمص. وقال مسؤول أميركي إن المطار مرتبط ببرنامج الأسلحة الكيماوية السوري و«متصل مباشرة» بالأحداث «الرهيبة» التي حصلت صباح الثلاثاء في خان شيخون في محافظة إدلب.
وبينما وصفت رئاسة النظام السوري الضربة الأميركية بـ«التصرف الأرعن وغير المسبوق»، قال جيش النظام السوري في بيان إن الولايات المتحدة أقدمت «عند الساعة 03:42 فجر اليوم (أمس) (00:42 ت غ)، على ارتكاب عدوان سافر استهدف إحدى قواعدنا الجوية في المنطقة الوسطى بعدد من الصواريخ»، ما أدى إلى «ارتقاء 6 شهداء وسقوط عدد من الجرحى وإحداث أضرار مادية كبيرة».
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد بمقتل 7 عسكريين في الضربة الأميركية، بينهم ما لا يقل عن 5 من الضباط، أحدهم قائد لواء في الدفاع الجوي. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن «المطار دُمر بشكل شبه كامل، وجميع القتلى والجرحى هم من الجنسية السورية»، مشيرا إلى أن اقتصار أعداد المصابين والقتلى على هذا الحد هو بسبب مغادرة أعداد كبيرة من العناصر، ولا سيما من الإيرانيين و«حزب الله» ليلا، قبل تنفيذ الضربة، إضافة أيضا إلى سحب عدد من الطائرات.
في المقابل، قال مسؤولون أميركيون، إن القصف ألحق «أضرارا كبيرة» بالمطار و«دمّر طائرات» وبنية تحتية فيه، ما من شأنه أن «يقلل من قدرة الحكومة السورية على شن ضربات». واستهدفت صواريخ التوماهوك بشكل أساسي «حظائر الطيران»، ومخازن الوقود والذخائر وقواعد دفاع جوي، ورادارات.
أما التلفزيون الروسي فأعلن أن 9 طائرات تابعة لسلاح الجو السوري دمرت في الضربة الأميركية، وذلك خلال عرضه صورا للقاعدة المستهدفة. وتظهر الصور طائرتين على الأقل لا تزالان سالمتين في المرأب المصنوع من الإسمنت المسلح، بينما غطت الأرض قطع من الصفائح المعدنية وحطام غير محدد.
كذلك قالت وكالة «نوفوستي» الروسية، إن الصواريخ الأميركية دمرت نحو 8 حظائر فيها طائرات ومعدات حربية، وعدة مستودعات أسلحة واقعة قرب مدرج الهبوط والإقلاع في المطار، مؤكدة أن طائرات عدّة بقيت سالمة داخل الحظائر.
وكان ترمب قد أعلن ليلا أنه أمر بتنفيذ ضربة عسكرية محددة الهدف في سوريا، على المطار الذي شن منه الهجوم الكيماوي، مشيرا إلى أنه من مصلحة الأمن القومي الحيوية للولايات المتحدة منع وردع انتشار واستخدام الأسلحة الكيماوية القاتلة.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أيضا، أن الضربة العسكرية تنحصر في الرد على «الهجوم الكيماوي» في خان شيخون. وقال متحدث باسم البنتاغون، الكابتن جيف ديفيس لصحافيين، إن الهدف هو «ردع النظام عن القيام بذلك (الهجوم الكيماوي) مجددا، ونأمل في أن ينجح في ذلك». ولمح إلى أن العملية العسكرية ليست جزءا من عملية أكبر. وقال: «إنها رد يتناسب» مع هجوم خان شيخون. وأضاف: «سيعود للنظام أن يقرر ما إذا كانت ستكون هناك ضربات أخرى؛ لأن ذلك سيتقرر بناء على تصرفاته».
وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، بدوره، إن الضربة الصاروخية التي نفذتها واشنطن دليل على استعداد الرئيس الأميركي للتحرك عندما تقوم دول «بتجاوز الخط»، معتبرا أن موسكو فشلت في تحمل مسؤولياتها في سوريا.
جدير بالذكر، أن النظام السوري كان قد وافق في عام 2013 على تفكيك ترسانته الكيماوية، بعد اتفاق روسي – أميركي، عقب تعرض منطقة الغوطة الشرقية، أبرز معاقل المعارضة قرب دمشق، لهجوم بغاز السارين في 21 أغسطس (آب) 2013 تسبب في مقتل المئات. ووجهت أصابع الاتهام فيه إلى دمشق. وجاءت الموافقة في ظل تهديد أميركي بقصف سوريا. وفيما تشير المعلومات إلى أنه تم نقل الترسانة الكيماوية السورية أو تدميرها بإشراف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، لا تزال بعض الجهات تشكّك في أن النظام سلم ترسانته بشكل كامل، مستندة في ذلك إلى استخدامه الكيماوي في بعض المناطق، كان آخرها في خان شيخون.
ويوم أمس، نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، تقريرا حصريا عن خان شيخون، بعد تعرضها للهجوم الكيماوي، وقالت إنها تحولت إلى «مدينة أشباح»، حيث أصبحت الشوارع خاوية من السكان، والصمت يسود المكان. وأكّدت «الغارديان» أنها أول صحيفة أجنبية تزور خان شيخون، بعد الهجوم الذي تعرضت له، وتفحصت المخزن القريب من مكان وقوع القذائف، إلا أنها لم تجد إلا مكاناً مهجوراً مغطى بالغبار وبقايا حبوب وروث الحيوانات. وأشار التقرير إلى أن البيوت ما زالت سليمة من الخارج، ولم تتعرض لأي دمار يذكر.
والتقت الصحيفة بحميد ختيني، وهو متطوع مدني في خان شيخون، فقال: «في البداية اعتقد الجميع بأن الأمر مجرد ضربة جوية عادية، إلا أن المسعفين الذين هرعوا لمكان القصف اكتشفوا أن الأمر مختلف عندما بدأوا يفقدون توازنهم ويسقطون على الأرض». وأضاف حميد: «اتصلوا بالمركز الرئيسي طالبين النجدة، وأخبرونا أنهم غير قادرين على المشي»، مشيراً إلى أنه تم إرسال فريق ثان وثالث مزودين بأقنعة واقية. وأردف: «القتلى كانوا في كل مكان، على السطح وفي أقبية المباني وعلى الطرقات، أينما نظرت شاهدت جثثا»، لافتا إلى أنهم لمسوا آثار هذه المواد الكيماوية على بعد 500 متر بعيدا عن موقع سقوط القنبلة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.