فلسطينيو 48 يقررون التمرد على قانون إسرائيلي جديد يشدد سياسة هدم البيوت

أقره الكنيست ورفضته جميع الأحزاب العربية ووصفته بالعنصري

جانب من المواجهات بين فلسطينيين والشرطة الاسرائيلية قرب نابلس أمس (أ ف ب)
جانب من المواجهات بين فلسطينيين والشرطة الاسرائيلية قرب نابلس أمس (أ ف ب)
TT

فلسطينيو 48 يقررون التمرد على قانون إسرائيلي جديد يشدد سياسة هدم البيوت

جانب من المواجهات بين فلسطينيين والشرطة الاسرائيلية قرب نابلس أمس (أ ف ب)
جانب من المواجهات بين فلسطينيين والشرطة الاسرائيلية قرب نابلس أمس (أ ف ب)

أعلن النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة التي تضم جميع الأحزاب العربية الوطنية في إسرائيل، الرفض القاطع للقانون الجديد الذي أقره الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، والذي يقضي بتشديد سياسة هدم البيوت العربية التي بنيت بلا ترخيص، وقال إن فلسطينيي 48 لن يطبقوا هذا القانون، وسيتمردون عليه.
وعبرت جميع قيادات فلسطينيي 48 عن رفض مماثل للقانون، مؤكدين أنه قانون عنصري وضع خصيصاً لترهيب المواطنين العرب، وإرضاء غرائز العنصريين المعادين للوجود العربي في البلاد.
كان الكنيست قد صادق بغالبية 43 نائباً، مقابل 33 معارضاً، على هذا القانون الذي بادرت إليه وزيرة القضاء أييلت شاكيد، من حزب المستوطنين (البيت اليهودي)، بغية تشديد العقوبة على البناء غير المرخص. ومع أنه لا يتضمن إشارة إلى أنه يستهدف المواطنين العرب بالذات، فإنه سيؤثر بشكل مباشر على العرب الذين يعانون من ضائقة بناء خانقة بسبب مماطلة الحكومة عشرات السنوات في المصادقة على خرائط هيكلية لبلداتهم. ولذلك يضطر الجمهور العربي في أحيان كثيرة إلى البناء من دون ترخيص. وحسب تقديرات جهات التخطيط، يوجد في الوسط العربي نحو 50 ألف بيت غير مرخص.
يشار إلى أن القانون الذي صودق عليه يأتي لتعديل قانون التخطيط والبناء، ويمنح السلطات أدوات أكثر من الماضي لمعالجة مخالفات البناء، ويقلص قدرات المحكمة على مراقبة خطواتها. وإلى جانب تشديد عقوبة السجن على مخالفي قوانين البناء من سنتين إلى 3 سنوات، سيجري اعتبار هذه المخالفات إدارية، بمعنى أنه سيصبح بالإمكان فرض غرامات عالية على مخالفي القانون، ليس في إطار الإجراء الجنائي. كما يقلص القانون صلاحيات المحكمة لصالح وحدة تطبيق القانون في وزارة المالية، ويمنع القضاة من تخفيف العقوبة على مخالف قوانين البناء.
وقال النائب أيمن عودة: «الدولة صادرت 5 ملايين دونم من أراضي العرب، وبنت 700 بلدة جديدة كلها لليهود، وصفر للعرب. لقد اقترحنا أن ندعو جمهورنا إلى عدم البناء بشكل غير قانوني لمدة عامين، وألا تهدم الحكومة بالمقابل المباني القائمة، ويجري العمل على إعداد الخرائط الهيكلية، لكن نتنياهو رفض»، وأضاف: «إن حكومات إسرائيل بالأساس هي التي تتحمل مسؤولية مشكلة البناء غير المرخص، فهي لم تبنِ تجمعات سكانية للمواطنين العرب، وتمنعهم أن يسكنوا في 934 بلدة قائمة في إسرائيل لليهود، وقد صادرت للمواطنين العرب 5 ملايين دونم، ولا توسّع مناطق نفوذ، ولا تصادق في الوقت المطلوب على الخرائط الهيكلية».
وتابع عودة: ليس أمامنا غير الوقوف بأجسادنا، والقيادة قبل سائر الناس لنتصدى ضد الهدم، ولا توجد طريق أجدى من الاستعداد للتضحية والوقوف قبالة الجرافات، لتفهم المؤسسة الحاكمة أن الهدم ليس نزهة أو رحلة، وإنما مواجهة مكلفة.
وقال النائب أحمد الطيبي إنه «في قسم كبير من البلدات العربية، لا توجد خرائط هيكلية وتوسيع مناطق النفوذ، ولذلك يضطرون للبناء من دون ترخيص. لا يوجد عربي يبني هكذا لأنه يريد ذلك».
وقال النائب يوسف جبارين إن التعديل الجديد (قانون كامينيتس) هو قانون استبدادي، مثل وجه حكومة اليمين المتطرف التي تتفنن بتشريع القوانين العنصرية غير الديمقراطية.
وأصدرت القائمة المشتركة بياناً أوضحت فيه أن مشروع القانون الأصلي، كما طرحته الحكومة، كان أسوأ من الصيغة التي تم إقرارها. فقد عملت القائمة المشتركة بكثافة ونشاط خلال جميع المداولات والنقاشات على إعداد القانون في لجنة الداخلية لمحاولة إبطاله، ومن ثم وصوله إلى هيئة الكنيست العامة والتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة. واستطاع النائبان، المحامي أسامة السعدي والدكتور عبد الله أبو معروف، تقديم أكثر من 2500 اعتراض، الأمر الذي وضع الحكومة ومقدمي القانون في مأزق، مما اضطرهم للموافقة على إجراء تعديلات مهمة على الصيغة الأصلية للقانون، وتخفيف قساوته وعدوانيته.
وأهم هذه التعديلات بدء العمل بتنفيذ القانون بعد 6 أشهر من تشريعه، ويسري فقط على الأبنية الجديدة التي ستبنى بعد سريانه. أما بند رسوم استهلاك واستعمال المباني، فقد نجح نواب المشتركة في أن تشمل هذه الرسوم البيوت التي بنيت قبل سنتين من بدء العمل بالقانون وسريانه، في حين كان النص الأصلي لثلاثين عاماً إلى الوراء، واستطاع نواب المشتركة ترك مساحة وإمكانية ولو بسيطة للمواطن أن يتوجه للمحكمة للاعتراض.
أيضاً استطاع نواب المشتركة إدخال تعديل جوهري إضافي ينص على سريان القانون الجديد على استعمال البيوت من دون ترخيص المبنية قبل سنتين من نشر القانون، فقط بعد سنتين ونصف لإتاحة المجال للسلطات المحلية لإقرار الخرائط الهيكلية أو تحضيرها وتقديمها إلى الهيئات الرسمية. أيضاً استطاعت القائمة المشتركة لأول مرة أن يقوم المستشار القضائي للحكومة بتقديم ورقة خطية تشمل سياسة تطبيق القانون بشكل فعلي، وأدخلنا تعديلاً جوهرياً ينص على عدم تنفيذ أي أوامر هدم داخل الخط الأزرق، ليس فقط في الخرائط الهيكلية المصادق عليها، وإنما أيضاً الخرائط الهيكلية المقترحة المقدمة لهيئات التخطيط الرسمية».
ومع ذلك، أكدت القائمة أن جوهر القانون عنصري بامتياز، وتشريعه يشكل تصعيداً خطيراً ضد الجماهير العربية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».